بدعة “بوابة تفتيش” للرقابة
نعترض على أي اتجاه لاستحداث قنوات رقابية غير قانونية ونرفض أي محاولة لاعتماد معايير رقابية غير مهنية على النتاجات الإبداعية من كتب وأفلام ومصنفات فنية
مع أنّ معركة “طوفان الأقصى”، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة منذ العام 1948، ليست هي المعركة الفاصلة، ولكنها بالتأكيد معركة مفصلية وعملية بطولية استراتيجية نوعية على المستويين النضالي والسياسي وجّهت ضربة قاسية للمنظومة العسكرية والأمنية للكيان الصهيوني وهزّت أركانه، إلا أنّ الاستنتاج الأهم، أنّ هذه المعركة قد عمّقت من الأزمة الوجودية المزدوجة التي يعانيها هذا الكيان، خصوصاً في ظل الصمود الأسطوري للشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة بمواجهة آلة الحرب الأطلسية – الصهيونية.
إذ تتمثّل الأزمة الوجودية المزدوجة للكيان الصهيوني في جانبين، الأول هو أزمة الدور الوظيفي لهذا الكيان كمخفر أمامي لحماية المصالح الإمبريالية في المنطقة، والجانب الآخر هو انعكاس أزمة المركز الرأسمالي العالمي على الكيان الصهيوني المرتبط تبعياً بهذا المركز.
فقد زرعت الإمبريالية الغربية الكيان الصهيوني في منطقتنا العربية كمخفر أمامي وقاعدة متقدمة لها ليتولى دوراً وظيفياً يتركز على حماية مصالحها وتثبيت هيمنتها على منطقتنا وبلداننا وشعوبنا، والمساهمة في تنفيذ المشروعات التآمرية، التي استهدفت استعمار وطننا العربي، وتمزيق بلداننا، وتفريق شعوبنا، ونهب ثرواتنا.
وكان أحد أبرز مهمات الدور الوظيفي لهذا الكيان مهمة محاربة حركة التحرر الوطني العربي واستهدافها وإضعافها، وهذا ما حدث عبر العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، وعدوان 1967، ثم احتلال لبنان في 1982، وفرض اتفاقيات الاستسلام ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير مشروعات تسيّد الكيان الصهيوني على المنطقة وتثبيت التبعية للإمبريالية تحت اسماء متعددة لما يسمى مشاريع الشرق الأوسط، وما ارتبط بذلك من مذابح وحشية وممارسات عنصرية بغيضة وتهجير تعرض له الشعب العربي الفلسطيني، وما نفذه الكيان الصهيوني من اعتداءات متكررة وجرائم واغتيالات وأعمال تآمرية امتدت إلى عموم منطقتنا العربية.
ومع ذلك فقد سبق لهذا الدور الوظيفي للكيان الصهيوني أن اهتز مرتين في 1973 وفي 2006 ولكنه اهتز هذه المرة على نحو أشد مما سبق له أن اهتز… وبالضرورة فإنّ هذا الاهتزاز سيثير التساؤل ليس فقط حول كلفة حماية الكيان، وإنما حول قدرة هذا الكيان على تأدية دوره الوظيفي في حماية المصالح الإمبريالية في المنطقة، إذا كان هو نفسه بحاجة إلى حماية مكلفة، بل لعله قد يثير التساؤل حول جدوى وجود هذا الكيان نفسه.
ولعلّ الفارق بين اهتزاز الدور الوظيفي للكيان الصهيوني بعد هزيمته في العام 1973 واهتزازه اليوم هو أنّ اهتزازه في ذلك الحين تم في ظل احتدام الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والإمبريالي ما خفف من حدة إثارة أي تساؤل… أما في العام 2006 فلم يثر مثل هذا التساؤل في ظل إطلاق اليمين المسيحي الصهيوني والمحافظين الجدد لما أسماه بوش الأبن الحملة الصليبية ضد الإسلام وما أسماه الإرهاب الإسلامي… لكن تلك الموانع التي كانت قائمة في 1973 و2006 لم تعد قائمة اليوم بنفس القوة، خصوصاً بعدما تحولت الصين إلى مركز الصراع الأول بالنسبة إلى الإمبريالية الأميركية ومصدر التهديد الاستراتيجي الرئيسي لها، وبعدما اشتد التوتر بين الصين والولايات المتحدة وصدرت التشريعات الأميركية التي تستهدف الضغط على الصين ومحاولة عرقلة صعودها وتهديدها المركز الأميركي في النظام العالمي، أي بعد أن أصبح العنصر الرئيسي في السياسة الإمبريالية الأميركية الآن يتركز حول استهداف الصين ومواجهة نفوذها المتنامي… وذلك بالتوازي مع التصدي الأميركي للدور الروسي على المستوى الدولي والصراع على مراكز النفوذ وما تفرضه الولايات المتحدة من عقوبات اقتصادية على روسيا واستهداف لأمن روسيا واستنزاف لمواردها، وهذا ما تجلى في الصراع الروسي الأوكراني، فيما تحاول روسيا الدفاع عن أمنها والدفع باتجاه بناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب.
أما الأمر الآخر، الذي يستحق أن نلتفت إليه فهو أنّ “طوفان الأقصى” قد حدث في ظل تفاقم أزمة المركز الرأسمالي الإمبريالي الأميركي الغربي، الذي اختلق الكيان الصهيوني وجهزه لدوره الوظيفي في حماية مصالحه بالمنطقة العربية، ذلك أنّ أزمة المركز الرأسمالي الإمبريالي الأميركي والغربي ستنعكس بالضرورة على الكيان الصهيوني الشديد الارتباط به.
لقد تفاقمت أزمة الرأسمالية اليوم ولم تعد، كما كانت، مجرد تكرار للأزمة الاقتصادية الدورية للرواج والكساد، كما تعمقت هذه الأزمة في الغرب الرأسمالي خصوصاً بعد جائحة كورونا وحرب أوكرانيا حيث برزت تحديات البطالة، والفقر والحرمان من الضمان الصحي، واتساع التفاوت الطبقي، وانقطاع إمدادات الغذاء وأمن الطاقة… بالإضافة إلى انكشاف مأزق “الديمقراطية البرجوازية” جراء الميل المتزايد نحو الاستبداد، وفي المقابل العزوف الواسع لغالبية المواطنين في بلدان المراكز الإمبريالية عن المشاركة في الانتخابات، الذي يكاد أن يبلغ مستوى المقاطعة، بالإضافة إلى سيطرة الأحزاب والشخصيات اليمينية الشعبوية على عدد من حكومات الدول الرأسمالية الكبرى، وهي أحزاب وشخصيات ذات نزعات فاشية وعنصرية… هذا بالإضافة إلى الأزمة الأخلاقية العميقة في الغرب الرأسمالي… وفي هذا السياق برزت أمام العيان حالة التضعضع والتراجع النسبيين للقوة الإمبريالية المهيمنة وتبدل موازين القوى جراء أفول عهد القطب الواحد وبروز ظاهرة الدول الصاعدة ومنظوماتُ بريكس وشنغهاي وأستانا، وكذلك تضعضع هيمنة الدولار، بحيث لم تعد الإمبريالية مطلقة اليد في فرض أهدافها وهيمنتها، وهناك في مواجهة هجومها مقاومة شعبية واجتماعية تقوم بها الشعوب وقوى اليسار، وهناك انتقال من الأحاديّة القطبيّة نحو تعدد القطبيّة… ولمسنا هذا على نحو دراماتيكي في الانسحاب المذل من أفغانستان.
والأهم هو ما يشهده عالمنا اليوم من تحولات متسارعة في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، بحيث لم يعد النظام الدولي الذي تشكّل بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك ما تكرّس من نظام أحادي القطبية تحت الهيمنة الأميركية بعد 1991 قادراً على الاستمرار على ما كان عليه.
وبالضرورة ستنعكس هذه الأزمة العميقة التي يعانيها المركز الإمبريالي وتداعي نظامه الدولي على الكيان الصهيوني المرتبط تبعياً بذلك المركز.
ويبقى أمام الكيان الصهيوني فقط ذلك الهامش من المناورة الناجم عن محاولات المركز الإمبريالي الأميركي التمسك بنظام القطبية الواحدة، واستعادة مكانته المتراجعة عالمياً عبر الاندفاع نحو العدوانية والحروب والعسكرة، وهنا يمكننا استنتاج أنّ إرسال الأساطيل والقوة الأميركية إلى المنطقة بعد معركة “طوفان الأقصى” لم يكن موجهاً فقط لمساعدة الصهاينة في العدوان ومحاولة ردع إيران وحزب الله، وإنما هو محاولة إعادة تموضع جديد للقوة العسكرية الأميركية في منطقتنا لتعويض الخسارة الاستراتيجية والسياسية والمعنوية الفادحة الناجمة عن الانسحاب المذل من أفغانستان والابتعاد عن المنطقة.
ختاماً، فإنّه إزاء تنامي الأزمة الوجودية المزدوجة للكيان الصهيوني فإنّ القوى التحررية الشعبية العربية يجب أن تكون معنية بتعميق هذه الأزمة أكثر فأكثر عبر تشديد نضالها، الذي يفترض أن يدمج مقاومتها للهيمنة الإمبريالية والتحرر من التبعية وعدم الاكتفاء بالاستقلالات الشكلية لاستكمال مهمة التحرر الوطني مع مقاومتها الكيان الصهيوني الغاصب وكذلك مع مقاومتها للركائز المحلية للإمبريالية في المنطقة ممثلة برأس المال الطفيلي التابع وأنظمة التبعية والتطبيع… والارتقاء بالتضامن مع القضية الفلسطينية إلى مستوى التضامن الشعبي الكفاحي، وتجسيد حقيقة مركزية القضية الفلسطينية.
حينذاك يمكن القول إنّ العدّ التنازلي للكيان الصهيوني قد بدأ.
نعترض على أي اتجاه لاستحداث قنوات رقابية غير قانونية ونرفض أي محاولة لاعتماد معايير رقابية غير مهنية على النتاجات الإبداعية من كتب وأفلام ومصنفات فنية
لمن يمتلك معرفة، ولو محدودة، لواقع أندية كرة القدم ومشجعيهم الصهاينة، لكان لن يُفاجأ بما فعله مشجعو (مكابي تل أبيب) في أمستردام، بالعكس، لفوجئ كيف يمكن للسلطات الهولندية أن تسمح للآلاف من هؤلاء بالدخول لهولندا، وهم المعروفون بسلوكهم الغوغائي والعنصري والهمجي.
تتغنى الولايات المتحدة الأميركية بنظامها “الديمقراطي” وحرية الانتخابات فيها، والحريات والدفاع عن حقوق الإنسان فأين تلك الادعاءات والولايات المتحدة الأميركية حامية للاحتلال الصهيوني ومشاركة في حربه العدوانية على قطاع غزة ولبنان.
صوتت الأمم المتحدة يوم الأربعاء 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على مشروع القرار المعنون ”ضرورة إنهاء الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الذي تفرضه حكومة الولايات المتحدة ضد كوبا“، حيث صوتت 187 دولة لصالح إلغاء هذه السياسة الأميركية المعادية .