رقابة الرأي العام الشعبي أصبحت مهمة ملحّة

في معرض ما تناولته المذكرة التفسيرية لدستور الكويت بشأن “التصوير العام لنظام الحكم” جرى التأكيد بعبارات واضحة لا لَبْس فيها على أهمية رقابة الرأي العام كعمود فقري لشعبية الحكم، وذلك عندما أشارت المذكرة التفسيرية للدستور إلى أنّه “من وراء التنظيم الدستوري لمسئولية الوزراء السياسية، توجد كذلك وبصفة خاصة رقابة الرأي العام التي لا شك في أنّ الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها ويوفر مقوماتها وضماناتها، ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في شعبية الحكم. وهذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية، فتكفل لهم – إلى جانب حق الانتخاب السياسي – مختلف مقومات الحرية الشخصية (في المواد ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤ من الدستور) وحرية العقيدة (المادة ٣٥) وحرية الرأي (المادة ٣٦) وحرية الصحافة والطباعة والنشر (المادة ٣٧)، وحرية المراسلة (المادة ٣٩) وحرية تكوين الجمعيات والنقابات (المادة ٤٣) وحرية الاجتماع الخاص وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات (المادة ٤٤) وحق تقديم العرائض إلى السلطات العامة (المادة ٤٥) وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتماً الوعي السياسي ويقوى الرأي العام، وبغير هذه الضمانات والحريات السياسية، تنطوى النفوس على تذمر لا وسيلة دستورية لمعالجته، وتكتم الصدور آلاماً لا متنفس لها بالطرق السلمية، فتكون القلاقل، ويكون الاضطراب في حياة الدولة، وهو ما اشتهر به النظام الرئاسي في بعض دول أمريكا اللاتينية، وما حرص الدستور على تجنبه وتجنيب الكويت أسبابه”. 

ولعلّ الكويت اليوم في ظل الظروف الراهنة أصبحت أحوج ما تكون إلى تعزيز رقابة الرأي العام الشعبي على الحكومة وتوجهاتها وسياساتها وقراراتها وتشريعاتها، خصوصاً في غياب الرقابة البرلمانية، ناهيك عن أنّ الحكومة أصبحت تمتلك، بوصفها جزءاً من سلطة الأمر الواقع، جانباً من سلطة تشريع القوانين وليس مجرد تنفيذها.

إنّ المجتمع الكويتي، كأي مجتمع إنساني آخر، يضم طبقات وقوى اجتماعية مختلفة ذات مصالح متناقضة، فعلى سبيل المثال من الطبيعي عند تشريع قانون الايجارات أن تختلف مصالح ملاك العقار عن مصالح المستأجرين، وأن تتعارض عند تشريع قوانين العمل مصالح أرباب الأعمال مع مصالح العمال، وكذلك من الطبيعي أن تتناقض مصالح الطبقات الاجتماعية المختلفة حول قوانين الضرائب وما إذا كانت منحازة أم عادلة اجتماعياً، وأن تتباين أولوياتها، ومن هنا فإنّه من المهم عند تشريع القوانين عدم تجاهل مصالح الطبقات الشعبية وحقوقها، وتجنّب الانحياز لسطوة القوى الطبقية المتنفذة، ومراعاة متطلبات العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة.

وهناك دوماً خشية مشروعة من أن تغيب هذه الاعتبارات الأساسية عند تشريع القوانين، فما بالك في حالة غياب التمثيل النيابي، ِما يفرض بالضرورة تعزيز دور الرقابة الشعبية، أي رقابة الرأي العام، كتعويض وقتي وجزئي عن ذلك الغياب.

وهذا ما يتطلب من وسائل الإعلام ومن النقابات العمالية والجمعيات المهنية وجماعات الضغط ومؤسسات المجتمع المدني، ومن التيارات السياسية أن تكون على مستوى المسؤولية وتقوم بدورها في تجسيد رقابة الرأي العام الشعبي ليس فقط على الحكومة وقراراتها كسلطة تنفيذية، وإنما كذلك تجسيد رقابة الرأي العام الشعبي على الحكومة كجزء من سلطة الأمر الواقع خلال توليها جانباً من سلطة تشريع القوانين.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

“وعد بلفور” … الحلقة الأولى من مسلسل التآمر الإمبريالي الصهيوني على العرب

الصراع مع الكيان الصهيوني ليس صراعاً مع الفلسطينيين وحدهم بوصفهم الضحية الأولى للاحتلال، وإنما هو صراع وجودي مع شعوب الأمة العربية وقواها التحررية كافة وفي مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني وقوى المقاومة، فالمشروع الصهيوني يستهدفنا جميعاً.

سنة على طوفان الأقصى: وحدة المصير… مقاومة على درب التحرير

طوفان الأقصى أعاد الاعتبار إلى المقاومة بوصفها الخيار الأساسي الأول أمام شعبنا العربي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وأبرز مآثر الصمود الشعبي الفلسطيني الأسطوري في وجه آلة القتل والدمار الوحشية الصهيونية، وقطع الطريق على محاولات التآمر الصهيوني- الإمبريالي المحمومة لتصفية القضية الفلسطينية، وطوى صفحة العار المتمثلة في اتفاقات أوسلو الخيانية.

ليست مجرد مهزلة رياضية!

لابد من محاسبة المسؤولين عن هذه المهزلة ووضع حد لها، وبالتأكيد فإن الحلول الإدارية متوفرة وهناك طاقات بشرية متخصصة مهم الاستعانة بها والاستفادة منها لخدمة البلد.

[zeno_font_resizer]