
“مخيال معيوف” للروائي عبد الهادي الجميل
في رواية “مِخْيال معيوف” يبدأ السرد من ولادة معيوف في صحراء الشعيب غرب الكويت، حيث يقضي الأشهر الستّة الأولى من حياته عليلًا قبل نقله إلى
اللغة هي الحاضنة الأولى للهوية، والوعاء الذي تنعكس فيه الحضارة، وأداة الشعوب في صياغة وعيها ومكانتها بين الأمم. وفي زمن العولمة المتسارعة، تتعرض اللغة العربية لتحديات جسيمة، تهدد موقعها الثقافي والمعرفي، وتضعها في مواجهة مباشرة مع هيمنة لغوية فرضتها قوى الإنتاج الصناعي والعلمي الكبرى، وعلى رأسها اللغة الإنجليزية. ليس هذا التحدي وليد اليوم، بل هو امتداد لسيرورة تاريخية تثبت أن اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي انعكاس لقوة الأمم المنتجة في الاقتصاد والصناعة والمعرفة.
ظاهرة الهيمنة اللغوية
لقد شهد العالم في القرون الأخيرة تحولًا جذريًا في موازين القوى الحضارية، حيث صعدت قوى صناعية كبرى فرضت منتجاتها واكتشافاتها على العالم، ومعها فرضت لغتها كلغة للعلم والتكنولوجيا والإدارة. اللغة الإنجليزية، على سبيل المثال، لم تصبح لغة عالمية بالصدفة، بل لأنها ارتبطت تاريخياً بالثورة الصناعية التي قادتها بريطانيا في القرن الثامن عشر، ثم الهيمنة الأميركية في القرن العشرين. مع كل اختراع جديد، كانت المصطلحات تُكتب وتُدوّن بالإنجليزية، ومع كل تطور في التكنولوجيا والعلوم، كانت هذه اللغة هي الوسيط الأساسي لنقل المعرفة. أصبح العالم، بما فيه الدول الناطقة بلغات أخرى، مضطراً لتعلم الإنجليزية من أجل الوصول إلى أحدث الاكتشافات أو التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، كما لا يغيب عن الذهن تأثير الاستعمار على فرض اللغة.
هذه الهيمنة اللغوية ليست حكراً على العصر الحديث، بل هي ظاهرة متكررة في التاريخ. في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، عندما كانت الأمة العربية في طليعة الإنتاج العلمي والمعرفي، كانت اللغة العربية هي لغة العلم والفكر في العالم. كُتبت أعظم المؤلفات في الطب والفلك والرياضيات والكيمياء باللغة العربية، واضطر الباحثون في أوروبا إلى تعلم العربية أو ترجمة كتبها لفهم هذه العلوم. لكن مع تراجع الإنتاج العلمي في العالم العربي، تراجعت مكانة العربية عالمياً، وحلت محلها لغات القوى الصناعية الصاعدة.
اليوم، نجد أن اللغة الإنجليزية تُستخدم كلغة رئيسية في مجالات البحث العلمي والتعليم العالي. في معظم الجامعات العربية، تُدرّس التخصصات العلمية كالطب والهندسة بالإنجليزية، لأن المصادر الأساسية لهذه العلوم مكتوبة بهذه اللغة. حتى في سوق العمل، أصبحت الإنجليزية معياراً رئيسياً للتوظيف، بغض النظر عن حاجة الوظيفة الحقيقية لهذه اللغة. في مجال التكنولوجيا، تُصمم البرمجيات وتُكتب الوثائق التقنية بالإنجليزية، ما يجعلها اللغة الحاكمة في هذا الميدان. أما في الإنترنت، وهو المصدر الرئيسي للمعرفة في عصرنا، فإن المحتوى المكتوب بالإنجليزية يتصدر المشهد، حيث تشكل اللغة الإنجليزية الأغلبية الساحقة من المعلومات المتاحة، بينما يظل المحتوى العربي محدوداً نسبياً، رغم أن العرب يشكلون نسبة كبيرة من سكان العالم.
ازدهار اللغة والارتباط بقوة الأمة
في مواجهة هذا الواقع، اتخذت بعض الدول العربية خطوات لتطوير المناهج التعليمية؛ إذ سعت إلى تحديث اللغة العربية وإثرائها بمصطلحات حديثة في مجالات العلوم والتكنولوجيا. هذه الجهود تهدف إلى جعل العربية قادرة على مواكبة العصر، ولإعادة الثقة بها كلغة قادرة على حمل المعرفة الحديثة. لكن تطوير المناهج وحده لا يكفي إذا لم يترافق مع مشروع حضاري شامل يعيد للأمة العربية دورها في الإنتاج الصناعي والعلمي.
فاللغة، كما أثبت التاريخ، لا يمكن أن تزدهر في فراغ. ازدهارها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بقوة الأمة التي تتحدثها. من ينتج المعرفة والتكنولوجيا، يفرض لغته على العالم، ومن يستهلكها فقط، يجد نفسه مضطراً لتعلم لغة المنتج. الهيمنة الثقافية واللغوية للإنجليزية اليوم ليست مجرد نتيجة لتفوقها الجمالي أو اللغوي، بل لأنها لغة القوى المنتجة التي تتحكم في الاقتصاد العالمي، وتصدر الصناعات، وتبدع في التكنولوجيا.
إن الدفاع عن اللغة العربية لا يعني رفض تعلم اللغات الأخرى أو الانغلاق على الذات، بل يعني إعادة الاعتبار للعربية كلغة قادرة على قيادة مشروع حضاري يتفاعل مع العصر دون أن يفقد خصوصيته. ولكي تستعيد العربية مكانتها، لا بد من الاستثمار في البحث العلمي، وتشجيع الابتكار والإنتاج الصناعي، وتوطين التكنولوجيا بلغتنا الأم. كما يجب تعزيز الترجمة من اللغات الأخرى إلى العربية، بحيث تصبح جسراً لنقل المعرفة، لا مجرد أداة استهلاكية.
اللغة العربية ليست مجرد كلمات مكتوبة أو منطوقة، بل هي مرآة تعكس روح الأمة وحضارتها. في زمن العولمة، تحتاج العربية إلى مشروع نهضوي يعيد لها مكانتها، ويجعلها لغة للإبداع العلمي والتكنولوجي. الحفاظ على اللغة العربية ليس مجرد واجب ثقافي أو تاريخي، بل هو معركة من أجل الكرامة والهوية والاستقلال. من ينتج يصوغ لغته على العالم، ومن يستهلك يكتفي بدور التابع. العربية تنتظر منا أن نجعلها لغة للمستقبل، لا أن نبقيها حبيسة الماضي.

في رواية “مِخْيال معيوف” يبدأ السرد من ولادة معيوف في صحراء الشعيب غرب الكويت، حيث يقضي الأشهر الستّة الأولى من حياته عليلًا قبل نقله إلى

إن المسرح العربي، رغم عشوائيته الراهنة، لا يزال يحتفظ بجمرٍ تحت الرماد، ينتظر من ينفخ فيه بإخلاص وإيمان حقيقي بدور الفن في التغيير

صدر عن منشورات تكوين كتاب “الـغَـربُ تاريخٌ جديدٌ لفكرةٍ قديمةٍ”، تأليف نيشا ماك سويني، ترجمة د. إيمان معروف. كلمة المؤلفة يتناول هذا الكتاب موضوعاتٍ تمتدُّ

أطلقت جائزة الشيخ يوسف بن عيسى للكتاب دورتها الأولى (2025–2026)، خلال المؤتمر الصحفي الذي أُقيم مساء يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، في تمام الساعة السادسة



