في وداع زياد الرحباني …

-+=

صحيح أن الفن لا يورث ، لكن زياد ورث الكثير من عبقرية والده الموسيقية ، وأخذ الكثير من طيبة والدته فيروز وأصالتها النقية وحبها للناس والتزامها المبدئي في الغناء للفرح والأمل والطفولة والسلام والعدالة وفلسطين، فولادة زياد الفنية كانت مهمة لسد فراغ رحيل والده الفنان عاصي الرحباني ، وكأنه جاء لتعويض فيروز عن خسارتها بموت نصف الرحابنة . وهو في سن السابعة عشرة لحن زياد لوالدته فيروز أغنية “سألوني الناس”.

تأثر زياد بفكر السيد درويش وغنائه الاجتماعي لقضايا الفقراء والكادحين والمهمشين ، لحن بعتلك يا حبيب الروح دليل على تأثره بالمدرسة المصرية الطربية .

وأبدع زياد في كتابة المسرحيات في الثمانينات التي ما زالت راسخة في وجدان ذاك الجيل إلى يومنا هذا . ومن أشهر مسرحياته: “سهرية” (١٩٧٣)؛ “نزل السرور” (١٩٧٤)؛ “بالنسبة لبكرا شو؟” (١٩٧٨)؛ “فيلم أميركي طويل” (١٩٨٠)؛ “شي فاشل” (١٩٨٣)؛ “بخصوص الكرامة والشعب العنيد” (١٩٩٣)؛ “لولا فسحة الأمل” (١٩٩٤).

جمع زياد بين العبقرية والموهبة والمبدئية والنبل وروح الكوميدياء السوداء الساخرة من واقعنا العربي المتراجع في كل الأصعدة ، لذلك يرى بعض النقاد بأن ” زياد مصاب بالاحباط واليأس والجنون والشطط أحياناً ” والحقيقة أن الجنون هو الخنوع وقبول هذا الواقع المزري وعدم الثورة عليه، لذلك كان محقاً زياد بنقد هذا الواقع الظالم والسخرية بموهبته الفنية الفذة كما في أغانية المشهورة مثل ” أنا مش كافر – شو هالأيام ” . سيبقى زياد حياً بفنه وفكره وألحانه الخالدة التي وُلدت من عشقه لآلة البيانو ، وكانت شاهدة على مراحل عصيبة مر بها لبنان والمنطقة.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

“كُفِّي الملام”.. تراجيديا نموذجيّة مؤلمة

رغم المعاناة الشديدة، ورغم الخسارات الكثيرة، والعسف، ومرارة العزلة، إلا أنَّ فهد العسكر لم يتراجع عن مواقفه، بل بقي متمسِّكاً بها حتَّى النهاية، واستمرّ الأذى باللحاق به حتَّى النهاية