العدوان الصهيوني على لبنان: الأهداف والمواجهة
في هذه المعركة المفتوحة، والطويلة، وبغض النظر عن مساراتها، ومراحلها، تترابط مسائل التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ومواجهة السيطرة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية، فلنكن على مستوى التحدّي.
شهدت جبهة جنوب لبنان، خلال الأيام الماضية، وتيرة متصاعدة في التطورات الميدانية والاعتداءات الصهيونية على قرى وبلدات لبنانية، أسفرت عن سقوط شهداء مدنيين وتدمير مبان سكنية، واستمرار العدو بقصف محيط محطة الوزاني لضخ المياه، التي استهدفها في 6 شباط/ فبراير الماضي، لمنع فرق الصيانة من إصلاح الأضرار التي لحقت بمضخات أساسية فيها تضخ المياه إلى قرى في أقضية مرجعيون وصور وبنت جبيل، وهو الاستهداف الثاني الذي تتعرض له المحطة بعد قصفها في عدوان تموز العام 2006. وكان العدو قد تلقى، يوم الثلاثاء الماضي، ضربة موجعة، باستهداف قاعدة القيادة الشمالية، في صفد المحتلة، بصواريخ، أطلقت من لبنان، فشلت القبة الحديدية في اعتراضها، وأعلن جيش العدو الصهيوني عن مقتل مجندة وإصابة 8 جنود جروحهم ما بين المتوسطة والخطيرة، بالضربة الصاروخية. القاعدة العسكرية المستهدفة تبعد حوالى 15 كلم من الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، ما يحمل رسالة واضحة أن قواعد العدو في المرمى.
رد العدو بارتكابه، ليل الأربعاء الماضي، مجزرتَيْن بحق المدنيين، فقد قصفت مُسيرة مبنى في منطقة النبطية جنوب لبنان، وهو مبنى سكني، ذهب ضحيته شهداء مدنيين، من بينهم 7 شهداء من عائلة واحدة و7 جرحى. وتمكنت فرق الدفاع المدني، بعد مواصلة عمليات رفع الأنقاض والبحث في محيطه، من انتشال جثامين الشهداء الـ 11. مجزرة النبطية أتت بعد مجزرة الصوانة التي أسفرت عن استشهاد إمرأة مع طفليها. مجازر مطابقة للمجازر التي يرتكبها العدو في قطاع غزة، بتعمده استهداف المدنيين وقتلهم وتدمير المساكن السكنية.
ردت المقاومة على مجزرتَي النبطية والصوانة بقصف لمستوطنة “كريات شمونة” الصهيونية في فلسطين المحتلة، ومراكز تجسسية ومواقع عسكرية للعدو في مزراع شبعا المحتلة.
على صعيد تطور التهديدات ضد لبنان نقل عن وزير الحرب الصهيوني، يوآف غالانت، قوله إن “طائراتنا في سماء بيروت تحمل قنابل ثقيلة وقادرة على ضرب أهداف بعيدة”، وأضاف “يمكننا الهجوم حتى عمق 50 كلم في بيروت وأي مكان آخر”. على صعيد متصل أشارت صحيفة “هآرتس” الصهيونية إلى أن “وحدة ساحتَي غزة ولبنان تمتد من المجال العسكري إلى المجال الدبلوماسي أيضاً”، ممَّا يوضح أن الرسائل الدبلوماسية والمبادرات والمقترحات المقدمة إلى لبنان من موفدين دوليين هدفها فرض منطقة عازلة بين لبنان وفلسطين المحتلة، لحماية الكيان الصهيوني ومستوطناته، ومنع المقاومة في جنوب لبنان من دعم المقاومة الفلسطينية.
يغيب عن تصريحات وزير الحرب الصهيوني بأن طائرات قتله التي تحمل قنابل ثقيلة أميركية الصنع، لا هي ولا غيرها من آلات القتل ترهب الحق في مقاومة الاحتلال والرد على عدوانيته ومجازره.
كلام عن منطقة عازلة شمال سيناء.. ومجازر في قطاع غزة
تصاعد الكلام، خلال الأيام الماضية، عن إقامة مصر منطقة عازلة في رفح للنازحين، وهو ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، في تقرير لها، نقلاً عن مسؤولين مصريين لم تحدد هويتهم، وأشارت الصحيفة إلى أن المنطقة العازلة تقع شمال سيناء وتقدر مساحتها بحوالى 13 كلم2، وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤولين مصريين أن “الفلسطينيين الذين قد ينزحون إلى المنطقة العازلة في شمال سيناء سيسمح لهم بالسفر فقط إذا كانوا متوجهين إلى دول أخرى”. وقد نفى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، يوم السبت 17 الحالي، نية مصر “إعداد أي أماكن آمنة للمدنيين في غزة”، مضيفاً أن “الحديث عن بناء جدار على حدود مصر مع غزة هو مجرد افتراض، ونحن نجري عمليات صيانة فقط”. وكانت مصر قد نفت، يوم الجمعة الماضي، ما أورده تقرير وول ستريت جورنال، حول إعدادها منطقة عازلة محاطة بجدران خرسانية لإيواء النازحين الفلسطينيين قرب حدودها مع قطاع غزة، في حال تهجيرهم قسرياً.
وزير خارجية الكيان الصهيوني، يسرائيل كاتس، أكد في كلمته على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي استمرت أعماله من 16 إلى 18 شباط/ فبراير الحالي، أنه “سيتم التنسيق مع القاهرة بشأن اللاجئين الفلسطينيين، وسنجد طريقة لعدم الإضرار بمصالحها”.
تصريحات وتقارير تؤكد مدى التحضير لعملية تهجير اللاجئين من رفح، الذين يقدر عددهم بـ 1.4 لاجئ يعيشون بمنطقة تقدر مساحتها بحوالى 55 كلم2. يمنع العدو الصهيوني، منذ أكثر من أسبوعين، إدخال مساعدات إليها. لاجئون يواجهون، وحدهم، الحصار وظروف الطبيعة، وشح الأدوية والماء، وعدم توفر مراكز العلاج.
ميدانياً، ارتكب العدو الصهيوني مجازر في العديد من محافظات قطاع غزة، فقد شنَّ غارات على حي النصر، في رفح، أدَّت إلى سقوط 9 شهداء، وغارات على مخيم الشابور سقط فيها 4 شهداء، وتدمير منازل سكنية مأهولة. كما سقط 5 شهداء بقصف صهيوني على مناطق متفرقة من رفح، وقام العدو بقصف لأرض زراعية تؤوي نازحين شمال رفح ذهب ضحيته 7 شهداء بينهم 3 أطفال. واستشهد 6 بينهم طفلان وامرأة في قصف استهدف نازحين في خربة العدس شمالي مدينة رفح. وقصفت زوارق العدو ساحل بحر مدينة رفح. وفي حي الشيخ رضوان بمدينة غزة شنت طائرات القتل الصهيونية غارة على منزل سكني أسفرت عن استشهاد 7 وعدد من الجرحى. واسشتهد 3 جراء قصف منزل في منطقة الزوايدة في المحافظة الوسطى من قطاع غزة. وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن العدو استهدف بالقصف المدفعي الطابق الثالث من مستشفى الأمل في خان يونس.
الإعلان الصهيوني عن تحضيره لعملية عسكرية عدوانية في رفح، والضوء الأخضر الأميركي له، واجهته جنوب أفريقيا للمرة الثانية بتقديم طلب، يوم الاثنين الماضي، إلى محكمة العدل الدولية، دعت فيه إلى اتخاذ اجراءات إضافية واستخدام سلطتها الكاملة من أجل وقف العملية العسكرية التي يخطط لها الكيان الصهيوني ضد رفح، أعلنت المحكمة أن “هذا الوضع المثير للقلق، يتطلب التنفيذ الفوري والفعال للتدابير المؤقتة التي أشارت إليها المحكمة في أمرها الصادر في 26 كانون الثاني/ يناير 2024، والتي تنطبق على قطاع غزة بأكمله، بما في ذلك رفح”. وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت أمرها بناء على دعوى قضائية متكاملة وموثقة قدمتها جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها في قطاع غزة.
انتصر أبناء جنوب أفريقيا، أبناء نيلسون مانديلا، للشعب الفلسطيني ووقفوا ضد الكيان الصهيوني وجرائمه في غزة وتحضيراته لعدوان عسكري في رفح، في مقابل صمت رسمي عالمي وعربي يدل على مدى الشراكة في المجازر الصهيونية بحق المدنيين ومشاريع تهجير جديدة للشعب الفلسطيني من أرضه التاريخية، كتمهيد، لتصفية القضية الفلسطينية بالنار والقتل والمجازر والحصار، وتنفيذ مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي يطال منطقتنا العربية بأكملها، لتقسيم المُقسم أصلاً بموجب اتفاقية سايكس – بيكو الاستعمارية. وما يحكى ويروّج له من خلاف بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني حول العدوان الذي يحضر له ضد رفح، هو وهم، فالجسر الجوي والبحري لنقل الأطنان من شحنات أسلحة القتل والدمار الأميركية الصنع لم يتوقف، إلى جانب الدعم السياسي للعدو الذي يمعن في ارتكاب المزيد من المجازر، بغطاء من رأس حربة الامبريالية أميركا وحلفائها.
المواجهة تحتم أن تكون شاملة بوصلتها فلسطين.. كل فلسطين، وحماية القضية الفلسطينية من مشاريع تصفيتها، بمشروع وطني تقدمي تحرري مقاوم شامل.
في هذه المعركة المفتوحة، والطويلة، وبغض النظر عن مساراتها، ومراحلها، تترابط مسائل التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ومواجهة السيطرة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية، فلنكن على مستوى التحدّي.
دفاعاً عن حرية الصحافة وما تعرضت له الزميلة الصحافية هبة أبو طه في الأردن، من تضييق وتعسف، أصدرت ٢٤ منصة إعلامية حول العالم بياناً تضامنياً
منذ عام ونيف والعدو الصهيوني يشن حربه العدوانية، بدعم أميركي، على قطاع غزة ويمعن بالاستهداف المباشر للصحافيين وتعمد قتلهم أثناء قيامهم بواجبهم، ويستهدف، بشكل مباشر، مقرات المؤسسات الإعلامية، بهدف ترهيب الكلمة التي تكشف الإجرام الصهيوني
يستمر العدو الصهيوني في تعمده استهداف الصحافيين ومكاتب الإعلام وذلك لإرهاب الكلمة التي تنقل حقيقة مجازره وإجرامه ضد المدنيين في قطاع غزة المقاوم وفي لبنان.