إنهاء نهج الدولة الريعية لا يعني إنهاء دولة الرعاية

-+=

قدمت الحكومة الجديدة لدولة الكويت برنامجها إلى مجلس الأمة للفصل التشريعي السابع عشر 2024-2027 تحت شعار “وطن عادل وآمن ومستدام”، و الذي نشرته الصحافة الكويتية في نفس اليوم، وبعد الاطلاع عليه فقد كانت السمة الأكبر على البرنامج هي التركيز على الجانب الاقتصادي وما أسمته بتحديات استدامة الرفاه ومخاطر الاستمرار بالسياسات “الريعية”، وهنا أود الإشارة أن سياق البرنامج المطروح يغلب عليه الطابع الأكاديمي المنتمي إلى مدرسة اقتصادية بنزعة رأسمالية نيوليبرالية منحازة طبقياً ضد الشريحة الأكبر من الناس، بالإضافة إلى الخلط ما بين السياسات “الريعية” ودولة “الرعاية” فلابد من التوضيح والتفريق ما بينهما، فالدولة “الريعية” تعني أن اقتصاد الدولة غير منتج ويعتمد على الريّع كما هو الحال في الكويت التي يرتكز اقتصادها على مورد أحادي وهو تصدير النفط الخام فقط وهي حالة اقتصادية متخلفة من المفترض تجاوزها منذ زمن بتنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، أما دولة “الرعاية” يكون للدولة فيها دور أساسي وحيوي في الرعاية الاجتماعية بتأمين مستوى مناسب للحياة والعيش الكريم لكافة أفراد المجتمع في التعليم والصحة والنقل غيرها، لذا من المهم أن يكون لدينا توازي ما بين وجود إصلاحات وسياسات اقتصادية بديلة لبناء اقتصاد وطني منتج وما بين العمل على إصلاح السياسات الاقتصادية الاجتماعية لصالح الشريحة الأكبر من الشعب وحماية المكتسبات الدستورية.

ففي الوقت الذي نؤكد على ضرورة تجاوز السياسات الريعية للدولة فإننا نرفض المساس والانتقاص من المكتسبات الشعبية والدستورية وتخلي الدولة عن مسؤوليتها في الرعاية الاجتماعية وتطوير الخدمات العامة ورفاهية الشعب تحت حجج اقتصادية أثبتت فشلها في تجارب سابقة، ولا يتحمل الشعب فاتورة فساد حكومات سابقة وفشلها بالإدارة، المطلوب من الحكومة أن تكون شفافة ودقيقة في طرح برنامجها ورؤيتها للناس بعيداً عن الكلام الإنشائي، بالنهاية التغيير الحقيقي يكون بتغير النهج وليس الأسماء.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

الصمود والمقاومة في مواجهة الإبادة والتهجير

عامان من الصمود الأسطوري، وربع مليون، بين شهيد وجريح ومفقود وَلَدَت حالة وعي شعبي أممي بحقيقة الصراع وجذوره، وتنامت حالة تضامن عابرة للبنى الاجتماعية والسياسية في أقطار القارات الخمس، وتحول الرأي العام لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه داخل عدد من الدول، كانت تعتبر معاقل نفوذ وسطوة إعلامية صهيونية

بعد 41 عاماً .. عود على بدء : إتفاق 17 أيار/ مايو بحلة جديدة

نعود اليوم إلى دق ناقوس الخطر الذي يهدد بزوال العالم العربي، بدءاً من فلسطين ولبنان، وتالياً سوريا. أما الحل، فيكمن في التحرك السريع لتجميع القوى التي ترفض التطبيع في إطار حركة تحرر عربية جديدة تعلن عن مكوناتها وبرنامجها للحل الجذري وتضع الآليات المرحلية لتنفيذه

التحديات التي تواجهها الدولة المصرية مع بداية عام 2026

اتسعت الفجوة الطبقية بين القلة التي تتحكم في السلطة ورأس المال، وبين ملايين الشعب المصري الذي ازداد فقراً، وبدأت الديون في ازدياد مستمر لأننا لا ننتج إلا قليلاً، ولأنه تم صرف القروض على البنية التحتية وبناء مدن جديدة لا يسكنها أحد إلا نسبة ضئيلة، دون الالتفات إلى أهمية التنمية الإنتاجية وأهمية تنمية الموارد البشرية