تأسيس وانطلاق الكتلة النسائية الديمقراطية الكويتية «كندة»
تواصلت «تقدُّم» مع القائمات على «كندة» لمعرفة المزيد عن تأسيس الكتلة
إن التناقض بين النسوية والنظام الذكوري يقبع في قيّم الرأسمالية من تملّك واستغلال للمرأة كعامل تارة وكسلعة تارة أُخرى وتوريث وضع اجتماعي/إنساني مُتهالك وغير إنساني في بعض الأحيان، لا مسألة الجندر المُستقلة بذاتها على أهميته كما تصوره النسوية البيضاء/الليبرالية، وعند العودة لأصل الصراع من وجهة نظر المادية التاريخية:- تزامنت الذكورية مع ظهور التدجين والفلاحة ثم فائض الإنتاج والطبقية واستغلال الآخرين للعمل واستعبادهم، وبالعودة إلى فريدريك انجلز في كتابه “أصل العائلة والدولة” نرى أن المساواة بين المرأة والرجل كانت الحالة الطبيعية خلال فترة تتجاوز نصف التاريخ، حيث تظهر الأنثروبولوجيا أنهن كن أعلى درجة وكانت المرأة حينها تمثل الخصوبة ووهب الحياة والمغذي الرئيسي للطفل الواهن ومصدر الغذاء والعاطفة، بالإضافة للمسؤولية عن شؤون تنظيم القبيلة أو العشيرة والرعاية ونُصبت على مر التاريخ، وفي فترات عديدة، مراكز القيادة في القبائل، وتمتعت بحق اتخاذ القرار شراكةً مع الرجل دون تمييز، ومع تضخم التفاوت الطبقي وتوجيب نقل ميراث الرجل إلى أبنائه فرضت فكرة “أحادية النسل” نفسها، حيث أصبح الطفل يُنسب لوالده لا إلى والدته، وبتملك الرجال وسائل الإنتاج أصبحت النساء جزءاً من تلك المُمتلكات، وحبسن في أسوار المنازل ونحين عن عملية الإنتاج وصرن تابعات وحبيسات لمالك وسائل الإنتاج وهنا بدأت المرحلة التي وصفها فريدريك انجلز “بالهزيمة التاريخية للنساء”.
وبعد أن ركزّت الرأسمالية أوتادها وتعقدت معها علاقات الإنتاج برزت الحاجة المُلحة إلى المزيد من الأيادي العاملة الرخيصة، خصوصاً مع انتشار الحروب نتاج تناقض مصالح القوى الامبريالية الكبرى، فشاركت النساء كجزء أكثر ضعفاً في العمل المأجور بأبخس الأجور، وما أن تفرغ من استغلال أصحاب رؤوس الأموال لها عبر العمل المأجور حتى ترجع لمنزلها لتمارس عملها غير المأجور المتمثل في تربية الأبناء والأعمال المنزلية، لتكون في نهاية المساء هي وزوجها العامل والأطفال جزءاً من هذه المنظومة المُعقدة التي تخدم الرأسمالية والمُلاك في مراكمة الثروات. إستناداً إلى السرد التاريخي السابق نرى أنه من غير المُنصف وصف الصراع النسوي بأنه صراع جنساني بشكل مُطلق، بل أنه صراع طبقي في أساسه، ولا يمكن الأخذ بالطرح النسوي الليبرالي بجنسنة الصراع حيث إن هذا التسليم يعني زيادة التقسيمات في الطبقة العاملة و إضعافها وتشتيت البوصلة عن التناقض الرئيسي المتمثل في صراع من يملك ومن لا يملك، فلا مناص من القول بأن تحرير المرأة يأتي بالضرورة مروراً بتحرير الطبقة العاملة ككل، عبر نضال مُشترك بين نساء ورجال الطبقة العاملة ضد الطبقة المسيطرة المنتفعة من النظام القائم، وهذا كله يعني بالضرورة ألا يقرأ الصراع الطبقي كصراع محصور في تحرر الطبقة العاملة، بل على أساس أنه نظرية عامة للنضال المجتمعي للمضطهدين بشكل عام.
وتأسيساً على ما سبق، فالصراع الطبقي نظرية نضالية وتعطي الأولوية للتحرر الوطني من أي هيمنة استعمارية أو ما بعد استعمارية، في فلسطين على سبيل الاستشهاد، تمتد معركة طوفان الأقصى لقرابة الخمسة أشهر ممزقة معها الوجه الزائف للإمبريالية الغربية ونسويتها البيضاء، حيث لا تتعفف هذه النسوية عن وسم المناضلات الفلسطينيات “بالإرهاب”، وفي اليد الثانية ترى مجندات الاحتلال كنساء عاملات قويات يمثلن قدرة النساء على الأعمال الخطرة، وفي هذه المُفارقة تتجلى وقاحة النسوية الليبرالية بأوضح صورها، إلّا أن المرأة الفلسطينية وثبت فوق المعايير البيضاء ومارست دورها النضالي رغم القصف والموت الذي أنتجه المستعمر الذي صب جام غضب عجزه عن مواجهة المقاومة على النساء والأطفال، ولا زالت المرأة الفلسطينية تُسطر، يوماً بعد يوم، ملاحم الفداء والبطولة ملتزمةً بالجانب الصحيح من التاريخ رغم معاناتها المتفاقمة مع الجوع والعطش والبرد وقلة الموارد الأساسية اللازمة للعيش، بالإضافة إلى إنهيار المنظومة الصحية بالكامل.
وعلى ضوء ما تقدم، قد تقع النساء في كفتين متناقضتين في ميزان القوى، ولا يستوي أن نرعى مصالح الكفتين! وعند الحديث عن القضية الفلسطينية نحن نتحدث عن كفة مقاومة وكفة احتلال، فالمرأة الفلسطينية العاملة والمقاومة هي من تجسد عن حق طبيعة صراع المرأة في ظل النظام الرأسمالي، فعلى الرغم من كل الظروف المحيطة بهن برز دور المرأة الفلسطينية في المقاومة، حيث إنها المعد الأول لكوادر المقاومة قبل معسكرات التدريب، فالأم الفلسطينية كرست نفسها نموذجاً مثالياً في التضحية والفداء في سبيل التحرر الوطني ودحر المُستعمر، وفي المقابل تصورها النسوية البيضاء على أنها امرأة فاقدة عاطفة الأمومة ومتجاوزة للإنسانية والعاطفة البشرية، رغم أنها تُمارس دورها التاريخي كامرأة قوية مناضلة فدائية.
وفي الميدان وإلى جانب الرجال المُقاتلين، وقفت المرأة الفلسطينية حاملة السلاح وثابتة كجزء لا يتجزأ من المقاومة منذ تأسيس الإتحاد النسائي العربي في عام ١٩٢٠ مروراً بثورة البراق عام ١٩٢٩ وتشكيل منظمة زهرة الأقحوان في عام ١٩٣٥ كما ملأن معسكرات التدريب داخل فلسطين وخارجها في مرحلة نضال الفدائيين وبرزت المرأة الفلسطينية كأيقونة للثورة والغضب المناضلة ليلى خالد، والفدائية دلال مغربي وشادية أبو غزالة وغيرهن، إلى جانب المقاومة غير المرئية المتمثلة في الأسيرات في سجون الإحتلال حيث يعمل الكيان على إذلالهن وتعذيبهن بشكل وحشي وهمجي متواتر ومنهجي، حيث أكدت الأمم المتحدة أن النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات في الكيان الصهيوني يواجهن إعتداءات جنسية ويتعرضن للاغتصاب والتفتيش العاري والتهديد بإستخدام الاعتداء الجنسي في خبر نُشر بتاريخ ١٨ فبراير ٢٠٢٤ وجاء هذا الخبر مكذباً لنبوءة النسوية البيضاء المُتقاطع مع المصالح الاستعمارية التي حاولت لقرون تصوير الصراع بين الرجعيات الجنوبية -على حد وصفهن- والتقدم والحرية المزعومين وفق قواعد الغرب الإمبريالي.
وفي سبيل استشهاد آخر، تعاني نساء السودان من أوضاع مأساوية حيث أسفر الصراع المُحتدم في البلاد عن عشرات الآلاف من القتلى وتشريد الملايين بالإضافة إلى انتشار الجوع وشح الأدوية، وعانت النساء، تحديداً، من هجمات بعضها عرقية، حيث تم استهداف بعض القبائل ذات الأصول الأفريقية داكنة البشرة وقتل فتياتها واغتصابهن كنوع من الانتقام من رجال القبيلة، وسُجلت العديد من حالات الاغتصاب الجماعي استمر بعضها لأيام تحت تهديد السلاح والإهانة، وكانت صرخاتهن تُسمع طلباً للإغاثة وحبوب الإجهاض قبل الماء أحياناً، ونتيجة ذلك كمم رجال هذه القبائل أفواه فتياتهم صوناً للسمعة ومنعاً لإلحاق العار بهم، ويأتي السؤال هنا، لماذا تغاضت النسوية الليبرالية البيضاء عن هذه المجزرة الإنسانية؟ أدعّي هنا بأن هذه النسوية الطبقية تفرز النساء قبل الدفاع عنهن، إنها تُدافع عن ذاتها ونفسها كإمرأة برجوازية، لا عن النساء بوصفهن نساء.
وفي الختام، لا يقل حال النساء في مختلف أقطار الجنوب سوءاً عن حال المرأة في أي بقعة من بقاع العالم، فهي تواجه النظام النظام الذكوري ذا المصالح المُتقاطعة مع مصالح الرأسمالية، بل ويتبنى ذات قيمها وأخلاقياتها، فمعركة النساء معركة ذات أوجه مُختلفة تصب جميعها في محاربة الرأسمالية والتي تُمثل النسوية الليبرالية قطباً من أقطابها وخادمه للاستعمار.
عاش نضال نساء العالم وعاش الثامن من آذار
تواصلت «تقدُّم» مع القائمات على «كندة» لمعرفة المزيد عن تأسيس الكتلة
يتعرض المدافعون عن مدنية الدولة والدفاع عن الحقوق المكتسبة للشعب العراقي، لحملات تخوين وتكفير وهجوم جائر وتحديداً النساء منهم اللواتي يتعرضن لحملات تشويه
دعماً لمقاومة الشعب الفلسطيني الباسل ضد العدوان الصهيوني على قطاع غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي، ورفضاً للإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني ضد أهل غزة ورفح التي ذهب ضحيتها عشرات آلاف الشهداء، معظمهم من النساء والأطفال، أصدرت مؤسسات المجتمع المدني الكويتية
“جوزي مباما” من الأسماء المغمورة التي كرست حياتها في بناء وتنظيم القواعد الشعبية لمواجهة نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، لكن للأسف تم التغاضي عن مساهماتها السياسية واستبعدت إلى حد كبير من السجل التاريخي الذي لم ينصف المئات بسبب أن هنالك تراتبية في تناول تاريخ المقهورين.