أوضاع إنسانية مأساوية في السودان بسبب حرب الوكالة: الفاشر … حصار الموت

-+=

تعيش مدينة الفاشر حاضرة شمال دارفور غربي السودان أوضاعاً مأساوية وكارثية بسبب الحصار والحرب الدائرة بين الجيش والقوات المتحالفة معه، وميليشيا الدعم السريع والقوات المتحالفة معها، منذ مايو/أيار من العام الماضي مما أدى إلى إنهيار جميع مناحي الحياة فخيم شبح الموت على المدينة المحاصرة.

قال متحدث باسم تنسيقية لجان مقاومة الفاشر (منظمة ثورية)، إن التدوين [القصف] المدفعي والحصار الذي تشهده حاضرة ولاية شمال دارفور الفاشر، ساهم في تدهور أوضاع المواطنين المعيشية والصحية والإنسانية.

جاء ذلك في ندوة إسفيرية [ندوة إلكترونية] حول (الأوضاع الإنسانية في السودان) في 10 أغسطس/آب الجاري، نظمتها قوى الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب (قوى ثورية عملت على بلورة شعارات ومطالب ثورة ديسمبر المجيدة في رؤية سياسية بهذا الإسم).

قصف لمصادر المياه والمستشفيات

وأكد أن القصف المتعمد على الأسواق في المدينة أدى إلى ندرة في المواد الغذائية وارتفاع في أسعار المواد الغذائية، مما أدى إلى زيادة المعاناة للمواطنين خاصةً النساء والأطفال.

وأشار إلى أن التكايا والمطابخ الشعبية صارت هي المصدر الوحيد لسد حاجة السكان من الغذاء. ولفت إلى أن الميليشيات تقوم بقصف متعمد لمصادر المياه واحتلال بعضها مما أدى إلى أزمة حادة في مياه الشرب.

وقال إن الإستهداف المتعمد للمستشفيات بالقصف المدفعي خاصة المستشفى السعودي وهو المستشفى الوحيد الذي ظل يعمل، أدى إلى شح في الأدوية وكل المعينات الطبية، حيث يتم أحياناً إجراء عمليات للمصابين بدون تخدير.  

وأضاف لم تسلم معسكرات النازحين من جحيم الحصار والقصف المتبادل بين أطراف القتال، حيث قامت الميليشيات بإحتلال معسكر “نيفاشا” للنازحين والذي به سوق مهم، ومنعت الميليشيات إدخال المواد الغذائية إلى المعسكر، وأدى ذلك أن يصبح 80% من المعسكر خارج الخدمة.

وقال إن الميليشيات ارتكبت مجزرة في معسكر “زمزم” حيث قتلت حوالي 500 شخص بينهم أطباء وأطفال ونساء، مما أدى إلى نزوح سكان المعسكر إلى منطقة “طويلة” القريبة من مدينة الفاشر، وتم تأسيس معسكر “دبه نايرا” هناك، في وقت انتشر وباء الكوليرا في المعسكر، مما أدى إلى حدوث وفيات داخله، منبهاً إلى أن التوقعات تشير إلى ظهور مرض الملاريا بسبب دخول فصل الخريف.

وانتقد في الوقت نفسه المجتمع الدولي وإتهمه بالتواطؤ مع ممارسات الميليشيات في شمال دارفور.

وقال متحدث تنسيقية لجان مقاومة الفاشر إن الحل يكمُن في أن تقوم حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بعملية إسقاط للمواد الغذائية بالطيران على ولاية شمال دارفور وخاصة محلية شمال دارفور، مشيراً إلى أنه الحل العاجل.

جديرٌ بالذكر أن هذه المعسكرات تعتمد على الدعم الخيري فقط من أبناء الولاية داخل السودان وخارجه، وصارت التكايا تعتمد على علف الحيوانات المعروف محلياً بـ (الأمباز)- وهو مخلفات الفول السوداني بعد أن يتم عصره لإستخراج الزيت.

كما فاقم الحصار المفروض على المدينة من تدهور الأوضاع المعيشية والصحية للمواطنين وحول المدينة إلى مدينة أشباح، في وقت تمارس الميليشيات كل أنواع القمع والتجويع. 

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن إستمرار العنف يواصل دفع النظام الصحي إلى حافة الإنهيار، الأمر الذي فاقم الأزمة التي تتسم بالجوع والمرض واليأس.

انتشار الكوليرا في السودان 

وأفادت المنظمة بإنتشار الكوليرا في جميع أنحاء السودان، وتم الإبلاغ عما يقرب من 100,000 حالة منذ يوليو/تموز من العام الماضي. كما توجد حالات تفشٍ للحصبة والملاريا وحمى الضنك وشلل الأطفال.

ونبهت المنظمة إلى أن الجوع يفاقم عبء المرض، مشيرة إلى أن ما يقرب من 25 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشارت المنظمة إلى أن المتوقع أن يعاني حوالي 770,000 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد الوخيم هذا العام. 

في السياق نفسه قال رئيس هيئة محامي دارفور (هيئة حقوقية)، والخبير في القانون الدولي صالح محمود إن دور المجتمع الدولي غائب تماماً، مشيراً إلى انتشار الكوليرا في دارفور. 

وقال إن منطقة جبل مرة في دارفور أصبحت غير قادرة على إستقبال مئات الآلاف من الناس القادمين من مختلف ولايات السودان في ظل تناقص الاهتمام الدولي والإقليمي.

ونبه صالح إلى أن المواطنين الموجودين في مناطق سيطرة الجيش أو مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع هم مسؤولين بالقانون الدولي عن توفير الحماية والغذاء والأدوية لهم.

وقال إنه سيقوم بفتح بلاغات داخل السودان وفي الإقليم الإفريقي وفي المحاكم الدولية وخاصة أمام المحكمة الجنائية الدولية في سلطات الأمر الواقع في دارفور، لأنهم قصروا في توفير الحماية للمحتاجين خاصة ضحايا الكوليرا.  

وفي السياق الإنساني، ذكرت مصادر طبية لوكالة “فرانس برس” أن 63 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، لقوا حتفهم خلال الأسبوع الماضي بسبب سوء التغذية. 

من جانبها قالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر (منظمة ثورية)، إن الاشتباكات تجددت في الحادي عشر من أغسطس/آب الجاري في عدة محاور لمدينة الفاشر، مشيرةً إلى التدوين [القصف] المدفعي المكثف المستمر من قبل ميليشيات الدعم السريع من عدة محاور داخل المدينة. 

وكانت التنسيقية قالت إن النساء لا زلن يطبخن ما تبقى من حبوب و(أمباز)، ليبقين جذوة الحياة مشتعلة وليُعلمن الأجيال القادمة معنى الكرامة الحقيقية.

وأشارت إلى تعرض معسكر “أبوشوك” للنازحين إلى هجوم همجي شنته مليشيا الدعم السريع بعد التوغل داخل المعسكر، مما أسفر عن سقوط أكثر من 40 شهيدًا بينهم 19 جريحاً، منهم من تمت تصفيته بشكل مباشر داخل صفوف المدنيين في منازلهم بمعسكر “نيفاشا” للنازحين.

نشر في صحيفة الميدان/ السودان في 12 أغسطس 2025  

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

بين “عربات جدعون” و”حجارة داوود” .. الميدان قبل طاولة المفاوضات

جوهر التفاوض يقوم أساساً على ورقة صمود الشعب الفلسطيني الذي يمتلك إلى اللحظة إفشال مخطط نتنياهو في تحقيق النصر المزعوم منذ نحو عامين، وهذا الذي يفسر عدم تمكن الجيش الإسرائيلي حتى اللحظة من القضاء على المقاومة

أحمد الديين