
واشنطن تنتزع نفوذاً جديداً: اتفاق المعادن يضع الكونغو في دائرة الشراكة الأميركية ويُقيّد التمدد الصيني
يكمن الهدف الأساسي للاتفاق في تأمين إمدادات أميركية مستقرة من المعادن الحيوية في ظل المنافسة الجيوسياسية مع الصين
أحدثت عملية طوفان الأقصى البطولية نقلة في مسار مقاومة العدو الصهيوني وما زال تأثيرها مستمراً، بما شكلته من تأكيد ضرورة مقاومة الاحتلال لتحرير الأرض وكشفت مدى الإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.
حول عملية طوفان الأقصى وما يتضمنه قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٨٠٣ الذي يكرس وصاية دولية على قطاع غزة وحماية الاحتلال، ومستقبل الصراع مع العدو الصهيوني والمشروع الوطني المقاوم للعدو وللمشاريع الامبريالية التفتيتية للعالم العربي، كان هذا الحوار الشامل مع الأمين العام للمؤتمر القومي العربي المناضل الفلسطيني ماهر الطاهر.
حاوره: فريق «تقدُّم»
أحدثت عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر العام ٢٠٢٣ وصمود المقاومة والاحتضان الشعبي لها حالة متقدمة في الفعل المقاوم، أستاذ ماهر الطاهر ما هي قراءتك لعملية “طوفان الأقصى” البطولية وموقعها في تاريخ مقاومة العدو الصهيوني؟
ماهر الطاهر: في البداية أوجه التحية لمنصة تقدم وأوجه التحية للشعب الكويتي الشقيق والأصيل الذي وقف دائماً إلى جانب القضايا القومية للأمة العربية وفي المقدمة منها قضية فلسطين، حمى الله الكويت وحمى أهلها، الكويت التي تشكل ذخراً للأمة العربية وللقضية الفلسطينية.
شكلت معركة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023 نقطة فاصلة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وجاءت في ظل تطورات سياسية عميقة ومتسارعة على الصعيد العالمي، لأن القوى الاستعمارية والإمبريالية تحاول السيطرة على منطقتنا من أجل استمرار التفوق والهيمنة في هذه المنطقة.
في ظل هذه التطورات واحتدام الصراع الكوني اندلعت معركة طوفان الأقصى، وعشية هذه المعركة بلغت ممارسات العدو الصهيوني درجة غير مسبوقة من الإرهاب والاستيطان والاعتقالات، وبدأ قادة الكيان يتحدثون عن حسم الأمور وأنه قد آن الأوان لتصفية القضية الفلسطينية، لذلك جاءت معركة طوفان الأقصى معركة دفاع عن النفس ورداً على الجرائم الصهيونية المتواصلة، والتي توهم الاحتلال من خلالها أنه سيحسم الأمور ويضم الضفة الفلسطينية ويسيطر بشكل كامل على مدينة القدس وعلى كل فلسطين.
فوجئ العدو الصهيوني وجيشه المدجج بكل أنواع السلاح بيوم السابع من أكتوبر، والذي شكل نقطة تحول في مسار الصراع مع المشروع الصهيوني، هذه المعركة هي معركة تاريخية بكل معنى الكلمة
فوجئ العدو الصهيوني وجيشه المدجج بكل أنواع السلاح بيوم السابع من أكتوبر، والذي شكل نقطة تحول في مسار الصراع مع المشروع الصهيوني، هذه المعركة هي معركة تاريخية بكل معنى الكلمة، وصفحة مجد في تاريخ الشعب الفلسطيني والعربي وأحرار العالم كله، جسدت ورسمت مشهداً أسطورياً من جانبين:
الأول: بطولات استثنائية لشعب يكافح بكل صلابة منذ قرن من الزمان، تعرض لأبشع المخططات والمؤامرات الاستعمارية التي شردته في كل أصقاع الأرض، ومجازر غزة اليوم ليست رد فعل على طوفان الأقصى، بل هي امتداد وتتويج لمجازر سابقة اقترفتها الصهيونية على مرأى ومسمع من العالم أجمع منذ عام 1948، بل قبل ذلك أيضاً.
أما الجانب الثاني من المشهد الذي أظهرته معركة الطوفان، أنها كانت كاشفة للعورات، وكاشفة لكثير من الحقائق التي أصبحت ساطعة وشاهدها العالم كله، ومن أهم هذه الحقائق:
أولاً: أظهرت هذه الملحمة أن لا وجود لقانون دولي وشرعية دولية، نظراً للاحتقار التام الذي واجه به الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية العالم كله، واتضح بشكل لا لبس فيه أن القانون السائد في هذا العالم هو قانون شريعة الغاب وقانون الأقوى، وهذه حقيقة أظهرتها بكل وضوح دماء أطفال غزة ونسائها وشيوخها وشبابها، وتدمير القطاع وهدم البيوت والمساجد والكنائس والمستشفيات، وهذه حقيقة سيكون لها آثارها الاستراتيجية في العالم أجمع في المرحلة القادمة، إن قطاع غزة محاصر منذ 20 عاماً، بقعة أرض صغيرة مساحتها 360 كم مربع، لا يدخل لهذا القطاع أي إمدادات، ويتمكن شعبنا من خوض معركة أسطورية لأكثر من عامين متتاليين، بذلك فإن غزة المحاصرة صنعت معجزة تاريخية بكل معنى الكلمة، وبدون أي إمدادات صمدت وقاتلت ولا زالت تقاتل وستستمر في القتال، والضفة الفلسطينية والقدس وأهلنا في الـ 48 يخوضون معركة بطولية ويقدمون الشهداء يوماً بعد يوم.
ثانياً: أظهرت معركة الطوفان أن العدو الأول للشعب الفلسطيني ولكل الشعوب المناضلة هو الولايات المتحدة الأميركية التي تقود المعركة، وأعطت الكيان الصهيوني الرخصة الكاملة لممارسة حرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني.
ثالثاً: كشفت ملحمة طوفان الأقصى للرأي العام العالمي حقيقة الكيان الصهيوني وحقده واجرامه، ككيان فاشي نازي لا يخوض حرباً بل يقترف جرائم حرب، ولم يتمكن من تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي، ولذلك لجأ إلى قتل المدنيين والأطفال والنساء وتدمير كل شيء في قطاع غزة، كل ذلك أدى إلى تحولات كبيرة شهدناها على صعيد الرأي العام العالمي، في أميركا وبريطانيا وألمانيا، وخاصة جيل الشباب في أميركا الذين أصبحوا بغالبيتهم يؤيدون الشعب الفلسطيني، وقامت مظاهرات كبرى في العواصم الغربية، وهذا سيكون له انعكاسات هامة واستراتيجية على مستقبل كفاح الشعب الفلسطيني.
رابعاً: لا شك أن الوضع خطير على أرض فلسطين في ضوء استمرار وتصعيد العدوان، وبات واضحاً أن الهدف الحقيقي للكيان الصهيوني هو تهجير وترحيل أهلنا من قطاع غزة، وبعد ذلك ترحيلهم من الضفة ومن الأراضي المحتلة عام 48، ولذلك فإننا أمام مخطط خطير سيتصدى له الشعب الفلسطيني الذي سيبقى ثابتاً وصامداً على أرضه.
خامساً: إن الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية وأدواتهم يرسمون سيناريوهات ومخططات لمستقبل الوضع في قطاع غزة والضفة الفلسطينية والقدس، ويستهدفون تصفية القضية الفلسطينية وإن أي حديث عن ما سمي بحل الدولتين، ليس أكثر من عملية تضليل وخداع خلال العقود الماضية، وهذا التضليل والخداع لا زال مستمراً حتى اليوم وسيستمر في المستقبل، ولذلك فإننا ندعو لكي نحمي ما تحقق يوم 7 أكتوبر، لتشكيل قيادة طوارئ وطنية فلسطينية موحدة لخوض هذه المعارك المستمرة والمتواصلة مع هذا العدو المجرم.
سادساً: وجهت معركة طوفان الأقصى ضربة عميقة لسيناريوهات التطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية. وكل الاستطلاعات تؤكد أن الغالبية الساحقة من أبناء الأمة العربية يرفضون التطبيع مع الكيان الغاصب.
سابعاً: وجهت معركة طوفان الأقصى ضربة كبيرة لمخططات أميركا والكيان الصهيوني لزرع بذور الفتن الطائفية والمذهبية في المنطقة، وأكدت من خلال تماسك وتلاحم قوى المقاومة أن هذه المخططات سيكون مصيرها الفشل الذريع.
إنّ ملحمة الطوفان التاريخية قد أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأحداث في العالم، وأصبحت على أجندة كل شعوب الأرض، بعد أن شاهد العالم حرب الإبادة التي يمارسها العدو الصهيوني، قتل الأطفال والنساء والشيوخ على مرأى ومسمع من البشرية كلها، واليوم فإن الكيان الصهيوني المجرم يقف في قفص الاتهام أمام محكمة الجنايات الدولية بعد اقترافه لحرب الإبادة.
إن الشعب الفلسطيني يقدر ويثمن عالياً انتفاضة شعوب العالم، وخاصة في الجامعات وضمن صفوف الشباب في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا وأميركا الشمالية، هذه الانتفاضة التي أصبحت تشكل المعيار الأساسي للضمير العالمي الذي يقف ضد الإمبريالية عدوة الشعوب وعدوة الإنسانية.
لقد شكلت ملحمة الطوفان الأقصى وصمود المقاومة حالة متقدمة في الفعل المقاوم، وسيكون لهذه المعركة نتائج استراتيجية على كافة المستويات الفلسطينية والعربية والإقليمية والعالمية.
هنا نطرح السؤال التالي: ما هو برأيك مستقبل الصراع ضد العدو الصهيوني في ظل ما أحدثته عملية طوفان الأقصى على جميع المستويات؟
ماهر الطاهر: إنّ معركتنا مع المشروع الصهيوني هي معركة طويلة الأمد، لأننا أمام اشتباك تاريخي مفتوح ومتواصل لن ينتهي إلّا بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني، لأننا أمام مشروع صهيوني لا يستهدف الشعب الفلسطيني وفلسطين فقط، بل يستهدف الأمة العربية بأسرها، وهذا ما أكدته الوقائع في الاعتداءات الصهيونية على سوريا، ولبنان، واليمن، والعراق، وتونس.
إذن، نحن أمام مشروع خطير مرتبط بالإمبريالية العالمية يريد أن يتسيد على كل المنطقة ويسيطر عليها اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، ونتنياهو يعلن بوضوح أنه يريد خلق “شرق أوسط جديد”، وأنه يريد ضرب كل القوى التي تقاوم المشروع الصهيوني، وهو يستمر باعتداءاته اليومية في كل المواقع، ليس فقط في فلسطين بل أيضاً على المستوى البلدان العربية، ووصل به الحد إلى درجة أنه قصف مدينة الدوحة ودولة قطر في خرق واضح لسيادتها.
مستقبل الصراع مع هذا العدو لن يكون إلّا لصالح أبناء الأمة العربية والشعب الفلسطيني
نحن أمام مشروع استعماري خطير جداً يستهدف الأمة العربية بأسرها، وعلى هذا الأساس، فإن مستقبل الصراع مع هذا العدو لن يكون إلّا لصالح أبناء الأمة العربية والشعب الفلسطيني، لأننا أمام كيان لا يريد أي حلول سياسية، ويتنكر لوجود الشعب الفلسطيني، ويرفض الإقرار بأي حق من حقوق شعب فلسطين، يريد السيطرة الكاملة على فلسطين، يحتل أراضي جديدة في سوريا، يحتل أراضي في لبنان، يمارس الإرهاب والقصف على اليمن، على الجمهورية الإسلامية في إيران، وبالتالي باعتقادي أن الصراع مع هذا العدو ومستقبل هذا الصراع هو “صراع وجود وليس صراع حدود”، وهو اشتباك تاريخي متواصل يتطلب توحيد طاقات الأمة العربية وقواها الحية وكل قوى المقاومة، واستنهاض حركة الجماهير العربية لمواجهة هذا التحدي الكبير الذي يواجهنا كشعب فلسطيني ويواجهنا كأمة عربية.
إن ملحمة طوفان الأقصى شكلت نموذجاً يؤكد أنه بإمكاننا أن نقاتل هذا العدو، وأنه بإمكاننا أن نوقع به خسائر فادحة وكبيرة، لأن صورة الكيان الصهيوني اهتزت اهتزازاً حقيقياً بعد ملحمة طوفان الأقصى، وحصلت فعلاً أزمة عميقة داخل هذا الكيان الصهيوني، وهذه الأزمة تزداد وتتعمق يوماً بعد يوم، لذلك يحاول نتنياهو الهروب من مأزق العدو الصهيوني باستمرار الاعتداءات في أماكن مختلفة في وطننا العربي.
وأود هنا أن أقول إن أكثر ما يُقلقْ العدو الصهيوني هو خشيته من عملية الهجرة المعاكسة من أرض فلسطين، حيث أعلن رئيس دائرة الهجرة في الكيان الصهيوني بأن عدد القادمين اليهود إلى “إسرائيل” أقل بكثير من عدد المغادرين، وقال بأن هذا يشكل خطرا استراتيجيا على مستقبل الكيان الصهيوني، لذلك هناك خشية حقيقية داخل الكيان من أن تتم عملية هجرة معاكسة، لأن المستوطن الصهيوني بدأ يدرك أن هناك مخاطر حقيقية تحيط به، ولذلك نرى أن الكيان الصهيوني والقيادة الصهيونية والولايات المتحدة الأميركية يريدون إعطاء تطمينات لهذا المستوطن، وأن يقولوا له أننا سنسيطر على كل المنطقة لإعطاء تطمينات لهذا المستوطن لكي يبقى على أرض فلسطين.
لكنني أعتقد أن الأزمة داخل الكيان الصهيوني أزمة عميقة، وسنكون أمام تحولات استراتيجية كبرى في المرحلة القادمة نتيجة تصاعد الأزمة الداخلية في هذا الكيان.
أقر مجلس الأمن الدولي القرار ٢٨٠٣ وهو مشروع القرار الأميركي، الذي هو عبارة عن ما يسمى “خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة” وقد رفضته فصائل المقاومة الفلسطينية. أستاذ ماهر الطاهر ماذا يعني هذا القرار وما هي خطورته على المقاومة والقضية الفلسطينية، وهل هو بالفعل قرار “لإنهاء الحرب في غزة” أم أنه فرض وصاية على غزة وسعي لضرب المقاومة والحق بتحرير الأرض. باختصار ما هي قراءتك الشاملة لقرار مجلس الأمن وما يحتويه من بنود؟
ماهر الطاهر: إنّ هذا القرار الذي أصدره مجلس الأمن بأغلبية 13 صوتاً وامتناع كل من روسيا والصين عن التصويت، يشكل في حقيقته محاولة لتحقيق ما عجز الاحتلال عن تحقيقه بالقوة المسلحة وحرب الإبادة خلال العامين الماضيين، فالاحتلال فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، ولم يتمكن جيشه من إنهاء المقاومة أو القضاء عليها، كما فشل في استعادة أسراه بالقوة رغم التدمير الهائل والجرائم التي ارتكبها.
هذا الفشل الذريع الذي كان نتيجة مباشرة لصمود الشعب الفلسطيني، دفع نحو محاولة استثمار الأدوات السياسية والدولية لمنح الاحتلال مكاسب محددة، فالقرار يفرض وصاية دولية على قطاع غزة من خلال ما يسمى بمجلس السلام، وهو نموذج يعيد إلى الأذهان تجربة الانتداب البريطاني على فلسطين، ذلك الانتداب الذي مهد الطريق لزرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي، واليوم تعاد صياغة الفكرة نفسها بصيغة جديدة، هدفها حماية الاحتلال وضمان استمراره، ومنح القوى الدولية صلاحيات حكم انتقالية وسيادية في قطاع غزة من شأنها إعادة إنتاج الاحتلال، وهذا ما يرفضه الشعب الفلسطيني والعربي، كما ترفضه كل قوى المقاومة الفلسطينية.
ومن أخطر ما ينطوي عليه قرار مجلس الأمن هو محاولة إخراج الشعب الفلسطيني ومرجعياته الوطنية من المعادلة السياسية، وفرض حلول تتجاهل وجود شعب مكافح قدم تضحيات هائلة، ويستهدف تصفية القضية الفلسطينية بمختلف أبعادها، كما أن القرار يسعى بشكل أساسي إلى نزع سلاح المقاومة الفلسطينية عبر وصفها “بالإرهاب”، في تجاهل صارخ لحقيقة أن المقاومة هي حق مشروع تكفله القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة لأي شعب يقع تحت الاحتلال، من حق أي شعب أن يمارس كل أشكال المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة.
المقاومة هي حق مشروع تكفله القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة لأي شعب يقع تحت الاحتلال، من حق أي شعب أن يمارس كل أشكال المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة
إضافة إلى ذلك، يستهدف قرار مجلس الأمن فصل قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية والقدس، بل وحتى تقسيم القطاع نفسه إلى مناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية، فالحكومة الإسرائيلية تعلن بوضوح أنها لا تريد الانسحاب من كامل قطاع غزة، وأنها تسعى للسيطرة على أكثر من 50% من مساحة القطاع.
ومن اللافت أن القرار تجاهل بشكل كامل الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، فقد أشارت منظمة العفو الدولية نفسها إلى أن القرار لم يذكر إطلاقاً حرب الإبادة التي تعرض لها الفلسطينيون، والتي وقع ضحيتها ما يزيد عن 250 ألف بين شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، ولم يتطرق القرار بأي صورة إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، ولم يطالب بإنهاء الاحتلال أو الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية.
أما الإشارة الغامضة إلى إصلاح السلطة الفلسطينية واعتبار ذلك مقدمة لعملية سياسية قد يكون فيها مسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، فهذا في رأينا محاولة للتضليل وصناعة وهم سياسي لا يعكس حقيقة الأهداف المطروحة، وعندما يتحدثون عن إصلاح السلطة الفلسطينية، فهم لا يقصدون الإصلاح الإداري، هم يريدون تغيير مناهج التعليم، يريدون تغيير كل السردية الفلسطينية، ويريدون أن يكون هناك تعايش مع الاحتلال ومع العدوان.
ولذلك فإننا في فصائل المقاومة الفلسطينية أعلنا رفضنا الواضح والحازم لهذا القرار، ودعونا الجماهير العربية والدول العربية والإسلامية باتخاذ مواقف عملية وفعالة لمساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
بناء على ذلك، العدو الصهيوني يواصل يومياً خرقه “لوقف إطلاق النار” من دون حسيب أو رقيب، كيف تواجه قوى المقاومة ذلك المشروع، وهل يمكن، بالأساس، اعتبار الولايات المتحدة الأميركية وسيطاً نزيهاً؟
ماهر الطاهر: أقول إن الكيان الصهيوني لا يريد أساساً وقف إطلاق النار، وكان يسعى ولا زال لاستمرار العدوان، وذلك لأسباب داخلية تتعلق بأوضاع المجرم نتنياهو، وأنه يريد أن يهرب من مأزقه الداخلي ومن المحاسبة على ما جرى يوم 7 أكتوبر، ولا يريد أن يخسر الائتلاف المحيط به من مجموعة من المجرمين والفاشيين كسموتريتش وبن غفير، ولذلك هو اضطر لوقف إطلاق النار، هو اضطر للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار عندما قال له الرئيس الأميركي ترامب بأنك لا تستطيع أن تواجه العالم أجمع.
ولذلك عندما تمَّ هذا الاتفاق، منذ اللحظة الأولى عمل نتنياهو وحكومته على خرقه وعدم الالتزام به، واستمرت الاعتداءات الصهيونية، واستمرت عمليات الاغتيال، واستمرت عمليات ضرب المباني والمواقع الفلسطينية، لأن العدو الصهيوني يريد الاستمرار في هذه المجزرة، رغم أن العالم كله يشاهد عمليات الخرق اليومي لوقف إطلاق النار سواء في فلسطين أو في لبنان، إلّا أن هذا العالم لم يتحرك بشكل جدي لوضع حد لهذه الخروقات ولهذه الاعتداءات.
ولذلك نحن كمقاومة فلسطينية نعي جيداً أن هذا العدو لن يلتزم بوقف إطلاق النار وسيستمر في عدوانه، ولذلك نرسم أمورنا على أساس أن المعركة مستمرة ولا زالت قائمة، وسنستمر في الصمود وسنستمر في المقاومة، وهناك عدد كبير من الشهداء الذين ارتقوا بعد التوصل إلى ما سمي بوقف إطلاق النار، ومئات من أبناء شعبنا استشهدوا على أرض قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار.
نحن كمقاومة فلسطينية نعي جيداً أن هذا العدو لن يلتزم بوقف إطلاق النار وسيستمر في عدوانه، ولذلك نرسم أمورنا على أساس أن المعركة مستمرة ولا زالت قائمة، وسنستمر في الصمود وسنستمر في المقاومة
وهنا أؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية تغطي هذا الخرق وتغطي هذه الاعتداءات، ولذلك نحن لم نعتبر كمقاومة فلسطينية في أي يوم من الأيام أن الولايات المتحدة الأميركية وسيط نزيه، هي الخصم والحكم، والولايات المتحدة الأميركية هي التي زودت الكيان بكل أسلحة القتل والدمار، وهناك مواقع صهيونية أشارت إلى أن ألف رحلة طيران نقلت كل السلاح والذخائر والرصاص والقنابل وأدوات القتل، ومائة وخمسين سفينة نقلت للعدو مختلف أنواع الأسلحة.
ولذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية هي طرف أساسي في هذا العدوان، وهي التي تحمي هذا الكيان، وبالتالي لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة وسيطاً نزيهاً بأي شكل من الأشكال.
أستاذ ماهر الطاهر الأمين العام للمؤتمر القومي العربي ما هو دور المؤتمر تحقيق وحدة القوى المقاومة للعدو الصهيوني ومواجهة المشاريع الإمبريالية التوسعية وعلى رأسها ما يسمّى “مشروع الشرق الأوسط الجديد” القائم على تقسيم المُسقم أصلاً وحماية الكيان الصهيوني؟
ماهر الطاهر: المؤتمر القومي العربي هو بالأساس مرجعية قومية تضم نخبة من المثقفين والأكاديميين والإعلاميين والممارسين العرب، وهو ليس حزباً بل إطار مرجعي يقدم رؤية شاملة للمشروع النهضوي العربي، ومن خلال هذه الرؤية طرح المؤتمر مشروعاً للنهوض بالأمة العربية، هذا النهوض الذي يقوم على ركائز أساسية تتلخص بأهمية تحقيق الوحدة العربية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستقلة، والاستقلال الوطني والقومي، والتجدد الحضاري، وتحرير فلسطين.
والمؤتمر يعقد دورة سنوية لمناقشة واقع الأمة العربية، ويقدم أوراق عمل وأفكار تشكل مرجعية ومرشد للقوى الشعبية في الساحة العربية للنهوض بأوضاع أمتنا، وباعتقادي أن المؤتمر صمد واستطاع تحقيق العديد من النجاحات، ويؤكد ذلك أنه استمر على مدى 35 عاماً.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن حضور هذه الدورات يتحمل تكلفتها أعضاء المؤتمر أنفسهم، بما يشمل تذاكر السفر والإقامة والطعام، بالإضافة إلى الاشتراك السنوي الذي لا يقل عن 100 دولار، ورغم هذه التكاليف والأعباء استمر المؤتمر في أداء مهامه، وكانت الدورة الـ 34 التي انعقدت في بيروت بحضور نحو 250 شخصية دليلاً واضحاً على قناعة أعضائه برسالة هذا المؤتمر.
لذلك أرى أن مسيرة المؤتمر القومي مستمرة ومتواصلة وستظل كذلك في المستقبل، ومع ذلك هناك حاجة لتطوير العمل المؤسسي للمؤتمر، وأن نسعى لتطويره وتقديم مقترحات عملية لتفعيل الحركة الشعبية العربية، بما يضمن قدرتنا على مواجهة التحديات التاريخية التي تواجه الأمة العربية، والتركيز بشكل خاص على الشباب والأجيال الجديدة الشابة التي يمكن أن تتصدى للتحديات الكبيرة التي تواجهنا.
لا شك أن المؤتمر القومي العربي يستطيع أن يلعب دوراً إيجابياً في توحيد جهود قوى المقاومة، وفي معالجة المشكلات التي تعيشها أمتنا، على سبيل المثال حاول المؤتمر القومي العربي أن يلعب دورا في إنهاء الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني، ولدينا أفكار أن نلعب دورا أيضاً في معالجة المشكلات في اليمن، وفي السودان، وفي العديد من الأماكن التي تعيش صراعات داخلية عميقة وخطيرة.
ولذلك مهماتنا كبيرة ومهامنا جسيمة، وعلى رأسها كما أشار السؤال مواجهة ما سمي بـ “مشروع الشرق الأوسط الجديد” الذي يقوم على تقسيم المقسم وحماية الكيان الصهيوني.
لكني أعود وأؤكد بأن المؤتمر القومي العربي ليس حزباً، هو بالأساس مرجعية قومية تقدم الأفكار، تقدم الاقتراحات، تقدم الدراسات، تشرح واقع الأمة العربية، ومن خلال أيضاً مركز دراسات الوحدة العربية الذي ننسق معه في كل خطواتنا، يتم نشر هذه الدراسات وهذه الأفكار.
نحن سنبذل كل ما نستطيع من جهد في المرحلة القادمة، وأنا أعتقد أن انتخابي كأمين عام للمؤتمر القومي العربي في الدورة الرابعة والثلاثين كان تكريماً لفلسطين وللشعب الفلسطيني، وسأعمل مع الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي واللجنة التنفيذية لأن نقوم بواجبنا، ونبذل كل ما نستطيع من جهد في مواجهة المخططات المحيطة بالقضية الفلسطينية والأمة العربية.
نختتم الحوار بكلمة توجهها إلى «تقدُّم» وقرائها؟
ماهر الطاهر: أن هذه المنصة تلعب دوراً مهماً في توعية الرأي العام وتقديم الحقائق، وأن تشرح لأجيال الشباب المخاطر المحيطة بأمتنا العربية وكيف ينبغي أن نستمر بالصمود أن نستمر بالمقاومة لمواجهة هذه التحديات الكبيرة والخطيرة.
وأكرر تحيتي لشعب الكويت ولتقدميي الكويت، وأتمنى للكويت كل الخير والتقدم والازدهار، لأن الكويت وقواها التقدمية وشعبها الشقيق العظيم كانوا دائماً في مقدمة القوى التي تقف إلى جانب القضايا القومية للأمة العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين. شكراً لكم وتحياتي لكم جميعاً.

يكمن الهدف الأساسي للاتفاق في تأمين إمدادات أميركية مستقرة من المعادن الحيوية في ظل المنافسة الجيوسياسية مع الصين

بلا شك، الخاسر الأكبر في 7 نوفمبر بنين. ففي بلد تتطلب فيه التهديدات الأمنية جيشًا موحدًا، بات الجيش أكثر انقسامًا من أي وقت مضى بين موالين ومتمرّدين. ومن الواضح أن الجيوش الأجنبية باستثناء حماية رئيس دولة لم يعد يثق بقواته لن تحل شيئًا. الرد لا يمكن أن يكون أمنيًا، فالحل الحقيقي سياسي.

تبدو الأرقام جامدة أحياناً، لكنها في غزة تحكي مأساة تتجاوز الوصف، 61 مليون طن من الركام تغطي مساحة القطاع، ويُعتقد أن تحتها ما بين 11 و14 ألف مفقود

المقاومة هي عامل قوة للبنان وهي متلازمة مع وجود الاحتلال، لذلك تبرز وبصورة ملحّة وعاجلة ضرورة التعبئة الوطنية للدفاع عن البلد ومصيره، ولا خيار إلّا المواجهة.



