العدوان الصهيوني على لبنان: الأهداف والمواجهة
في هذه المعركة المفتوحة، والطويلة، وبغض النظر عن مساراتها، ومراحلها، تترابط مسائل التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ومواجهة السيطرة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية، فلنكن على مستوى التحدّي.
منذ الفراغ الرئاسي في الجمهورية اللبنانية ونقاش نواب الأمة يصول ويجول حول دستورية ولا دستورية جلسات مجلس النواب، وهو النقاش نفسه الذي تكرر على مسامع المواطنين في نقاش موازنة العام 2024 ولكن هذه المرة بنكهة تعبوية انتقدوا فيها مشروع الموازنة وتأكيد ادخالهم تعديلات عليها في لجنة المال والموازنة، انتهى النقاش، كما هو الحال في جلسات مناقشة مشاريع الموازنات منذ انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، إلى إقرار الموازنة. حضرت الكتل النيابية جلسة مناقشة موازنة العام 2024 التي أقرها مجلس النواب بلا حسابات مالية، وقبل انتهاء المهل القانونية كيلا تقرها حكومة تصريف الأعمال بمرسوم كما هي من دون تعديلات.
موازنة “تصفير العجز” على نفقة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود
بقراءة سريعة لموازنة العام 2024 يتضح انها استمرارية لنهج وضع الموازنات في لبنان، أي عقلية محاسبية تضرب مفهوم الانفاق الاستثماري الذي يسهم في بناء اقتصاد وطني منتج، ويكشف الموقع الطبقي لواضعي الموازنات، الطغمة المالية، فقد تباهت حكومة تصريف الأعمال ان موازنة العام 2024 هي موازنة للتعافي وبلا عجز، فأي لا عجز وتعافٍ هذا؟.
المباهاة بالتعافي واللا عجز معادلتها عملية محاسبية، فالنفقات في موازنة العام 2024 هي 295113 مليار ليرة، تقابلها إيرادات بالقيمة نفسها. هذا التوازي الذي تتغنى به الموزانة بين الايرادات والنفقات، أو ما أطلقت عليه تسمية ” تصفير العجز” أتى من زيادة كبيرة للضرائب والرسوم التي تطال الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وبالتحديد تحقيق الإيرادات الضريبية من خلال الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية، التي بلغت نسبتها حوالى 77%، مع حماية لرؤوس الأموال والأرباح بعدم لحظ زيادة الضرائب عليها. وبذلك حققت الطغمة المالية في موازنة العام 2024، التي هي استمرارية للنهج الاقتصادي – المالي في لبنان، معجزة “تصفير العجز”، على حساب الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، الذين يشكلون غالبية الشعب اللبناني.
ونجد العقلية المحاسبية في استمرار غياب الانفاق الاستثماري الذي لم تبلغ نسبته أكثر من 7% من النفقات، على قطاعات اجتماعية رئيسة من مثل الصحة والتعليم ومعالجة قضية ازدياد معدلات الفقر، فمثلاً كانت نسبة الانفاق، في العام 2018، على التعليم تبلغ حوالى 1.37 مليار دولار بينما قيمته في موازنة العام 2024 تعادل 157 مليون دولار، والمعروف ان التعليم من القطاعات الاستثمارية الرئيسة التي تسهم في تأهيل الشباب لبناء الوطن وتطويره، وليس لتهجيرهم منه بحثاً عن فرص عمل تحت أي شروط كانت. وتقلص الانفاق على الاستشفاء والأدوية إلى النصف، تقريباً، عما كان عليه في العام 2018.
“سحر” تحول العجز في الموازنة إلى فائض
في مشروع الموازنة الذي أعدته وزارة المالية اللبنانية واعتمدته حكومة تصريف الأعمال يلاحظ وجود عجز فيها، ولكن بعد تدقيق وزارة المالية في إيرادات الضريبة على القيمة المضافة تحول العجز، بسحر ساحر، إلى فائض لتبلغ إيراداتها 320 ألف مليار ليرة بدلاً من 277 ألف مليار ليرة، هذا الفائض السحري، بين الرقمين، ليس سحرياً، لنوضح ذلك نتوقف عند إغفالين في موازنة العام 2024 هما تكلفة خدمة الدين العام بالعملات الأجنبية على الخزينة، فلبنان أعلن في العام 2020 توقفه عن سداد تلك التكلفة، اليوروبوندز؛ والإغفال الثاني، إمعان الموازنة في تكريس عدم تصحيح رواتب العاملين في القطاع العام، السلم المتحرك للأجور، بما يتناسب ونسبة التضخم التي يعاني منها لبنان، وبالتالي وبعملية حسابية بسيطة فإن تقلص نفقات الخزينة ليس انجازاً بل هو نتيجة طبيعية، محاسبية، للإغفالين المذكورين. وبالطبع قضية الأجور وتدهورها تطال شريحة كبيرة من العاملين في القطاعين العام والخاص.
لقد فقدت العملة اللبنانية 95% من قيمتها، وسرقت المصارف أموال صغار المودعين، وبحسب بعض الاحصاءات فإن 80% من اللبنانيين هم تحت خط الفقر. هذه الوقائع هي نتيجة للسياسات الاقتصادية- المالية والاجتماعية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة على لبنان منذ توقف الحرب الأهلية فيه، وتنفيذها لوصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤتمرات باريس، والاستدانة بشروطهما، مما أدى إلى وصول الدين العام لمعدلات قياسية نسبة إلى حجم الاقتصاد اللبناني وناتجه المحلي، فقد قدرت دراسات وتقارير اقتصادية ان نسبة الدين العام كانت في العام 1993 52% لتحلق إلى 100% في العام 1997، ولتضاعف تحليقها الجنوني إلى 170% و 176% بين عامي 2018 و 2019.
إن السياسات الاقتصادية – المالية التي اعتمدها لبنان، ومازال مستمراً فيها، هي سياسات ريعية تضرب السيادة الوطنية السياسية والاقتصادية، بتكريسها التبعية للجهات المقرضة، وليس كما يقال المانحة، وتوجهاتها الاقتصادية الليبرالية، ومنع قيام اقتصاد وطني منتج. سياسات ريعية لخص ماركس سمتها بقوله:
“يصبح الدَيْن العمومي واحداً من أقوى الروافع الجبارة للتراكم الأولي. فهو يمنح النقود العاقر، كما لو بلسمة عصا سحرية، القدرة على الانجاب، ويحولها بذلك إلى رأسمال، قاضياً على أي حاجة تعرّضها إلى المتاعب والأخطار الملازمة لتوظيفها في الصناعة (…). إن دائني الدولة، لا يعطون شيئاً، في الواقع، فالمبالغ التي يقرضونها تتحول إلى سندات دين حكومية، يسيرة التداول، تظل تعمل بين أيديهم مثلما تعمل النقود الفعلية تماماً. ولكن عدا عن خلق طبقة من الريعيين المتبطرين، وعدا عن الثروة المرتجلة التي يجنيها الماليون الذين يلعبون دور الوسيط بين الحكومة والأمة (…)، عدا عن ذلك كله، فإن دين الدولة أدى إلى نشوء المقامرة في البورصة والطغمة المصرفية المعاصرة”.
(ماركس، كارل، رأس المال، مج1، ترجمة فالح عبد الجبار، دار الفارابي، بيروت، ص. 929).
في هذه المعركة المفتوحة، والطويلة، وبغض النظر عن مساراتها، ومراحلها، تترابط مسائل التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ومواجهة السيطرة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية، فلنكن على مستوى التحدّي.
دفاعاً عن حرية الصحافة وما تعرضت له الزميلة الصحافية هبة أبو طه في الأردن، من تضييق وتعسف، أصدرت ٢٤ منصة إعلامية حول العالم بياناً تضامنياً
منذ عام ونيف والعدو الصهيوني يشن حربه العدوانية، بدعم أميركي، على قطاع غزة ويمعن بالاستهداف المباشر للصحافيين وتعمد قتلهم أثناء قيامهم بواجبهم، ويستهدف، بشكل مباشر، مقرات المؤسسات الإعلامية، بهدف ترهيب الكلمة التي تكشف الإجرام الصهيوني
يستمر العدو الصهيوني في تعمده استهداف الصحافيين ومكاتب الإعلام وذلك لإرهاب الكلمة التي تنقل حقيقة مجازره وإجرامه ضد المدنيين في قطاع غزة المقاوم وفي لبنان.