لا لمحو الذاكرة الوطنية

-+=

تمثّل الذاكرة الوطنية أهم العناصر المكوّنة لوحدة المجتمع والمشكّلة لوعي أفراده بهويتهم الوطنية، حيث تشمل الذاكرة الوطنية الأحداث والوقائع والوثائق والفعاليات والصراعات التاريخية الكبرى، التي شهدها المجتمع خلال تطوره بكل تعقيداتها وتناقضاتها وايجابياتها وسلبياتها، ما يفرض ضرورة حفظها في المتاحف والمكتبات والأرشيفات الوطنية والأفلام التسجيلية والوثائقية، بما في ذلك الموروث الشعبي الشفهي، الذي تتناقله الأجيال المتعاقبة، ولا بد من إلقاء الضوء عليها وإتاحة الإطلاع الحرّ عليها وإمكانية بحثها ودراستها، بل يجب تضمينها المناهج الدراسية.

والمؤسف في الكويت أنّ هناك نزوعاً غريباً لدى المسؤولين نحو محو الذاكرة الوطنية وحجبها، ليس اليوم فقط، بل للأسف هذا ما حدث وتكرر منذ سنوات وعقود سابقة، بدءاً من القرار الجائر في العام ١٩٥٧ بهدم سور الكويت الثالث، الذي بناه الكويتيون في العام ١٩٢٠… مروراً بهدم أحياء مدينة الكويت القديمة عن بكرة أبيها في عقدي الخمسينات والستينات… وصولاً إلى التنكّر لشهداء الغزو والاحتلال وعدم إطلاق أسمائهم على شوارع أو مبانٍ أو حدائق أو مرافق عامة… وبعده هدم مجسم الكرة الأرضية الشهير في مبنى ثانوية الشويخ… وانتهاءً بما شهدناه هذه الأيام من محو لأرشيف وثائق مجالس الأمة المتعاقبة على الموقع الإلكتروني للمجلس، وما تردد عن إلغاء ما يتصل بمجلس الأمة في المناهج الدراسية.

أخيراً، لئن كان تعمّد محو العديد من مكونات الذاكرة الوطنية الكويتية وإهمالها وحجبها أمراً مؤسفاً ومرفوضاً، فإن المطلوب الآن هو وقف القرارات الأخيرة المتصلة بإخفاء أرشيف وثائق مجالس الأمة المتعاقبة على الموقع الإلكتروني للمجلس، والتراجع عن قرار شطب ما يتصل بمجلس الأمة في المناهج الدراسية حفاظاً على واحد من أبرز مكونات الذاكرة الوطنية التاريخية الكويتية.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

شيوعية تفوز في انتخابات اليسار الداخلية في تشيلي.. وتستعد لمواجهة اليمين في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل

قد تكون الانتخابات بين خارا، الشيوعية المجتهدة التي تريد بناء نظام تقاعد اجتماعي، وماتي، التي عملت في ظل الدكتاتورية العسكرية لخصخصة نظام التقاعد. لو كان الاختيار بهذه البساطة، لما كانت هناك انتخابات حقيقية.

العدوان الصهيوني عام 1982 على لبنان: الأهداف الحقيقية التي أفشلتها جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية

في ظل ما يجري من تجدد العدوان، وإن تغيرت وجوه المعتدين، فإن الشعب اللبناني، الذي طالما رفض الذل والعدوان، يتمسك أكثر من أي وقت مضى بحقه في مقاومة العدوان والاحتلال. لأن المقاومة الوطنية هي الحل الوحيد للحفاظ على تراب الوطن وكرامة الشعب.