المنسق العام للقاء اليساري العربي د. سمير دياب في حوار خاص مع «تقدُّم»
عملية طوفان الأقصى امتداد للتاريخ النضالي لمقاومة الشعب الفلسطيني والعربي
ومهمة اليسار العربي تقوم على استنهاض حركة تحرر وطني عربية بقيادة ثورية
خرج الشعب المصري بالملايين تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية وطلبة وطالبات المدارس الثانوية، وطلبة الجامعات والنساء والرجال والشيوخ تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وانتفاضته الثانية عام 2000، عقب اقتحام الصهيوني شارون للمسجد الأقصى في الثامن والعشرين من سبتمبر 2000 وحمل المتظاهرون صورة الطفل الشهيد محمد الدرة وعلا صوت الهتاف:
بالروح بالدم نفديك يا أقصى
وحياة دم محمد درة راح تعود القدس حرة
أول مطلب للجماهير قفل سفارة “إسرائيل”
هنرددها جيل ورا جيل بنعاديكى يا “إسرائيل”
وتكونت في ذلك الوقت “اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية”، من كافة القوى الوطنية المصرية ومن النقابات والأحزاب ومن الشخصيات العامة من السياسيين والمفكرين والمثقفين والفنانين، وقامت بدور كبير في جمع المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وتسيير القوافل الغذائية مصاحبة بقوافل بشرية إلى معبر رفح.
ورفعت المظاهرات هتافات:
يا حكومات عربية جبانة التطبيع عار وخيانة
حصار غزة عار وخيانة تصدير الغاز عار وخيانة
بالهلال وبالصليب راح نفدي القدس الحبيب
بالروح بالدم نفديكى يا فلسطين
واستمر دور اللجنة الشعبية في الأعمال الجماهيرية الواسعة من تظاهرات ووقفات احتجاجية، واعتصامات مناهضة للعدوان الصهيوني المتكرر، على الشعب الفلسطيني على غزة وعلى أهالي الضفة الغربية طوال هذه السنوات وحتى طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
وبجانب اللجنة الشعبية تكونت لجان كثيرة منها لجنة المقاطعة التي لعبت دوراً هاماً في مقاطعة البضائع الصهيونية ومقاطعة منتجات الدول التي تساند الكيان الصهيوني وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا، بجانب لجنة مناهضة التطبيع والصهيونية، واللجنة العربية المشاركة للمقاومة الفلسطينية والتي شرفت برئاستها عامي 2009 – 2010.
كما هب الشعب المصري مسانداً للمقاومة ضد العدوان الصهيوني على جنوب لبنان في صيف 2006، واستمرت الحركة الجماهيرية المصرية، في رفض ما يقوم به العدو من حصار غزة وبناء الجدار العازل ولم تكتف الحركة الجماهيرية بالتظاهرات وعقد المؤتمرات وإصدار البيانات فقط ولكنها قامت بنضال قانوني من خلال رفع قضايا أمام محاكم مجلس الدولة ضد تصدير الغاز للكيان الصهيوني، وضد منع مصاحبتنا لقوافل المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
استمر عمل اللجان الشعبية الداعمة للشعب الفلسطيني، في جميع محافظات مصر بشكل واسع، ولم يتم التضييق عليها إلا قليلاً، في عصر الرئيس الراحل حسني مبارك.
الشعب المصري يرفض التطبيع مع العدو الصهيوني واتفاقية “كامب ديفيد”
ولكن في العشر سنوات الأخيرة منذ 2014، وحتى الآن ازداد التضييق الأمني على الحركة الجماهيرية المصرية لحد المنع، والسماح فقط بالتعبير عن الرأي، من خلال عقد ندوات داخل جدران مقرات الأحزاب أو النقابات، وأيضا زادت حركة اعتقالات المواطنين والمواطنات، الذين يستخدمون حقهم الدستوري، في التعبير السلمي عن رأيهم المعارض لسياسات النظام.
إن الشعب المصري يرفض التطبيع مع العدو الصهيوني ويرفض اتفاقية “كامب ديفيد” التي تم إبرامها مع الكيان الصهيوني العنصري المحتل 1979، ويعرف الشعب المصري أن القضية الفلسطينية قضية أمن قومي مصري وعربي، كما ترفض كافة الشعوب العربية التطبيع وتتضامن مع حق الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة.
منذ قيام عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، (رداً على الجرائم اليومية التي ترتكبها الحكومة الصهيونية المتطرفة، ويرتكبها المستوطنون المسلحون المحتلون للأراضي الفلسطينية)، يقوم الكيان الصهيوني بالعدوان المستمر على الفلسطينيين العزَّل حيث ألقى آلاف الأطنان من المتفجرات والقنابل على رؤوس النساء والأطفال والشيوخ، وكل أهالي قطاع غزة، كما يقوم بتدمير المنازل والمستشفيات والمساجد، بجانب دك وهدم مدارس الأونروا التي يلجأ السكان إليها هرباً من القتل. كما يقوم العدو الصهيوني، بقطع المياه والكهرباء، ومنع الغذاء والدواء عن قطاع غزة، مما يهدد بموت أهالي القطاع وموت محقق للجرحى والمصابين. إن ما تقوم به حكومة الاحتلال العنصرية، من تجويع الشعب الفلسطيني، وحصاره، وتهجيره قسرياً، جريمة ضد الإنسانية، ويعتبر نكبة أخرى بعد نكبة 1948.
يقوم الكيان بكل جرائمه البشعة تحت بصر وسمع الدول الاستعمارية الكبرى، ووسط تأييد الولايات المتحدة الأميركية الصارخ لـ “إسرائيل” حيث قال الرئيس الأميركي بايدن “من حق اسرائيل أن تدافع عن نفسها”، ومن الخزي والعار أن تتم كل هذه الجرائم تحت بصر الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، ولا تتحرك لأخذ أي موقف لمساندة الفلسطينيين، الذين يدافعون عن الأمن القومي المصري، والأمن القومي العربي، ويدافعون عن مقدساتنا المسيحية والإسلامية، ويدافعون عن كرامة وعزة الأمة العربية.
ولقد وصل عدد الشهداء الفلسطينيين في اليوم (170) للعدوان الصهيوني الوحشي على الشعب الفلسطيني إلى أكثر من 32 ألف شهيد 70% منهم نساء وأطفال، ووصل عدد المصابين لأكثر من74 ألف شهيد، غير أكثر من 8 آلاف مفقود تحت الأنقاض، وزد على ذلك الأطفال الذين يموتون من الجوع والعطش، وعدم توفر الدواء. هذا بالإضافة إلى جريمة الاغتصاب البشع الذي تتعرض له نساء فلسطينيات، والتي وصلت لاغتصاب سيدة حامل أمام أفراد أسرتها وزوجها، لقد استُشهدت عشرة آلاف سيدة وفتاة أي بمعدل 63 سيدة يومياً، وتم اعتقال 200 سيدة من غزة وحدها بينهن أطفال تم تعذيبهن وتعريتهن وضربهن ومنعهن من رؤية أطفالهن.
وأمام هذه الجرائم الوحشية والمجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني، وصمت الضمير العالمي وخرس الألسنة ومشاركة الدول الاستعمارية الكبرى في العدوان بمد الكيان الصهيوني بالسلاح والأموال بل والجنود، وتواطؤ عدد من الأنظمة العربية بل ومشاركة بعضها في إبادة الشعب الفلسطيني في غزة عن طريق مد الكيان الصهيوني بالمساعدات الإنسانية، في الوقت الذي يعرقل فيه الكيان دخول المساعدات إلى غزة.
أمام كل هذه الجرائم انتفضت كل الشعوب العربية، والشعوب الحرة الأبية في جميع أنحاء العالم ضد الجرائم الوحشية الصهيونية رافعة أصواتها مطالبة بـ:
منذ العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في الثامن من أكتوبر 2023، أعادت القوى الوطنية المصرية إحياء “اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، بجانب لجنة المقاطعة، وبدأت اللجنة في إصدار البيانات المنددة بجرائم العدو، والمنددة بصمت وتواطؤ عدد من الأنظمة العربية، وعقدت المؤتمرات السياسية للتضامن مع الشعب الفلسطيني الصامد، والمطالبة بفتح المعبر وقامت النقابات المصرية بعمل وقفات لا تزيد عن عشرات الدقائق، وسط حصار أمني مشدد، واستطاعت نقابة الصحفيين أن تعقد العديد من المؤتمرات.
وشاركت القوى الوطنية المصرية في وقفات تضامنية على سلم نقابة الصحفيين ولكن للأسف الشديد لم يتم السماح بخروج المظاهرات إلى الشوارع للتعبير عن تضامن ملايين الشعب المصري وعندما سمح النظام بالمظاهرة الوحيدة اليتيمة خرج الملايين من الشعب المصري في كل أنحاء البلاد وارتفع صوتهم:
يا مقاوم يا حبيب دمر دمر تل أبيب.
يا حماس ويا شعبية أوعوا تسيبوا البندقية.
يا حكومات عربية جبانة إما مقاومة وإما خيانة.
افتحوا معبر رفح إن الكيل قد طفح.
باسم شهداء المستشفى الصهيوني لازم يتصفى.
المقاومة مش إرهاب إسرائيل أصل الإرهاب.
درسك يا وطني المحتل المقاومة هي الحل.
وكانت هذه المظاهرة هي الأولى والأخيرة، حيث خشي النظام من غضب الجماهير نظراً للأزمة الاقتصادية الخانقة وغضبهم من كبت الحريات، وتم القبض على 120 من الشباب والشابات والرجال كبار السن وحتى الآن معتقلين بداخل السجون المصرية.
وبالرغم من الحصار الأمني المفروض علينا نحاول التواجد ولو بوقفات رمزية تُعبِّر عن غضبنا، وعن دعمنا ومساندتنا للشعب الفلسطيني، ولغزة رمز الكرامة والعزة. وبالرغم من أنها وقفات بأعداد قليلة وأوقات قصيرة تمتد من عشر دقائق إلى نصف الساعة، إلا أنها تساعد على توصيل رسالة مفادها أن الشعوب الحرة الأبية مازالت حية، وستدافع دائماً عن الحق الفلسطيني والعربي.
وتم العديد من هذه الوقفات الخاطفة أمام العديد من الأماكن السفارة الأميركية، والسفارة البريطانية، وأمام نقابة الأطباء، وأمام اتحاد الكتاب، ونجحت مجموعة من السيدات في الثامن من مارس في اليوم العالمي للمرأة من الوقوف مدة قصيرة في ميدان التحرير حاملات العلم الفلسطيني وتم حصارهم أمنياً وفض الوقفة.
وعندما وقف أمام وزارة الخارجية المصرية عدد من الشخصيات والرموز الوطنية (الذين طالبوا مصاحبة قوافل الإغاثة إلى معبر رفح والدخول على مسؤوليتهم إلى غزة)، إذا بعدد كبير من الأمن، يحاصر الوقفة بعد عشر دقائق ويحاول فضها، مطالباً الموجودين بعدم الهتاف والمشي فوراً، وعدم رفع علم فلسطين.
وبعد أن تفرق الجميع، حاول عدد من الأشخاص الذين يركبون موتوسيكلا ليس عليه ارقاماّ، الاعتداء على أمين عام المؤتمر القومي العربي حمدين صباحي هو وزملاؤه ولكن استطاع بعض الأشخاص من المارة فض الاحتكاك.
والآن في شهر رمضان الكريم يقف عدد كبير من القوى الوطنية والصحفيين والصحفيات على سلم نقابة الصحفيين في يوم الثلاثاء من كل أسبوع يفطرون على العيش الحاف والمياه تضامناً مع الشعب الفلسطيني في غزة.
سنستمر وستستمر الشعوب الحرة الأبية في الكفاح والنضال ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية وضد الظلم والفساد والقمع والقهر والاستبداد.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والنصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للمحتل والخزي والعار للمطبعين.
عملية طوفان الأقصى امتداد للتاريخ النضالي لمقاومة الشعب الفلسطيني والعربي
ومهمة اليسار العربي تقوم على استنهاض حركة تحرر وطني عربية بقيادة ثورية
الاحتجاجات تكشف عن تزايد الاستقطاب السياسي في البلاد، حيث يعبر الشعب عن قلقه العميق من تفشي الفساد وغياب العدالة الاجتماعية.
برزت قبل وأثناء الحرب العديد من الميليشيات المسلحة المنسوبة للجيش المختطف من فلول “الإخوان المسلمين”. اندلعت الحرب في الخامس عشر من نيسان/ إبريل من العام 2023 بين الجيش المختطف وميليشيا الدعم السريع، بهدف قطع الطريق على ثورة ديسمبر المجيدة حتى لا تحقق أهدافها في بناء سلطة مدنية كاملة وتصفية الثورة.
تستند العلاقات الأميركية – “الإسرائيلية” على قاعدة ذهبية هي أن الولايات المتحدة الأميركية أهم حليف وداعم للكيان الصهيوني منذ قيامه في 1948 وأنها تصوغ وتفرض سياستها في منطقة الوطن العربي والشرق الأوسط، بل والعالم لضمان تفوق “إسرائيل” عسكرياً وانتصاراتها في حروبها المتتالية وقضمها لفلسطين.