لا للتهجير، لا للتوطين، لا للإبادة الجماعية.. فلسطين عربية

وسط مذابح واغتيال الآلاف من أطفال فلسطين على يد العدوان الصهيوني عقب عملية طوفان الأقصى على يد المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن، احتفل العالم فى العشرين من نوفمبر بـ “يوم الطفل العالمي”.

قال سليم عويس المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إن أرقام القتلى والجرحى في صفوف غزة أصبحت مرعبة ومخيفة جداً. وأضاف لـ “وكالة أنباء العالم العربى” مازال الأطفال في غزة يعانون أشد المعاناة، وقُتِل حتى الآن أكثر من خمسة آلاف طفل وأصيب أكثر من تسعة آلاف طفل بجانب 1500 طفل مفقودين ومدفونين تحت أنقاض المنازل التي هُدِمت على رؤوس قاطنيها”.

وفي يوم الخامس والعشرين من نوفمبر احتفل العالم باليوم العالمى لـ “مواجهة العنف ضد المرأة” وسط جرائم الحرب الصهيونية المستمرة بواسطة الأسلحة الأميركية على الشعب الفلسطيني حيث تم قتل الآلاف النساء، وتشريد مئات الآلاف من النساء بأطفالهم وعائلاتهم، وتهجيرهم قسرياً نتيجة هدم منازلهم بل وهدم المرافق من مستشفيات ومدارس وجوامع وكنائس ومخابز ومحطات تحلية المياه. هذا بجانب العنف الذي يقع على الأسيرات (40 أسيرة) في سجون الاحتلال.

وفي التاسع والعشرين من نوفمبر “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، تم رفع الأعلام الفلسطينية في أنحاء العالم وارتفعت أصوات الملايين من شعوب العالم الحرة الأبية تطالب بتحرير فلسطين ووقف الحرب ومحاكمة مجرمي الحرب من الحكومة الصهيونية وجيش الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية.

في بداية هذا العام رفع رئيس وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة للكيان الصهيوني بنيامين نيتانياهو خريطة “إسرائيل” في الأمم المتحدة تضم الضفة الغربية وقطاع غزة. ومنذ مجيء الحكومة اليمينية المتشددة في بداية عام 2023، وهي تقترف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني من اعتداء عليه وحرق القرى وتدمير المنازل فوق رؤوس قاطنيها واستباحة باحات المسجد الأقصى.

جاءت الحكومة اليمينية العنصرية من أجل التطهير العرقي للفلسطينيين لإنشاء دولة يهودية خالصة وفقاً لقانون “القومية اليهودية” الذي أقره الكينيست الإسرائيلى في عام 1918 بعد مجيء السيد دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية واعترافه بأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية.

بل وجاء دونالد ترامب بمخطط صفقة القرن التي رفضها الفلسطينيون ورفضتها جميع الشعوب العربية لأنها تتضمن تصفية قضية الصراع العربى – الصهيونى وتتضمن تنفيذ خطة (أشرف عليها مستشاره وصهره جاريد كوشنر) والتي بموجبها يتم اقتلاع أهالي الضفة الغربية وتوطينهم في الأردن واقتلاع أهالي غزة من وطنهم وتوطينهم في سيناء. وبالطبع تم رفض الخطة من جانب مصر والأردن ومن جانب الفلسطينيين وقالت وقتها حركة حماس “لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة”، وتأكد الرفض أكثر من مرة مع محاولات في 2019.

لم تكن فكرة توطين الفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء المصرية وليدة صفقة القرن، ولكن سبقتها خطط قديمة منذ القرن الماضى بل وبدأت منذ الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 بخصوص توطين اليهود في سيناء، وعندما تم الرفض من الجانب المصري وقتها، جاء الصهيوني تيودور هرتزل إلى مصر في مارس 1903 على متن السفينة النمساوية سميراميس لبحث إمكانية توطين اليهود الصهاينة في شبه جزيرة سيناء وفشل فى تحقيق ذلك.

وفي عام 2000 وضع جيورا آيلاند رئيس قسم التخطيط في جيش الاحتلال الصهيوني ورئيس مجلس الأمن القومي الأسبق خطة استخباراتية سياسية لاستغلال سيناء بتوسيع قطاع غزة الفلسطيني من خلال اقتطاع جزء من سيناء وضمها لحيازته، بتنازل مصر عن 720 كم مربع من سيناء على هيئة مستطيل ضلعه بطول 24 كم على طول شاطىء البحر المتوسط من رفح غرباً حتى مدينة العريش وبعرض 20 كم داخل سيناء ويضاف شريط يقع غرب معبر كرم أبو سالم جنوباً على طول الحدود بين مصر والأراضي المحتلة. وتم وقتها عرض الخطة على الرئيس حسنى مبارك ورفضها رفضاً قاطعاً.

والآن وعقب طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، على يد المقاومة الفلسطينية وتكبيد العدو الصهيوني خسائر كبيرة بشرياً وعسكرياً، وفشل العدو استخباراتياً وعسكرياً وإعلامياً، أمام المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية الفلسطينية، نشر إيدى كوهين الصهيوني نداءً إلى مواطني قطاع غزة بالنزوح إلى مصر حفاظاً على حياتهم، بما يعني تصفية القضية الفلسطينية، بتهجير أهالي غزة تهجيراً قسرياً. وبالطبع رفضت مصر وأيضاً رفض الفلسطينيون ذلك، لأنهم ولدوا وسيدفنون على أرضهم، ودفعوا أرواحهم ودماءهم للدفاع عن حقهم في مواجهة العصابات الصهيونية منذ أن جاءت للاستيلاء على فلسطين بموجب وعد بلفور 1917.

يقول الشاعر السعودي مهذل الصقور:

أتظن أنك عندما أحرقتنى     ورقصت كالشيطان فوق رفاتى.

وتركتني للذاريات تذرنى     كحلاً لعين الشمس في الفلوات

أتظن أنك قد طمست هويتي   ومحوت تاريخي ومعتقداتي

عبثاً تحاول لافناء لثائرٍ      أنا كالقيامة ذات يوم آتٍ

منذ قيام عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، رداً على الجرائم اليومية التى ترتكبها الحكومة الصهيونية ويرتكبها المستوطنون المسلحون المحتلون للأراضي الفلسطينية، منذ ذلك اليوم يقوم الكيان الصهيوني بالعدوان المستمر على الفلسطينيين العزَّل حيث ألقى آلاف الأطنان من المتفجرات والقنابل على رؤوس النساء والأطفال والشيوخ وكل أهالي قطاع غزة، كما قام بتدمير المستشفيات والمساجد، بجانب دك وهدم مدارس الأونروا التي يلجأ السكان إليها هرباً من القتل.

 كما قام العدو الصهيونى بقطع المياة والكهرباء ومنع الغذاء والدواء عن قطاع غزة ممَّا يهدد بموت الآلاف من أهالي القطاع، وموت محقق للجرحى والمصابين. إن ما تقوم به حكومة الاحتلال من تجويع الشعب الفلسطيني وحصاره وتهجيره قسرياً جريمة ضد الإنسانية ويعتبر نكبة أخرى بعد نكبة 1948.

يقوم الكيان بكل جرائمه البشعة تحت أعين وسمع الدول الاستعمارية الكبرى ووسط تأييد الولايات المتحدة الأميركية الصارخ لإسرائيل حيث قال بايدن ” من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها”. وفي نفس الوقت قال الدكتور ستيفن والت العالم السياسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد “أدانت أميركا هجمات حماس كالعادة، واعتبرتها غير مبررة، متجاهلة عن عمد السياق الذي جرت فيه، وكذلك السياسات الإسرائيلية، التي تجعل الفلسطينيين يشعرون أنهم ليس أمامهم خيار سوى اللجوء للقوة، رداً على العنف الذي يتعرضون له بصورة روتينية، إن هجمات الفلسطينيين مفهومة كرد فعل على الظروف التي يعيشونها”.

ومن الخزي والعار أن تتم كل هذه الجرائم تحت بصر الحكام العرب المطبعين مع الكيان الصهيوني ولا يتحركون لأخذ أي موقف لمساندة الفلسطينيين الذين يدافعون عن الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي ويدافعون عن مقدساتنا المسيحية والإسلامية، يدافعون عن كرامة وعزة الأمة العربية. لقد خرست الألسنة من أجل الحفاظ على العروش والمصالح الخاصة على حساب مصالح الشعوب والأوطان.

وقبل أن أنهي مقالى أود أن أضيف أنه عندما خرج المصريون بالآلاف، في كل ميادين محافظات مصر تضامناً مع المقاومة الفلسطينية، ضد العدوان الصهيوني وضد الدول الاستعمارية التي ساندته، بل وشاركته في هذا العدوان، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا. تم للأسف بعد  المظاهرة إلقاء القبض على أكثر من مائة من الشباب والكبار وما زالوا في السجون المصرية.

إننا نطالب بـ:

الوقف الفوري للعدوان الصهيوني ووقف شلالات الدم فى غزة.

إنهاء الحصار وفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية فوراً من غذاء ودواء ووقود ومستلزمات طبية إلى أهالي قطاع غزة.

وقف التطبيع فوراً مع الكيان الصهيوني وإغلاق سفارات ومكاتب العدو في بلداننا العربية وطرد السفراء الصهاينة، واستدعاء سفرائنا من الكيان العنصري الاستيطاني.

مقاطعة الشعوب للعدو الصهيوني والدول التي تسانده وتدعمه وفي مقدمتها أميركا وتكون المقاطعة شاملة اقتصادية واجتماعية وثقافية ورياضية وفي جميع المحافل الدولية.

توثيق جرائم الحكومة وجيش الاحتلال الصهيوني وتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية من أجل محاكماتهم على جرائم الحرب التي يرتكبونها بحق الشعب الفلسطينى.

الإفراج عن المعتقلين من المصريين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكل تهمتهم حب الوطن والدفاع عن العزة والكرامة والتضامن مع المقاومة الفلسطينية.

 لم شمل العائلات المصرية الفلسطينية بالسماح للعالقين من الفلسطينيين والمصريين على معبر رفح ( منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة) بالدخول من الجانب المصري أو الخروج من الجانب الفلسطيني للمساهمة في القضاء على معاناة هذه الأسر وللاطمئنان على ذويهم ولم شملهم.

إننا نرفض ويرفض معنا الشعب الفلسطيني مخطط التهجير القسري والتوطين الذي يقوم به الكيان الصهيوني.

المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والنصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للمحتل والخزي والعار للمُطبِّعين من الحكام العرب.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

تصويت تاريخي: 187 دولة في الأمم المتحدة تطالب بإنهاء الحصار الأميركي الجائر على كوبا

صوتت الأمم المتحدة يوم الأربعاء 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على مشروع القرار المعنون ”ضرورة إنهاء الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الذي تفرضه حكومة الولايات المتحدة ضد كوبا“، حيث صوتت 187 دولة لصالح إلغاء هذه السياسة الأميركية المعادية .

احتدام حرب الجنرالات في السودان

تجددت الاشتباكات بين جنرالات الحرب في السودان الجنرال “حميدتي” قائد ميليشيا الدعم السريع، والجنرال البرهان قائد الجيش المختطف من الحركة الإسلامية، بشكل أكثر شراسة خلال شهر أكتوبر المنصرم على جميع محاور القتال، بخاصة في محوري الخرطوم وولاية الجزيرة.

أيقونة المقاومة الفلسطينية ليلى خالد في حوار خاص مع «تقدُّم»: عملية 7 أكتوبر بداية معركة التحرير والمقاومة بوصلتنا

خلاصة خبرتها النضالية ورؤيتها الثورية المفعمة بروح المقاومة والثقة بتحقيق النصر وتحرير فلسطين كل فلسطين، ولتضع أمامنا قراءتها للمشهد المقاوم المستمر منذ أكثر من عام في مواجهة العدوان الصهيوني على قطاع غزة الصامد، بالإضافة إلى حديثها عن الحاضنة الشعبية للمقاومة ودور جبهات الإسناد في دعمها.

العدوان الصهيوني على لبنان: الأهداف والمواجهة

في هذه المعركة المفتوحة، والطويلة، وبغض النظر عن مساراتها، ومراحلها، تترابط مسائل التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ومواجهة السيطرة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية، فلنكن على مستوى التحدّي.