دراسة دمج القطاع النفطي: أرقام مبالغ فيها وتحدي الحفاظ على حقوق العمال

-+=

مر القطاع النفطي في دولة الكويت بعدة مراحل مفصلية من أهمها عملية التأميم التي حدثت في العام 1975 بقيادة القوى الوطنية في مجلس الأمة الكويتي وعلى رأسها النائب الوطني الكبير المرحوم عبد الله النيباري، وكان للقوى النقابية، التي كان يقودها التقدميون، دوراً كبيراً في عملية التأميم حيث تم خلق تأييد كبير في صفوف العمال لعملية التأميم، وتم حشد الجماهير العمالية وإقامة الندوات الجماهيرية وإصدار البيانات تأييداً لخطوات التأميم حتى النجاح، وأصبحت دولة الكويت تملك جميع الشركات النفطية العاملة في مجال التنقيب والتكرير وصناعة البتروكيماويات ونقل النفط الكويتي.  

وبعد التأميم أنشأت الدولة في العام 1980 مؤسسة البترول الكويتية لتقوم بإعادة هيكلة الشركات النفطية بحيث تكون كل شركة مسؤولة عن نشاط محدد، ومن أهم هذه الشركات شركة نفط الكويت، وشركة البترول الوطنية الكويتية، وشركة الصناعات الكيماوية، حيث أصبحت شركة نفط الكويت مسؤولة عن التنقيب عن النفط الخام وإنتاجه في دولة الكويت، وشركة البترول الوطنية الكويتية مسؤولة عن تكرير النفط الخام، وشركة صناعة الكيماويات البترولية تقوم بصناعة الأسمدة الكيماوية والمواد الأساسية المستخدمة في صناعة البتروكيماويات، وهناك عدة شركات صغيرة تحت مظلة مؤسسة البترول الكويتية، وهي شركة ناقلات النفط الكويتية، وشركة الاكتشافات البترولية، وشركة البترول الوطنية العالمية.

 استمر الوضع على ما هو عليه في مؤسسة البترول إلى بداية العام 2000 حيث تم إنشاء ثلاث شركات نفطية جديدة في سنوات مختلفة، وهي شركة نفط الخليج المسؤولة عن عمليات الإنتاج في المنطقة المحايدة مع المملكة العربية السعودية، وشركة التنمية النفطية، وكان الهدف منها تطوير حقول الشمال، وشركة خدمات القطاع النفطي حيث تم نقل جميع العاملين في الأمن والمطافئ في الشركات النفطية الأخرى إليها، وتم وضع مستشفى الأحمدي تحت مظلتها، ولكن لم تستمر هاتان الشركتان طويلاً وتم حلهما بعد سنوات قليلة من إنشائهما، وعاد العاملون فيهما إلى الشركات النفطية الأخرى بسبب عدم النجاح في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.

وفي العام 2016 تم إنشاء الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة وهي مسؤولة عن إدارة مجمع الزور النفطي الذي يتكون من مصفاة الزور ومرفأ الغاز المسال ووحدات البتروكيماويات (مشروع تحت الدراسات الهندسية)، وبعد الانتهاء من إنشاء مصفاة الزور تم تكليف أحد الدور الاستشارية العالمية بالقيام بدراسة لدمج الشركات النفطية وتكوين 3 إلى 4 كيانات نفطية تضم الشركات الحالية كمرحلة أولى، ومن ثم إنشاء كيان نفطي واحد يضم جميع الشركات الحالية تحته، كما هو الحال في شركة “أرامكو” السعودية أو الشركات النفطية العالمية مثل “شيفون” و”بي ﭙـي” و”شل” .الهدف من الدمج، عند تقديم الطلب للمستشار العالمي، كما ذكر، هو دراسة تقليل التكاليف التشغيلية للمرافق الحالية ومرونة إدارة الأصول.

 انتهى المستشار العالمي من الدراسة في منتصف العام 2020 وبسبب جائحة كورونا وتغيير الإدارة التنفيذية في مؤسسة البترول لم يتم اتخاذ القرار النهائي بالدمج وظلت الدراسة حبيسة الأدراج لعدة سنوات، وقبل أشهر تحرك الموضوع مرة أخرى من أجل البت بعملية الدمج، وأثناء مراجعة الدراسة اتضح أن المبالغ التي ذكرت في الدراسة والتي سيتم توفيرها بحالة الدمج، بمرحلتيه، هي أرقام مبالغ فيها وغير دقيقة، ومن التحديات التي لم تتم دراستها بشكل كامل وواضح هي موافقة البنوك التي أقرضت الشركات النفطية لتمويل المشاريع الرأسمالية الكبيرة مثل مشروع الوقود البيئي في شركة البترول الوطنية الكويتية ومشروع مرافق الغاز المسال في الشركة البترولية المتكاملة. ومن أبرز التحديات، أيضاً، التي تواجه عملية الدمج هي حقوق العمالة الوطنية في الشركات بعد الدمج، حيث سيخسر بعض العاملين بعض المميزات التي تتميز بها بعض الشركات الحالية المتعلقة بطبيعة العمل والمهام التي يقوم بها العامل. فهل تنجح عملية الدمج على أرض الواقع، أم تضيع الدراسة في دوامة الموافقات الحكومية؟.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

القضايا القومية من منظور التقدميين الكويتيين

إن طريق شعوب الأمة العربية نحو التقارب والاتحاد مرتبط بالضرورة بالتحرر الوطني والقومي، فالوحدة العربية ليست مجرد حلم قومي مأمول، وإنما هي خطوة مستحقة على طريق استكمال التحرر الوطني والقومي، بما في ذلك إزالة التجزئة.

مآلات العدوان الصهيوني الأميركي على إيران

التحدي الذي يواجه طهران اليوم يتمحور في كيفية التعاطي مع التطورات التي سبقت وأعقبت العدوان، وأهمها الاختراقات الأمنية التي كادت أن تحدث فرقاً كبيراً، وفي التعاطي مع الداخل الإيراني الذي أكد مجدداً الانتماء لبلده

شبح الإستعمار الترامبي ودفتر الشروط والشيكات 

مسار الصراع الوطني والطبقي في المنطقة عسير وخطير، وأمام اليسار وقوى التحرر والديمقراطية امتحان فكري وسياسي وتنظيمي، ومراجعة للتخلص من الفئوية والرمادية والتشرذم، وبناء أواصر الثقة مع الفئات الكادحة، وإطلاق ورشة عمل لتوحيد الصفوف وتنظيمها

لا مجد في الحرب

تُستقى حكمة المعركة الحقيقية من فنادق الخمس نجوم حيث تُعقَد صفقات السلاح، ومن الغرف المغلقة حيث تتفاوض النخب عبر الحدود لتسوية الأمور لمصلحتها.