العدوان الصهيوني على لبنان: الأهداف والمواجهة
في هذه المعركة المفتوحة، والطويلة، وبغض النظر عن مساراتها، ومراحلها، تترابط مسائل التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ومواجهة السيطرة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية، فلنكن على مستوى التحدّي.
تأسست منظمة الأمم المتحدة في العام 1945، بعد الحرب العالمية الثانية، بهدف حفظ السلام والأمن الدوليين، وتعزيز التعاون بين الدول. ومع ذلك، فقد فشلت المنظمة في تحقيق هذه الأهداف في العديد من الحالات.
ففي فلسطين، على سبيل المثال، فشلت الأمم المتحدة في وقف عدوان الكيان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني. وقد وافقت المنظمة على قرار التقسيم عام 1947، الذي قسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، ولكن الكيان الصهيوني رفض هذا القرار وقام باحتلال الأراضي الفلسطينية. أدت هذه العملية إلى تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني من ديارهم.
كما فشلت الأمم المتحدة في حماية حقوق الشعوب المستعمرة في أفريقيا والعالم العربي. واستمرت العديد من الدول الأوروبية في ممارسة الاستعمار حتى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، دون أن تتدخل الأمم المتحدة لوقف ذلك.
ولعل السبب الرئيسي في فشل الأمم المتحدة في تحقيق أهدافها هو هيكلها غير المتكافئ. فمجلس الأمن الدولي، وهو الجهاز المسؤول عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين، يتكون من خمسة أعضاء دائمين (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، المملكة المتحدة، فرنسا) لهم حق النقض (الفيتو). استخدمت هذه الدول حق النقض في العديد من الحالات لعرقلة اتخاذ قرارات ضد مصالحها، برغم انقسام الأعضاء الدائمين إلى فريقين فريق يدافع عن حق الشعوب، الصين وروسيا، وفريق آخر يسفك الدماء باسم الحفاظ على الحرية. وهكذا، فقد تحولت الأمم المتحدة إلى أداة في يد الإمبريالية، تستخدمها لتحقيق مصالحها الخاصة.
ضبابیة قرارات مجلس الأمن الدولي وتحصین الاحتلال
قال روبرت وود نائب الممثل الدائم للولايات المتحدة في الأمم المتحدة “نحن لا نؤید الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار، فهذا لن یؤدي إلا إلى زرع بذور الحرب القادمة”. یكشف هذا التصریح الأساس الذي تقوم عليه هذه المنظمات ضمن إطار القانون الدولي، حيث یتعمد الغرب -بما فيهم بعض الحقوقیين – تكرار المحاججة القائمة على أساس حق “إسرائيل” في الدفاع عن النفس، مما يعني أنه إعلان صریح يغض النظر عن استمرار وحشیة الكیان الصهيوني، لا بل يتغافل عنه، والاكتفاء ببیانات الإدانة والشجب. وذلك یعطي للمتیقظ لمحة مختصرة حول الخلفیة القانونیة لبند الحق في الدفاع عن النفس، التي تخدم، بالضرورة، مصالح الغرب الإمبریالي. توفر هذه المنظمة ثغرات قانونیة للمعتدي لیتمكن من خلالها الاستفحال في جرائمه دون محاسبة أو رقابة جدیة أو فرض حصار اقتصادي- سیاسي.
وفي حین تكفل المواثیق الدولیة والقرارات الأممیة حق الشعب الفلسطیني في المقاومة بكافة أشكالها، بما فيها المقاومة المسلحة، استناداً إلى قرار الجمعیة العامة رقم 2625 لعام 1970، وكذلك حق تقریر المصیر استناداً إلى القرار رقم 1514 لعام 1960، لا تزال حقوق الفلسطینیین قید نظر مجلس الأمن الدولي؛ إذ يتباهون بأنفسهم كحماة للقوانین، في حین ینكرون على الفلسطینیین حقهم الشرعي في المقاومة بإلصاق صفة “الارهاب” عليهم، ویغضون النظر عن جرائم الحرب التي ارتكبها الكیان الغاصب على مدار 75 سنة.
غزة .. اختبار المصداقية الذي يتجدد
نقف اليوم بكامل غضبنا ضد الوقاحة الاستعمارية ورعاتها من الدول الامبريالية والمنظمات التي تدعي انها حقوقية. ان سماسرة حقوق الإنسان منخرطون ببروباغاندا المحتل التي تتعمد تشويه الحقيقة وتشيطن بسالة مقاومينا، في الوقت الذي يتباهى جيش الاحتلال بقصف جميع المشافي بشكل مباشر في قطاع غزة، وارتكاب مجازر في عدة مدارس تعليمية ومبان راح ضحيتها أطفال ونساء وشيوخ. ونرى أن المشافي في غزة تخوض معركة صمود لا تقل عن صمود المقاومين في الجبهات العسكرية.
لم يعد خفياً علينا ازدواجية المعايير التي تتبناها هذه المنظمات، خصوصاً بعد الفضائح التي طالتها عند تخليها عن أي دور فارق في إغاثة النساء والأطفال والشعب أمام العدوان الإسرائيلي، والنزوح ونقص الإمدادات الصحية والغذائية، واكتشاف ملء مخازنها بالغذاء ومنع وصولها إلى غزة. وكذلك امتناعهم عن تقديم أي شواهد ذات مصداقية، تتعلق بتحقيق تقوم به مؤسسات موثوقة عن مجازر المستشفيات، بهدف التغطية على الإبادة الجماعية التي يرتكبها المحتل وتعطيل دخول المساعدات الإنسانية والضرورية.
وعلى الرغم من تواتر الحديث عن الأخلاق والالتزام بالاتفاقيات الدولية، نرى أن السياسة المتبعة لهذه المنظمات يتم تحديدها وفقاً لما هو في خدمة المصالح الخاصة للقوى الإمبريالية ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن.
والتمسنا ذلك خلال الجلسات الطارئة الخمس التي عقدها مجلس الأمن الدولي منذ بداية طوفان الأقصى والتي بادر إليها الاتحاد الروسي لوقف إطلاق النار، ومن ثم توالت المطالبات بوقف إطلاق النار وليس التهدئة فقط، وكذلك تأمين مرور المساعدات الفورية لغزة ورفض التهجير، وبعضها يدين الهجمات العشوائية الإسرائيلية على المدنيين. وفي 8 ديسمبر، عقد مجلس الأمن جلسته بعد طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وذلك بعد مرور ما يقارب 60 يوماً من الاعتداءات المتواصلة على غزة، استند فيها الأمين العام إلى المادة 99 -وهي أقوى أداة دبلوماسية تحت تصرف الأمين العام- ودعا إلى وقف كامل لإطلاق النار في غزة لمنع وقوع “كارثة إنسانية”. ولكن الولايات المتحدة الأميركية منعت، كما في كل مرة، تمرير هذه المطالبات وذلك من خلال استخدامها حق النقض/الفيتو! مما يؤكد أن أميركا ليست شريكة في العدوان فقط، بل هي الراعي الرسمي والحامي للكيان الصهيوني واستمرارية عدوانه على أهلنا في فلسطين، وتحديداً غزة، واستمرار سفك الدم الفلسطيني. وهذا يؤكد أن السياسة الخارجية للدول الامبريالية هي استمرار لسياستها القائمة على خوض الحروب والأعمال العسكرية تحت مسمى نشر الديمقراطية والتحضر، ولكن في جوهرها هي مطامع للحفاظ على الهيبة والقوة العسكرية، وتستخدم مجلس الأمن الدولي كحجة لتوسيع نفوذ القوى الإمبريالية.
وعلى اثر ذلك، احتجت مصر وموريتانيا استناداً إلى القرار 377 الذي ينص على أنه :”في حال فشل مجلس الأمن في أداء واجبه والتصرف على النحو المطلوب للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين بسبب عدم وجود إجماع بين أعضائه الخمسة الدائمين، فإنه يجوز للجمعية العامة أن تصدر التوصيات المناسبة إلى أعضاء الأمم المتحدة لاتخاذ تدابير جماعية، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة عند الضرورة، من أجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين أو استعادتهما”.
اليوم ورغم اقرار هذا البند إلا أنه لم يُفعل، ولم يقم مجلس الأمن باستخدام صلاحيته في طرد “الكيان الإسرائيلي” وسحب عضويته من الأمم المتحدة أو حتى فرض عقوبات اقتصادية عليه.
ما هي جدوى الأمم المتحدة وقراراتها الیوم؟
تضم الأمم المتحدة، اليوم، 192 دولة، وتبلغ ميزانيتها السنویة 4. 19ملیار دولار، ولديها وكالات متخصصة مثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (الیونیسيف (وبرنامج الأغذية العالمي والأونروا. على الرغم من صرف هذه المیزانیات الضخمة على هذه المنظمات التابعة لها، إلا أنه لا یوجد لها تأثیر كبیر على أرض الواقع بحجم الكوارث الإنسانیة.
وعلى الرغم من “خبرتها” في تقدیم المعونات والمساعدات الإنسانیة، مثل سلفها عصبة الأمم، فإن الأمم المتحدة مجرد منظومة تتبنى نهج رد الفعل لا الفعل ذي التأثیر الجدي، فهي غیر قادرة على فرض نفوذها، بشكل مستقل وحاسم، على الأحداث المتصاعدة التي تفاقم من معاناة الفلسطینیین.
لا یمكن أن تكون هذه الجهة “برلماناً عالمیاً” فعالاً أو “حافظة للسلام العالمي” عندما یتم تحدید سياساتها وتصرفاتها وفقاً لمصالح القوى الإمبریالیة الرئیسیة، وخاصة الطبقة الحاكمة في الولایات المتحدة .
عندما یخرج الرؤساء الأمریكان بالقول علناً بأنهم ضد وقف إطلاق النار وسیمنعون أي محاولة لوقف إطلاق النار، وتقف الأمم المتحدة دون استنكار أو فرض عزل على قرارات الدول التي تنقض المبدأ الرئیسي الذي تأسست عليه، فإن ذلك يجعلها، بالضرورة، متواطئة في حرب الابادة على غزة لأنها لم تُفعل القرار 377 الذي یسمح للجمعیة العامة بالتدخل عندما یفشل مجلس الأمن في الحفاظ على السلام والأمن المنشود.
وإضافة إلى ذلك، فإن المدیرة التنفیذیة للیونیسیف كاثرين.م. راسيل Catherine M. Russell هي محامیة ومستشارة سیاسیة أميركية. زوجها توماس دونيلون Thomas Donilon صاحب شركة بلاك روك BlackRock Investment Instituteوهي أكبر مستثمر في صناعة الأسلحة في أميركا، كما أن دونيلون عمل مستشاراً للأمن القومي في إدارة الرئيس أوباما ویُعد صدیقاً للكیان الصهيوني وأحد مموليه بالأسلحة. هذا یؤكد أن السیاسة الخارجیة هي دائماً، وفي كل مكان، امتداد للسیاسة الداخلیة التي تتبعها الدولة، وخصوصاً ان كان لها تاریخ طویل بالاستعمار والتنكیل بالشعوب الأخرى. مما یؤكد ان مجلس الأمن الدولي لا يمكنه التصرف بمعزل عن موافقة هذه القوى. هذه المنظمة مجرد أداة لشراء الوقت والغطاء الدبلوماسي لمخططات القوى الاستعماریة الرأسمالیة لاجهاض أي حركة تحرریة من الاستعمار.
التسلق على القضايا الحقوقية
تستخدم هذه المنظمات القضية النسوية والقضايا الجندرية كغطاء لجرائم الإبادة والاستغلال الاقتصادي لأوطاننا التي يمارسها المحتل. فنرى أنها تستخدم الحرب الإعلامية كركيزة سياسية لبث بروباغاندا الاعتداء الجنسي كمثال لمواصلة المجازر وإبادة غزة وتحشيد الناس ضد المقاومة. آلة الحرب ودعايتها تروج لادعاءات باطلة مفادها نشر الأكاذيب والتضليل المتعمد لتشويه صورة المقاومة الحقة، وكأن هناك طرفي نزاع اعتياديين متساويين بالقوى وليس طرف جلاد وآخر واقع عليه الظلم ومتكالب عليه من عدة قوى استعمارية. جميع الادعاءات السابقة كقتل الأطفال وحرق المستوطنين والاغتصاب تم نفيها لاحقاً من الجهات التي روجت لها بلا أدلة، ولم تقدم أي اعتذار على ترويج هذه الإشاعات.
إن استغلال النسوية كنوع من الغسيل السياسي من قبل هذه المنظمات ليس مستغرباً، فلطالما قامت بدور إعلامي تشويهي من خلال استغلال قضية بحجم الاعتداءات الجنسية والتي تستخدم كسلاح حرب يشكل مصدراً لمعاناة حقيقية لآلاف النساء حول العالم.
لا يمكن أن نبني أسس تحررنا سوى بنضال جذري ووقوف جدي في وجه محاولات اختراق نضالنا وتمييع قضايانا والتسلق عليها وتفكيك تقاطعاتها، وتجريم وملاحقة كل حراك يسعى لتحريرنا وطمس جرائم وازدواجية معايير هذه المنظومات التي تعمل كأذرع لخدمة الهيمنة الاستعمارية تحت مظلة حماية حقوق الإنسان.
لا تمثلنا نسويات وحقوقيو وحقوقيات الأمم المتحدة الليبرالية والـ NGOs من كل الآيديولوجيات الذين يعيدون تكرار ذلك الدور الأخلاقي الفوقي المثير للاشمئزاز الذي يلعبه أسيادهم البيض عندما ينظرون علينا حول اتفاقيات حقوق الإنسان وضرورة التمسك بالقانون الدولي، وفي الآن ذاته تسمح بحدوث إبادات ومجازر جماعية، وإبادات عرقية تحدث منذ عقود ضد شعوب الجنوب العالمي ولا تحرك ساكناً، بل وتدعم بشكل فج كيان الاحتلال الذي يسقط الآلاف من القنابل العشوائية والأسلحة المجرمة قانونياً على منطقة غزة المحاصرة التي لا تصلها الإمدادات من كهرباء وماء وأدوية. وأخيراً، نؤكد في بيــدَاء رفضنا القطعي لأي خطاب نسوي لا يحدد تناقضاته وأولوياته ولا يشير إلى جذور مشاكلنا التي صدرت لنا من قبل القوى الامبريالية التي تتكاتف لتنفي جدوى المقاومة، وتعمل بشكل دؤوب على تعتيم جرائم الاستعمار، إقليمياً ودولياً، وتكيل بمكيالين عندما يقاوم الذي احُتلت أرضه الجلاد المغتصب للأرض ولحقوق أصحابها.
منصة نسوية اشتراكية من شبه الجزيرة العربية، تهدف لخلق حالة من التغيير الإيجابي في الحراك النسوي وإكمال النضال التحرري المناهض للرأسمالية
في هذه المعركة المفتوحة، والطويلة، وبغض النظر عن مساراتها، ومراحلها، تترابط مسائل التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ومواجهة السيطرة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية، فلنكن على مستوى التحدّي.
دفاعاً عن حرية الصحافة وما تعرضت له الزميلة الصحافية هبة أبو طه في الأردن، من تضييق وتعسف، أصدرت ٢٤ منصة إعلامية حول العالم بياناً تضامنياً
منذ عام ونيف والعدو الصهيوني يشن حربه العدوانية، بدعم أميركي، على قطاع غزة ويمعن بالاستهداف المباشر للصحافيين وتعمد قتلهم أثناء قيامهم بواجبهم، ويستهدف، بشكل مباشر، مقرات المؤسسات الإعلامية، بهدف ترهيب الكلمة التي تكشف الإجرام الصهيوني
يستمر العدو الصهيوني في تعمده استهداف الصحافيين ومكاتب الإعلام وذلك لإرهاب الكلمة التي تنقل حقيقة مجازره وإجرامه ضد المدنيين في قطاع غزة المقاوم وفي لبنان.