
السفينة الخليجية لكسر الحصار عن غزة
منذ أكتوبر العام 2023، إلى يومنا هذا، والعدو الصهيوني يمعن في عدوانه النازي على قطاع غزة، ويرتكب، يوميا، المجازر ضد المدنيين، في محاولة يائسة منه
تتناول هذه المقالة دراسة علوم الزراعة والتربة لدى أميليكار كابرال، والتي لم تحظَ بالاهتمام الكافي، وتعرضها كجزء لا يتجزأ من مشروعه في النضال التحرري ضد الاستعمار البرتغالي في غينيا- بيساو والرأس الأخضر. تستكشف المقالة، أيضاً، تعريفات التربة والتعرية التي وضعها كابرال كمهندس زراعي، إلى جانب تقاريره حول استغلال الأراضي الاستعماري وتحليله للاقتصاد التجاري، بهدف إظهار ازدواجية دوره كعالم تربة للدولة وكمُعدّ للتحرر الأفريقي.
كان كابرال يرى أن الزراعة ليست مجرد علم يجمع بين الجيولوجيا وعلوم التربة والزراعة وعلم الأحياء والاقتصاد، بل وسيلة للحصول على معرفة مادية ومحلّية حول ظروف حياة الشعوب تحت الاستعمار آنذاك. البيانات العلمية التي جمعها خلال عمله كمهندس زراعي كانت أساسية لدعمه نظرياً في نقده للظلم الواقع على الأراضي المستعمرة، كما أصبحت لاحقاً مرجعاً في استراتيجياته العسكرية.
استخدم كابرال منصبه كمهندس زراعي لدى الحكومة الاستعمارية البرتغالية بشكل سري لدعم النضال المناهض للاستعمار. ومن وجهة نظري أن نتائج عمله الزراعي، واهتمامه بالتربة، ومراعاته لعملياتها وتحولاتها لم تسهم فقط في تنظيم النضال التحرري في غينيا بيساو والرأس الأخضر، بل كانت حاسمة في عملية إنهاء الاستعمار، والتي يمكن فهمها كمشروع لاسترجاع الأرض وبناء دولة بعد الاستقلال.
إذا عدنا إلى نحو نصف قرن مضى، نجد أميليكار كابرال في جامعة لندن في 27 أكتوبر 1971، يصف حالة النضال المسلح الذي قاده منذ عام 1963 في ما كان يُعرف آنذاك بغينيا البرتغالية. بعد ثماني سنوات من الكفاح المسلح ضد الاستعمار، تحرر ثلثا هذه الدولة الصغيرة في غرب إفريقيا من الاحتلال البرتغالي. داخل هذه “المناطق المحررة”، التي امتدت عبر الغابات الاستوائية، أسس الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا والرأس الأخضر PAIGC مدارس ومستشفيات ومحاكم ومتاجر جماعية لخدمة الشعب. خلال هذه السنوات، كان كابرال يتنقل بين مقر الحزب في كوناكري بغينيا المجاورة، والمناطق الجنوبية في الغابة حيث يتواجد المقاتلون في غينيا- بيساو، وبين المجال الدولي حيث كان يدافع عن بناء حق شعبه في بناء مجتمع جديد.
وفي محاضرته في لندن عام 1971، وصف ظروف النضال المسلح في غينيا-بيساو قائلاً:
نحن في منطقة مسطحة من إفريقيا. عادةً ما تشير كتيبات حرب” العصابات إلى أن الجبال هي أفضل مكان لتطوير النضال المسلح. من الواضح أن غينيا لا تملك هذه الظروف، لكن هذا لم يوقفنا عن خوض كفاحنا المسلح من أجل التحرر. أما الجبال، فقد قررنا أن شعبنا نفسه سيكون جبالنا، لأنه لم يكن هناك سبيل آخر لتطوير نضالنا بنجاح”.
كان جمهور المحاضرة مكوّناً من طلاب بريطانيين شباب، ونشطاء يساريين، ومهاجرين من شعوب الجنوب العالمي، وداعمين آخرين للجنة لندن من أجل الحرية في موزمبيق وأنغولا وغينيا (CFMAG) وقد حضروا للاستماع إلى رواية مباشرة عن النضال المناهض للاستعمار المستمر في غينيا- بيساو. تشير استعارة كابرال “الجبال = الشعب” جزئياً إلى الطبيعة المسطحة لهذه المنطقة من غرب إفريقيا، وإلى غياب الهيكل الهرمي داخل الحركة المناهضة للاستعمار. لكنها تكشف أيضاً عن العلاقة العميقة التي حافظ عليها كابرال مع المادة المادية للجبال، المكونة من التربة والصخور الأساسية.
بينما كانت جبال كوبا لدى تشي غيفارا تستخدم لتأمين مواقع القواعد وترسيخ السلطة، قام كابرال بتعديل هذه الاستراتيجية لتتناسب مع ظروفه الجيوسياسية الخاصة. فقد نجح الحزب الأفريقي في غينيا في توحيد الشعب ضمن حركة مناهضة للاستعمار منظمة أفقياً، تعطي الأولوية للتعليم والعمل الجماعي كسلاح في النضال المسلح، حيث يُقدّر العمل الزراعي والعمل الفكري على حد سواء دون أي تقييم هرمي. وهكذا أصبحت الجبال رمزاً للشعب القوي، أي الجماعة نفسها.
وعلى نحو أقل مجازية، يعكس هذا النهج النظر إلى كتلة الثوار ورؤية القوة الاستراتيجية المحتملة للجبال في فهم كابرال للعالم من منظور “إيكوسوفي”، أي رؤية شاملة للبيئة. وهذا يتوافق مع جانب أقل شهرة وغالباً ما يُهمل في عمله كمهندس زراعي، حيث شكلت أبحاثه حول التربة والتعرية جزءاً مهماً من تكوينه السياسي.
تقدم هذه المقالة قراءة لنصوص كابرال الزراعية المنشورة في كتابه Estudos Agrários de Amílcar Cabral (دراسات زراعية) 1948–1960.
الانطلاقة: كابرال والزراعة كأداة للتحرر
كابرال كان لا يُفصل بين الجيولوجيا والتاريخ البشري؛ بالنسبة له كانت التربة ليست أرضاً جامدة، بل هي جزء من علاقات ديناميكية مع البنى الاجتماعية، ويتضح ذلك في استجابتها المختلفة لشكل الاستغلال الاستعماري. من الأمثلة على هذا الترابط، الجفاف الكارثي الذي أصاب الرأس الأخضر عام 1941 وأودى بحياة 20 ألف شخص، وقد شهده كابرال حين كان عمره 17 عاماً. ووفقاً لرفاقه، أثرت هذه التجربة في قراره بأن يصبح مهندساً زراعياً. بينما كانت الجيولوجيا تُعتبر في الغرب في القرن العشرين مجرد خلفية ثابتة للعمل البشري، أكدت الأبحاث الحديثة أن فهم الأزمة البيئية المتسارعة والتي يُشار إليها أحياناً باعتبارها سبب تعريف عصر الأرض الجديد مثل الأنثروبوسين أو الرأسمالوسين يحتاج إلى إعادة النظر في مفهومي التاريخ الطبيعي والتاريخ البشري وربطهما معاً. وكان كابرال مستبصراً حين قال: «يمكننا التأكيد، بلا خوف من التناقض أن الدفاع عن الأرض هو أكثر الطرق كفاءة للدفاع عن الإنسانية». كان كابرال متقدماً على عصره بالاعتماد على علماء التربة الأوائل الذين فهموا العواقب البيئية الكارثية للاستعمار الرأسمالي.
عندما كان كابرال طالباً في كلية الهندسة الزراعية في البرتغال، أجرى أبحاثاً في منطقة كوبا بجنوب البرتغال، وهي منطقة مسطحة وجافة وفقيرة اقتصادياً، ما أكسبه فهماً مبكراً لأهمية ربط المعرفة العلمية بالنضال السياسي والصراع الطبقي. أن اهتمام كابرال بعلم التربة دراسة تكوينها وكيميائها وشكلها وتصنيفها كان بدافع إهتمام بيئي شامل، يشمل الأرض والنباتات والحيوانات والبشر وعلاقاتهم الاجتماعية. البيانات التي جمعها خلال عمله كمهندس زراعي كانت أداة أساسية في الجدل النظري والسياسي الذي أدان الظلم الاستعماري، ولاحقاً ساهمت في صياغة استراتيجيته المسلحة الثورية.
لقد منحت تجربة كابرال كطالب زراعة وأبحاثه في منطقة كوبا بجنوب البرتغال إشارة إلى أهمية فهم دور التربة ودمجها في تصور شامل للعالم. ففي رسالته الجامعية لعام 1949 بعنوان «تعرية التربة الزراعية: دراسة منطقة الألنتيجو في كوبا»، وصف هذه المنطقة الفقيرة اقتصادياً والتي كانت أراضيها تتصحر بسرعة في ظل الديكتاتورية الفاشية لأنطونيو دي أوليفيرا سالازار (1933-1974). وقد مكّنته هذه الدراسة الميدانية من تطوير اهتمامه المتميز بالتربة وظاهرة تعريتها، مستفيداً خصوصاً من أعمال علم التربة التي ظهرت منذ منتصف القرن التاسع عشر مثل أعمال جوستوس فون ليبيغ وفيرديناند فون ريشتهوفن، وخاصة فاسيلي دوكوتشاييف. وفي دراساته الزراعية لمنطقة الألنتيجو، استند إلى تعريف ليبيغ الكيميائي للتربة باعتبارها مختبراً للتحقق من أكثر التفاعلات الكيميائية تنوعاً، وإلى منظور ريشتهوفن الجيولوجي الذي يرى التربة كحالة مرضية للصخور، وإلى تعريف دوكوتشاييف للتربة كجسم طبيعي ومستقل وتاريخي. وقد أثّر هذا العلم الناشئ على الفكر السياسي المادي، وخصوصاً على ماركس، وساهم لاحقاً في بناء الحجج المناهضة للاستعمار التي أدان فيها كابرال الممارسات الزراعية والاستخراجية للقوى الاستعمارية.
شدد كابرال على أن التربة لا تُفهم فقط من خلال شكلها الخارجي أو بنيتها السطحية، بل يجب اعتبارها نظاماً حياً وديناميكياً يتغير ويتفاعل مع العناصر الطبيعية والتاريخية المحيطة به. فالتربة تنشأ من الصخر، وعندما تتعرض الصخور لتأثيرات طبيعية أو بشرية، تتحلل وتتفكك فتنتج ما يسميه كابرال “المادة الأصلية”، وهي خطوة أولى لتكوين التربة، إذ لم تصبح بعد تربة مكتملة. بعد تكوّن المادة الأصلية، يحدث نفي ثانٍ خلال عملية التجوية، فينتج جسم التربة الذي يعتبره كابرال مستقلاً ويحمل أثر الزمن والتغيرات البيئية، بما يشمل عمليات كيميائية وبيولوجية مثل الأكسدة، التحلل المائي، نقل السماد الطبيعي، والنشاط الميكروبي، مما يجعل التربة مادة حية تتغير باستمرار بفعل الطبيعة والكائنات الدقيقة والمواد العضوية. ويشير كابرال إلى التزامن بين الصخر (الليثوس) والمناخ (الأتموس)، حيث تنشأ التربة في منطقة التفاعل بين هذين العنصرين، ويصف التجوية بأنها عملية نفي لإنشاء شيء جديد؛ فالصراع بين الصخر والمناخ ليس سلبياً، بل إيجابي، لأنه يؤدي إلى تكوين تربة جديدة وحياة متجددة. ويمكن القول إن التربة هي “قشرة التجوية”، مكان للتغيير المستمر والصراع البنّاء، حيث تتحقق الحياة من خلال التحولات المستمرة للصخر والمناخ والمواد العضوية والنشاط الميكروبي. ويضيف كابرال بعداً فلسفياً لهذه الرؤية عندما يقترح وجود “وكالة للصخور”، أي اعتبار التربة سجلاً يحمل التاريخ والأحداث، وليس مجرد مادة خام، وهي فكرة تتوافق مع ما وصفه ديبيش شاكربارتي بـ “القوة الجيوفيزيائية”، أي قدرة الطبيعة على التأثير والتحرك داخل التاريخ والبيئة دون أن تكون شيئاً ملموساً يمكن امتلاكه.
في هذا السياق، يرى كابرال التربة جسداً تاريخياً، يقارن بين تفاعلاتها الطبيعية ومجتمع شعب غينيا، حيث يشير إلى الناس باعتبارهم “جبالنا”. عملية التجوية بين الصخر والجو تمثل قوة جيو-غرافية تساعد على قراءة الأرض وفهم مستقبلها من خلال سجلّاتها الماضية. يمكن فهم أن الناس جزء من التربة والتربة جزء من الناس. عندما يقول كابرال إن “الناس هم جبالنا”، فهو يعني أن الناس أنفسهم هم الطبيعة الميدانية للنضال، على عكس فكرة تشي غيفارا التي تعتبر الجبال مجرد ملاذ طبيعي للمقاتلين.
اتباع كابرال للتحليل مستلهم من منهج كارل ماركس في دراسة المادية التاريخية في كتابه رأس المال، لكنه يوسع التحليل ليشمل الظواهر البيئية باعتبارها فاعلة بذاتها. ويرسم تعريفاً للتربة على شكل معادلة رياضية، حيث تعتبر التربة مجموع خصائصها وعمليات التجوية خلال فترة زمنية محددة:
حيث تمثل:
خصائص التربة، المناخ، الكائنات الحية، الغطاء النباتي، الإنسان، التضاريس، المادة الأصلية، الزمن، التطور عبر الزمن.
يمكن توسيع هذه الفكرة لتصبح: التربة كطبقة نصية متعددة السجلات (Palimpsest) وما سُجّل عليها عبر الزمن يعادل التاريخ نفسه.
يرى كابرال أن التآكل ظاهرة طبيعية تحدث تدريجياً ضمن ما يسميه “توازن التربة- الحياة – المناخ”، لكنه يحذر من أن تدخل الإنسان يمكن أن يخل بهذا التوازن ويزيد من تدهور الأرض. لذلك، يجب فهم دراساته حول فقدان التربة في سياق استغلال النظام الاستعماري للأراضي والرقابة القمعية على المجتمعات البشرية.
رغم أن كابرال في أعماله الرسمية يقتصر ذكره لـ جوستوس فون ليبيغ Justus von Liebig) عالم كيمياء زراعية ألماني، ركز على العناصر الغذائية للتربة وأثرها على الزراعة) على المسائل الكيميائية للتربة («التربة مختبر لمراقبة التفاعلات الكيميائية»)، فمن المرجح أنه اطلع أيضاً على مواقفه السياسية المتعلقة بالاقتصاد الجغرافي للتربة. كان ليبيغ مهماً لماركس في تحليله للتربة والمادية التاريخية) نظرية ماركس التي تفسر تطور المجتمع عبر العوامل المادية والاقتصادية)، كما يشير جون بيلامي فوستر: «حين كتب ماركس “رأس المال” في ستينيات القرن التاسع عشر، كان قد اقتنع بالطبيعة المتناقضة وغير المستدامة للزراعة الرأسمالية»، خصوصاً بسبب التطورات التاريخية مثل استنفاد خصوبة التربة عبر فقدان العناصر الغذائية، وتحول أعمال ليبيغ نفسها نحو النقد البيئي للزراعة الرأسمالية وأكد ماركس على الأثر البيئي لهذه التطورات: «كل تقدم في الزراعة الرأسمالية هو تقدم في فن، ليس فقط لسرقة العامل، بل لسرقة التربة؛ وكل تقدم في زيادة خصوبة التربة لفترة محددة هو تقدم نحو تدمير المصادر الأكثر ديمومة لتلك الخصوبة».
رغم أن كابرال قد قرأ أعمال ليبيغ، دوكوشاييف، ماركس وآخرين، عندما سُئل لاحقاً عن مصادره الإيديولوجية خلال محاضرته في جامعة لندن، أجاب: «الانتقال من واقع بلدك نحو بناء إيديولوجيا للنضال لا يعني الادعاء بأنك ماركس أو لينين أو أي مفكر عظيم آخر، بل هو ببساطة جزء ضروري من النضال».
كان من المنطقي، سياسياً، لقادة حركات التحرير الأفريقية التأكيد على أن منظماتهم السياسية كانت منبثقة من القاعدة الشعبية من الناس العاديين وليس مفروضًا من أعلى)، وأن نظرياتهم مستمدة من تجارب نضالاتهم بدلاً من النظريات السياسية المستوردة. ومع ذلك، تأثروا بطبيعة الحال بمفكرين أوروبيين وبان-أفريقيين (Pan-African دعاة الوحدة والتعاون بين شعوب إفريقيا). كابرال لم يقلد كلمات ليبيغ أو حتى نظريات ماركس، لكنه استخدم أساليب مشابهة في تجميع المعرفة المرتبطة بالسياق المحلي معرفة مستمدة من الواقع المحلي والخبرة العملية وليس النظريات العامة)، أي من منظور غير أوروبي (منظور لا يركز على أوروبا كمركز للمعرفة).
بدلاً من دراسة التربة الأفريقية المستعمرة (وهو اهتمامه الأساسي)، بدأ كابرال بدراسة خصائص أرض المستعمر (البرتغال) نفسها: أزمتها النظامية وميولها للعنف. هذا العمل على تآكل التربة في البرتغال أهله للعمل كمهندس زراعي لدى الدولة الاستعمارية في الإدارات الخارجية (مستعمرات البرتغال في الخارج). في عام 1952، عُين كابرال من قبل وزارة الشؤون الخارجية البرتغالية لإجراء دراسة لمدة عام حول ممارسات الزراعة في غينيا البرتغالية (غينيا بيساو الحالية، أرض مولده). هنا أنشأ كابرال ما أسماه مختبرًا تجريبيًا (مكان لتطبيق التجارب الزراعية العملية) في مزرعة بيسوبي، وفي عام 1953 قام بإجراء تعداد زراعي (جمع بيانات عن الزراعة وحالة الأراضي والمزارعين)، وهي عملية مكنته من التواصل المباشر مع السكان والحصول على بيانات طبوغرافية حول البلاد. هذا التعداد، الذي درس حالة الزراعة في مستعمرات البرتغال، كان مطلوباً من الحكومة البرتغالية من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO: Food and Agricultural Organisation).
كابرال والمفهوم الجديد للزراعة
عندما بدأ كابرال عمله كمهندس زراعي في غينيا، كان مقتنعاً بأن عملية الاستقلال ستسير سلمياً، كما حدث في العديد من الدول الأفريقية الأخرى التي استعمرتها دول أوروبية. بناءً عليه، بدأ العمل على مفهوم جديد للزراعة يهدف إلى استبدال النموذج الاستعماري القائم.
نشر كابرال سلسلة مقالات زراعية مهمة، منها في دفاع عن الأرض I–IV وحول استخدام الأرض في أفريقيا السوداء (1954). في المقالة الأولى، تناول حالات اقتصادية عالمية مرتبطة بإعادة تأهيل التربة (soil (reclamation وكتب: «أمثلة الدعاية لا تكفي لحل مشكلة جذورها متجذرة في الهيكل الاقتصادي للمجتمعات.» أما في المقالة الثانية، فقد ركز على العنصر البشري في الزراعة والاقتصاد الزراعي، قائلاً: «المصدر الأساسي والجوانب المحددة هم البشر أنفسهم، تصرفاتهم مرتبطة بالهيكل الاقتصادي المدعوم بالأنشطة الزراعية)».
كما تناول عنف الدولة في السياسات الزراعية المفروضة على التربة وتناقضاتها:
«النظام الثقافي الذي يميز أفريقيا السوداء هو نظام رحل يتم اختيار جزء من الأدغال أو السافانا للزراعة، تُخفف النباتات الطبيعية ثم تُحرق؛ تُستغل الأرض لفترة قصيرة ثم تُهجر؛ تعود الغابة أو السافانا لاستعادة الأرض».
هذا النظام يتطلب مستوى عالٍ من عدم استقرار السكان الناس لا يرتبطون بالأرض بشكل دائم، بينما يبدو هذا الارتباط ضرورياً لعملية التنمية.
شرح كابرال أن النظام الزراعي الرحل كان حلاً طبيعياً ومتكرراً لمشاكل البيئة في أفريقيا السوداء، لكنه ازداد نقده للإجراءات الاستعمارية:
«باختصار، أدخل الاستعمار نظام إنتاج جديد في أفريقيا يُعرف بـ (اقتصاد قائم على التجارة الاستغلالية)، ومع ذلك حافظ على نظام الرحل في الزراعة. تُطبّق السياسات على الأرض دون مراعاة الخصائص البيئية المحلية بينما أوروبا مقتنعة بتفوق أساليبها”.
ندد كابرال بالآثار الاستغلالية للاقتصاد التجاري الاستخراجي، واستند في تحليله إلى وصف ليبيغ للوضع الذي ينشأ عندما تتحول الزراعة التجريبية للتاجر إلى نظام سلب، حيث تفقد التربة قدرتها على التجدد: «كل نظام زراعي قائم على استنزاف الأرض يؤدي إلى الفقر».
اعترف كابرال بأن زراعة الرحل لا تسمح بتطور بعض الجوانب الثقافية أو البنى التحتية بسبب عدم استقرار السكان لكنه شدد على أن:
«تطور تقنيات ثقافية أفريقية جديدة تخدم تقدم شعوب أفريقيا السوداء لا يمكن أن يتجاهل معرفتهم العميقة بالبيئة وإمكاناتها. إهمال هذه الحاجة الحيوية أدى بالفعل إلى عدة كوارث، وفي قلب هذه الكوارث عادةً ما نجد شبكة مركبة من المكونات التي أدخلها الاستعمار في حياة أفريقيا السوداء».
وأشار كابرال إلى اهتمام ماركس في البداية بتطورات ليبيغ في الأسمدة الصناعية، رغم تشككه، لاحقاً، في قيمتها على المدى الطويل: «الخصوبة ليست صفة طبيعية كما قد يُظن، بل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعلاقات الاجتماعية في ذلك الوقت».
ركز كابرال على التغيرات التاريخية في خصوبة التربة لتحسين الزراعة، واعتبرها عنصراً ثابتاً في فكر ماركس اللاحق، لكنه أشار أيضاً إلى كيف يمكن أن تضر الزراعة الرأسمالية بالخصوبة، مما يؤدي إلى تدهور التربة بدل تحسينها. «في أعماله اللاحقة حول الاقتصاد السياسي، قدم ماركس معالجة منهجية لمسائل مثل خصوبة التربة، إعادة التدوير العضوي والاستدامة، استجابة لأبحاث ليبيغ، ومن خلالها يظهر الإطار المفاهيمي الأكبر الذي يؤكد على “الفجوة الأيضية بين إنتاج الإنسان وحالته الطبيعية».
بهذه الطريقة، جمع كابرال معرفة موقعة حول الصراع بين أفريقيا والبرتغال، مستفيداً من ماركس وليبيغ لفهم البعد العالمي للأزمة الزراعية قبل نحو قرن من الزمان.
أزمة الزراعة الأوروبية ودورها في استعمار أفريقيا
اعتبر كابرال أن أزمة الزراعة الأوروبية كانت سبباً جزئياً وراء استعمار أفريقيا، خاصة بعد مؤتمر برلين 1884–1885، الذي نظّم السباق على القارة. وكتب:
«الأوروبيون استغلوا الأرض والعمالة الأفريقية لإنتاج الغذاء، لكن هذا الاستغلال دمّر الأراضي تدريجياً. اضطرّ الأفارقة للهجرة أو فقدوا الوقت لاستيعاب معرفتهم التقليدية بالبيئة. هذا الخلل في إدارة التربة ساعد على ظهور أمراض تضعف الإنسان».
في عام 1969، خلال حرب الاستقلال، ناقش كابرال مع المكتب السياسي لحزب PAIGC طرق المقاومة المختلفة: السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والعسكرية. وأوضح أن العمل الاقتصادي في غينيا كان مستمراً كنظام استغلالي، حتى بعد إلغاء العبودية، من خلال التلاعب بالضرائب والأسعار والأجور. وقال عن زراعة الفول السوداني: «لقد حللناها جيداً ووجدنا أنها تعتمد على عمل قسري».
استعمل كابرال أدوات منهج التحليل الماركسي لفهم ظروف شعوب غينيا بيساو وعلاقتها بتدهور التربة، ومن خلال هذه الدراسة تنبّأ بما نراه اليوم من هجرة قسرية للسكان الأفارقة نتيجة تدمير الأرض على المدى الطويل بسبب الاستعمار.
تظهر طبيعة عمل كابرال المزدوجة والتحريضيّة عند النظر إلى دوره كناشط سياسي ومهندس زراعي في الفترة بين 1948 و 1960. رغم أن عمله لصالح الدولة البرتغالية قد يُفهم على أنه خضوع للسلطة الاستعمارية، فإن طبيعته المزدوجة – أي عمله الرسمي الذي استخدمه بشكل سري لصالح النضال – كانت تحريضية. وقد تجلّى هذا التحول من الاحتقار المستتر إلى النقد المباشر للنظام الزراعي الاستعماري في مقالاته مثل حول استخدام الأرض في أفريقيا السوداء، ما جعل عمله في غينيا البرتغالية صعباً.
أحد أمثلة هذا النهج التحريضي يعود إلى عام 1948، عندما انضم كابرال إلى بيت طلاب الإمبراطورية في لشبونة، وهو مؤسسة أكاديمية أنشأتها وزارة المستعمرات لتعزيز شعور بالانتماء للبرتغال بين طلاب المستعمرات. هناك التقى بإدواردو موندلان (أول رئيس لحركة FRELIMO لتحرير موزمبيق)، ماريو بينتو دي أندرايد (أحد مؤسسي MPLA وشريك المخرجة سارة مالدورور)، أغوستينو نيتو (أحد مؤسسي MPLA ) وغيرهم من قادة المستقبل المناهضين للاستعمار. سرعان ما قام الطلاب بتحريف الأجندة الرسمية للمؤسسة، وجعلوها مركزًا للشباب المثقف لتطوير خطاب نقدي حول السياسة الاستعمارية، ومن ثم التحضير للنضال المسلح.
نشر CEI العديد من المطبوعات الشعرية القصيرة وأصدر مجلة Mensagem (رسالة) التي ركزت على الشعر غير الأوروبي في العالم اللوسوفوني (Lusophone الدول الناطقة بالبرتغالية). كان الشعر بمثابة قناع ثقافي يسمح لهؤلاء الشباب بالتعبير عن القمع الذي يعانيه شعوب أفريقيا والجنوب، وصعّب على الشرطة السياسية البرتغالية (PIDE) فهم الرسائل السياسية الخفية في هذه الأنشطة.
بعد إنهاء عمله الميداني في غينيا البرتغالية، واصل كابرال العمل كمهندس زراعي، موجهاً اهتمامه إلى ظروف حفظ الأغذية في أنغولا، الرأس الأخضر ولشبونة. سمح له هذا البحث بالتنقل بحرية بين المستعمرات والبرتغال، والحصول على معلومات استراتيجية حول الاعتماد الاقتصادي للبرتغال على المنتجات المستعمرة ( اقتصاد يعتمد على التجارة الاستعمارية)، والتي أرسلها إلى الأحزاب المناهضة للاستعمار التي تأسست حديثاً في أنغولا وموزمبيق.
في عام 1955، أسس كابرال حركة الاستقلال الوطني لغينيا ونقل عمله الزراعي إلى أنغولا، الرأس الأخضر ولشبونة. ثم، في 1956، شارك في تأسيس MPLA (حركة تحرير شعب أنغولا) في أنغولا، وPAI) حزب الاستقلال الأفريقي، الذي أصبح لاحقًا PAIGC في غينيا)، وفي لشبونة أسس MLPCP) حركة تحرير شعوب المستعمرات البرتغالية) وMAC (الحركة المناهضة للاستعمار). هذه النخبة المتعلمة من المستعمرين خططت بهدوء للثورة، مستغلة أدوات المستعمر – الزراعة، العلم، الشعر والمؤسسات الأكاديمية – ضد سلطته.
في أغسطس 1959، نظم البحارة والتجار مظاهرات في ميناء بيدجيكوتي في بيساو للمطالبة بتحسين ظروف العمل، وأسفر ذلك عن مجزرة قتل فيها 50 شخصاً وأصيب المئات. هذا الحدث أوقف محاولات PAIGC للتفاوض السلمي مع البرتغال. بعد نصف عام، في يناير 1960، ترك كابرال عمله كمهندس زراعي وذهب للعمل السري ليصبح مستشاراً سياسياً ونظرياً للنضال التحرري.
في يونيو 1961، فر مئات الطلاب من المستعمرات الأفريقية من البرتغال سراً لتجنب التجنيد القسري في الجيش البرتغالي. وكان CEI مركزاً رئيسياً لتنظيم هذه العملية. وفي 23 يناير 1963، بدأت الحرب المسلحة في غينيا، عندما شنت مجموعات حرب العصابات التابعة لـ PAIGC هجوماً على القاعدة العسكرية البرتغالية في تيتي جنوب البلاد.
كما ذكرنا، كان أول عمل لكابرال في غينيا البرتغالية عام 1952 هو إدارة المزرعة الحكومية في بيسوبي، والتي حولها بسرعة إلى مزرعة تجريبية لإجراء أبحاث زراعية وتطبيق أفكاره عن تطوير غينيا بعد الاستقلال. وفقاً لكارلوس شوارتز، وضع كابرال ثلاثة أهداف أساسية للمزرعة:
1. تحويل المزرعة من مجرد مكان لإنتاج الخضروات للسلطات الاستعمارية أو مكان للترفيه والنزهات، إلى مركز للأبحاث الزراعية يساعد على تحسين إنتاجية الفلاحين وتحديث طرق الزراعة.
2. إزالة الحواجز الداخلية بين خدمات الزراعة والفلاحين، ليكونوا هم المستفيدين الرئيسيين من هذه الخدمات.
3. تشجيع التفاعل وتبادل الخبرات بين الفلاحين الغينيين وفلاحي الدول المجاورة.
كان الهدف من المزرعة التجريبية تغيير طرق الزراعة بهدف تحرير الناس وإصلاح الأرض. المبادئ الأساسية للمزرعة، المبنية على شعار «التجربة والنشر»، تظهر بدايات ما أصبح لاحقاً نظرية الثقافة لكابرال.
طور كابرال نظريته الثورية بعد هذه الفترة من العمل المزدوج، حيث استخدم اسمًا مستعارًا Abel Djassi لقيادة الحركة المناهضة للاستعمار، بينما كان لا يزال يعمل كمهندس زراعي للنظام البرتغالي. ومع انطلاق النضال المسلح، أصبح زعيماً لحركة PAIGC ونظرياً للمقاومة المناهضة للاستعمار.
كانت خطاباته للشعب، للأمم المتحدة، للمقاتلين والمعلمين، تحمل رؤية إيكولوجية للتحرر، أي فهم العلاقة بين البيئة والتحرر السياسي والثقافي، مستوحاة من فك الاستعمار للغة نفسها. كما أوضح في جامعة سيراكيوز:
«لا يمكن التوفيق بين السيطرة الاقتصادية والسياسية على شعب ما، مهما كان مستوى تطوره الاجتماعي، مع الحفاظ على شخصيته الثقافية».
واعتبر أن نظرية الاستيعاب التدريجي للسكان الأصليين هي مجرد محاولة عنيفة «لإنكار ثقافة الشعوب». بالنسبة له، كان تحرير الأفارقة يتطلب تحرراً ثقافياً على المستوى الشعبي.
يمكن تلخيص المبادئ الثلاثة لمزرعة بيسوبي لما خطط له لكامل غينيا المستقبلية:
لا إنتاج نخبوي للمحاصيل،
لا جدران تفصل السلطة عن الفلاحين،
تشجيع تبادل المعرفة الزراعية بين الجماعات المختلفة من خلال الكريول والسينما.
في البداية، اعتقد كابرال أن الاستقلال يمكن تحقيقه عبر الاحتجاجات السلمية والمطالب الشرعية، مدعوماً بجهود تربوية مستمرة نحو التحرر الذاتي باستخدام ما أسماه لاحقاً باولو فريري: التوعية النقدية، أي رفع الوعي عبر فهم الواقع الاجتماعي والسياسي.
لكن القمع العنيف للبرتغاليين للمظاهرات في غينيا، خاصة مجزرة ميناء بيدجيكوتي عام 1959، أوضح أن البرتغاليين لن يعترفوا بحق الاستقلال، مما دفع إلى اندلاع الكفاح المسلح.
خلال خطاباته للمقاتلين والفلاحين، شدد كابرال على إعادة تسمية وإعادة تعريف الكلمات والمفاهيم والجغرافيا كجزء من عملية التحرر، وهو ما يعزز كفاءة العمليات الاستراتيجية في الحرب.
على سبيل المثال، قال: «في غينيا، الأرض مقطعة بفروع بحرية نسميها أنهاراً، لكنها في العمق ليست أنهاراً… فحتى الوصول إلى اليابسة هناك مياه مالحة فقط». يشير هذا إلى قصور القاموس الاستعماري، ودليل على عدم شرعية الاحتلال.
كابرال هنا يتحدث عن الأرض في غينيا بطريقة تتجاوز مجرد وصف جغرافي بسيط. عندما يقول: «الأرض مقطعة بفروع بحرية نسميها أنهاراً، لكنها في العمق ليست أنهاراً»، فهو يشير إلى أن التسميات التي استخدمها المستعمرون لا تعكس الواقع الفعلي للأرض والمياه. فالمستعمر، وفق منظور كابرال، كان يستخدم مصطلحات جاهزة من قاموسه الأوروبي ليصف الأراضي والمياه، دون فهم حقيقي لطبيعتها، كأن يسمي مجاري مائية مالحة أنهاراً صالحة للاستخدام.
ثم يضيف: «فحتى الوصول إلى اليابسة هناك مياه مالحة فقط»، وهذا يعزز فكرة أن المستعمر لا يفهم طبيعة الأرض ولا يمكنه الحكم عليها بدقة، وأن هذه التسميات غير الدقيقة ليست مجرد خطأ علمي بل دليل على عدم شرعية الاحتلال، لأنه يظهر أن المستعمر لا يمتلك الحق المعرفي أو الواقعي في السيطرة على الأرض، فهو يفرض تصنيفات غريبة على بيئة لم يفهمها أصلاً.
كما استخدم مفهوم الحركة الطاردة المركزية تكتيكياً: «بدأنا من المركز وتحركنا نحو الأطراف»، مفاجئاً البرتغاليين الذين توقعوا هجوماً من الحدود. هذا يوضح كيف يمكن للوعي بالمكان والواقع المحلي أن يحسن من استراتيجيات المقاومة.
في عام 1966، خلال مؤتمر Tricontinental في هافانا، قدم كابرال ورقة بعنوان «سلاح النظرية». بعد عام، أرسل مجموعة من الشباب الغينيين إلى كوبا لتلقي تدريب في الطب والحرب وصناعة السينما. بعضهم – مثل سنا نهاد، فلورا غوميز، جوزيفينا كراتو وجوزيه بولاما – تعلموا صناعة الأفلام في المعهد الكوبي للفن والصناعة السينمائية (ICAIC) تحت إشراف سانتياغو ألفاريز، وبدأوا أيضاً بتعلم اللغة الإسبانية والعمل التطوعي، الذي علمهم التواضع أي البقاء متصلين بالأرض وعدم الانفصال عن الواقع الشعبي.
علمت هذه التجربة المتدربين كيفية إنتاج سينما متجذرة في المجتمع، تخدم النضال الثوري الشعبي. وعاد هؤلاء في 1972 لتوثيق الحرب المستمرة ضد البرتغال، وبعد إعلان الاستقلال، لبناء القدرة على صناعة الأفلام في دولة مستقلة.
الخاتمة: الزراعة كمرآة للاستعمار ومفتاح للتحرر
في خطاب هافانا عام 1966، أكد كابرال:
«نلاحظ، مع ذلك، أن نوعاً من النضال الذي نعتبره أساسياً لم يُذكر صراحة في هذا البرنامج… نحن نشير هنا إلى النضال ضد ضعفنا الخاص». ومن هذا كان استخدام نموذج وطني قائم على النموذج الاستعماري، وهو ما أدى إلى ظهور أشكال الاستعمار الجديد بعد الاستقلال.
قراءتي لكتابات كابرال العلمية والاقتصادية والسياسية تقترح فهم «التفكك المادي» (meteorisation) كأداة عملية في نضال دائم، وهو الحالة الوحيدة الممكنة للتحرر. كابرال لم يكن يدعو إلى مستقبل طوباوي خالٍ من القمع بعد الاستعمار، بل كان يجهز المقاتلين، واللغة، والتربة لاستمرار عملية التحرر، وهو ما كان يحضر حتى لمواجهة التهديدات البيئية، متوقعاً ما أُطلق عليه لاحقاً عصر الأرض الرأسمالي (Capitalocenic Earth epoch).
تم اغتيال كابرال في 20 يناير 1973، قبل أن يرى نتائج عمله وتطلعاته الكاملة للاستقلال.
الوضع الحالي في غينيا بيساو يشهد سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على الأراضي، ما يحوّل النماذج التاريخية للاستخراج الاستعماري إلى أنظمة عولمية استغلالية جديدة، مما يجعل التربة المغمورة بالمياه مثل terra nullius (أرض بلا صاحب) لإنشاء المناطق الاقتصادية الحرة.
شعار كابرال «شعبنا هو الجبال» يعكس عقلية مضادة للاستغلال، تفعيل روحانية التربة، جمع المعارف المختلفة، ونفي الاستعمارية. إنها استعادة التربة. النقوش على التربة وفيها تحكي قصص الفقر والقوة التحررية لخصوبة الأرض.
مترجم وباحث في العلوم السياسية المتعلقة بالشأن الأفريقي. كاتب في العديد من المجلات والصحف الأفريقية. شارك في طبعات مترجمة باللغة العربية والإنجليزية في عدة مراكز بحثية بأفريقيا
منذ أكتوبر العام 2023، إلى يومنا هذا، والعدو الصهيوني يمعن في عدوانه النازي على قطاع غزة، ويرتكب، يوميا، المجازر ضد المدنيين، في محاولة يائسة منه
نشهد تحول التعليم من أجل النهضة إلى التعليم من أجل السوق، حيث أنه في ظل صعود النيوليبرالية، وسياسات الخصخصة وتمكين القطاع الخاص، فَقَدَ التعليم العربي كثيراً من روحه، وتحول من مشروع جماعي للنهضة إلى خدمة فردية تُقاس بمعايير المال
لن تضر مثل هذه الرسوم الجمركية بالمصدّرين البرازيليين فحسب، بل ستضر أيضاً بالمستهلكين الأميركيين من خلال رفع أسعار المنتجات اليومية
ما إن صعدت روح زياد إلى بارئها وتم إعلان مغادرته للحياة الدنيا، حتى بدأت حملات التفتيش والتشويه في سجل الرّاحل بحثاً عن هفوات وسقطات وزلات