وقائع تأسيس الحركة الطلابية الكويتية قبل ستين عاماً

ضمن حالة النهوض العامة، التي شهدتها الحركة الوطنية الديمقراطية الكويتية في النصف الأول من ستينات القرن العشرين، وامتداداً للمسار التاريخي الممتد منذ الخمسينات لنضال الحركة الطلابية الكويتية، تأسست في ديسمبر من العام 1964 المنظمتان الطلابيتان الديمقراطيتان: الاتحاد الوطني لطلبة الكويت والاتحاد المحلي لطلبة الكويت “الثانويين”.

حيث ضم الاتحاد الوطني لطلبة الكويت الطلبة الكويتيين الجامعيين الذين يتلقون علومهم خارج الوطن وذلك قبل إنشاء جامعة الكويت، بينما ضم الاتحاد المحلي لطلبة الكويت طلبة الثانويات وما يعادلها.

الاتحاد الوطني:

في أواخر ديسمبر من العام 1964 وبحضور 31 مندوباً يمثلون طلبة الكويت الجامعيين في القاهرة والاسكندرية وبيروت والمملكة المتحدة التأم المؤتمر التأسيسي الأول للاتحاد الوطني لطلبة الكويت في ثانوية الشويخ، وقد حضره ممثلون عن اتحاد الطلاب العالمي، واتحادات الطلاب في مصر وسوريا والأردن وفلسطين، ومندوب عن الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني، ومندوب عن إمامة عمان.

وانقسم المؤتمر إلى خمس لجان، هي: اللجنة السياسية، اللجنة الطلابية، لجنة العلاقات الداخلية، لجنة العلاقات الخارجية، ولجنة الدستور.

وصاغ المؤتمر دستور الاتحاد وانتخب هيئاته القيادية، وكان معظم عناصرها من شباب حركة القوميين العرب وأصدقائها مثل فيصل المسعود الفهيد، وفيصل الحجي، وخالد الوسمي، وفيصل الرضوان، وعلي البداح، وأصدر في ختام أعماله عدداً من التوصيات والقرارات، من بينها أن تكون القاهرة مركزاً للهيئة التنفيذية، وباشر من هناك أعماله، وأصدر مجلته الشهرية “الاتحاد”.

وارتبط الاتحاد الوطني بصلات وثيقة مع المنظمات الطلابية العربية والعالمية، كما كان جزءاً نشيطاً من الحركة الوطنية والديمقراطية الكويتية، وله دوره البارز في العديد من الأحداث.

واستمر الاتحاد الوطني يمارس نشاطه في الخارج إلى أن تم إنشاء جامعة الكويت في العام 1966، حيث تم نقل مقره إلى الكويت في العام 1969.

الاتحاد المحلي:

في أعقاب المظاهرات الطلابية التي شهدتها الكويت في نوفمبر 1962 خلال زيارة المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد، وافق وزير التربية والتعليم حينذاك الشيخ عبدالله الجابر الصباح على إنشاء اتحاد طلابي وذلك في اجتماع عام ضم الطلبة في قاعة مسرح ثانوية الشويخ، فتشكلت لجنة الاتحاد التأسيسية عبر انتخابات جرت في المدارس الثانوية والصناعية، ووضعت الهيئة التأسيسية قانون الاتحاد ورفعته إلى وزارة التربية والتعليم، ولكنه بقي حبيس الأدراج.

وفي النصف الثاني من ديسمبر 1964 جرت انتخابات في كل من ثانوية الشيوخ وثانوية كيفان وثانوية الدعية والكلية الصناعية وكلية المعلمين والمعهد الديني والثانوية التجارية لانتخاب الهيئة الاتحادية للاتحاد المحلي لطلبة الكويت، التي ضمت ستين عضواً، وبدورها أقرت دستور الاتحاد وانتخبت الهيئة الإدارية المكونة من 12 عضواً، هم: عبدالعزيز سعود – رئيساً، عبدالعزيز الدعيج – نائباً للرئيس، نايف الأزيمع – سكرتيراً للاتحاد، عبدالعزيز الغانم – أميناً للصندوق، بدر العمر، يعقوب يوسف، أحمد الدويسان، أحمد بوحيمد، عبدالرحمن الفارس، خالد العثمان، عبدالرحمن الحمود، وبدر المديرس – أعضاء.

وحدد دستور الاتحاد المحلي لطلبة الكويتية أهدافه في “توحيد صفوف الطلبة والاستفادة من جهودهم وطاقاتهم في نشر الوعي وخدمة الطلبة، وبحث المشاكل الطلابية والعمل على حلها”.

وعندما عُرِض دستور الاتحاد على وزير التربية والتعليم اعترض على حق العضوية المراقبة لتلاميذ المرحلة المتوسطة، وكذلك على شمول عضوية الاتحاد للطلبة والطالبات، وحق عضوية الطلبة غير الكويتيين.

ومع أن قيادة الاتحاد المحلي أبدت مرونة في مفاوضاتها مع وزارة التربية والتعليم واستعدادها لإعادة النظر في هذه المواد من دستور الاتحاد، إلَّا أن الوزارة استمرت تماطل في الاعتراف بالاتحاد، فأصدر الاتحاد بياناً في 23 يناير من العام 1965 أكد فيه على:

  • استمرار قيام الاتحاد، والعمل المتواصل لتأكيد هذا الاستمرار وحتى يفرض الاتحاد نفسه ويؤكد وجوده.
  • فتح باب الانتساب للاتحاد.
  • الإبقاء على مواد دستور الاتحاد كما أقرتها هيئاته.

وأجرى الاتحاد المحلي اتصالاته بالهيئات الشعبية وحصل على تأييد اتحاد العمال وجمعية المحامين وبعض الأندية الرياضية… وقبلها كان المؤتمر التأسيسي للاتحاد الوطني لطلبة الكويت الذي انعقد في ديسمبر 1964 قد اتخذ توصية “بترتيب علاقة وثيقة بين الاتحادين، ومطالبة الحكومة بالاعتراف الفوري بالاتحاد المحلي لطلبة الكويت الثانويين منظمة نقابية مستقلة”.

وفي يوم الأربعاء 10 مارس من العام 1965 قاد الاتحاد المحلي لطلبة الكويت مظاهرات طلابية لتأييد موقف مجلس الأمة ضد مواقف حكومة ألمانيا الاتحادية الداعمة للكيان الصهيوني، إلَّا أن الصدام الذي جرى خلال تلك المظاهرة بين وزير التربية حينها خالد المسعود وبين طالبات ثانوية الخالدية سرعان ما فجّر مظاهرات جديدة للاحتجاج على تصرف الوزير، فخرجت يوم السبت 13 مارس مظاهرات طلابية من الكلية الصناعية وثانويتي الشويخ والدعية وكلية المعلمين وثانويتي المرقاب للبنات والخالدية للبنات متوجهة إلى مجلس الأمة، وجرت مصادمات مع رجال قوة الطوارئ استفرت عن إصابة أربعة طلاب بينهم مبارك فلاح وصلاح البداح وستة من رجال الشرطة، وكانت مطالب المتظاهرين تتركز حول الاعتراف بالاتحاد المحلي لطلبة الكويت والتحقيق في الحوادث التي وقعت للطلبة.

واستمرت الاعتصامات الطلابية في المدارس يومي الأحد والاثنين 14 و15 مارس، وعقد مجلس الأمة جلسة طويلة نوقشت فيها الأحداث الطلابية، كما قدم الاتحاد المحلي لطلبة الكويت شكوى إلى مجلس الأمة ضد وزارة التربية لمطالبتها بالاعتراف به.

وقد انتهى الاعتصام الطلابي بعد وعود حكومية بعودة الطلبة المفصولين لمدارسهم وعدم التعرض لكرامة الطلاب، والاعتراف بالاتحاد المحلي لطلبة الكويت، فيما طلب وزير التربية مهلة أسبوعين لدراسة دستور الاتحاد.

واستمر الاتحاد المحلي لطلبة الكويت يواصل نشاطه، وعقد في أغسطس 1965 مؤتمر الأندية الصيفية، كما أصدر خمسة أعداد من صحيفته “النشرة”، فيما قررت الحكومة التضييق على الاتحاد وأنشطته وجرى التحقيق مع الطلبة المشرفين على إصدار النشرة وبينهم طارق عبدالله فخر الدين وأحمد عبداللطيف الهلالي، كما عممت وزارة الإرشاد والأنباء رسالة على الصحف في 9 سبتمبر 1965 طلبت فيها عدم نشر أية أخبار أو بيانات صادرة عن الاتحاد المحلي بوصفه منظمة غير شرعية.. وجراء ذلك لم يتمكن الاتحاد المحلي من مواصلة نشاطه.

هكذا كانت بدايات الحركة الطلابية الكويتية قبل ستين عاماً على يد طلاب الكويت بقيادة القوى الوطنية الديمقراطية.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

المواجهات المسلحة الفلسطينية الأولى في محيط عربي محتل

بحلول شهر نوفمبر 2024، وفي خضم الحرب الدائرة منذ أكتوبر 2023 في غزة والضفة والجنوب اللبناني بين قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية من جهة وقوات الاحتلال الصهيوني بمشاركة أميركا من جهة أخرى، يكون قد مضى 89 عاماً على المواجهات المسلحة الأولى للشعب الفلسطيني ضد التشكيلات الصهيونية المسلحة القادمة من مختلف بلدان العالم لاحتلال فلسطين وإقامة دولة دينية لليهود طبقاً للمشروع الاستعماري بقيادة بريطانيا، أقوى دولة استعمارية في تلك الفترة.

إضراب عمال أرامكو عام 1953

إن دراسة التاريخ بتناقضاته وتطوراته تساهم في تجنب الأخطاء وتطوير ما كان صحيحاً. فالأحداث التاريخية تبقى في ذاكرة المجتمعات. هذه الأحداث قد لا يُرى تأثيرها وقت حدوثها، لكن تضاف إلى جينات هذه المجتمعات ومفعولها يورَّث جيلاً بعد جيل. إذاً، من المهم أن يتم تدوين واستذكار التجارب، الإيجابية منها والسلبية، بين فترة وأخرى حتى تدُرس كيلا تنسى وتندثر وتفقد الأجيال القادمة الإحساس بمدى أهميتها وتأثيرها على حياتهم.

قرن من النضال: ضوء على خبرات الحزب الشيوعي اللبناني ومخزون تجاربه المتنوعة

محاولة لتسليط بعض الضوء على جوانب مهمة من مسيرة الحزب تتعلق بما تميّز به نضال هذا الحزب الطليعي ودوره وخبراته وتجاربه المتنوعة، التي تشكّل له رصيداً نضالياً تاريخياً غنياً ويفترض أن تكون مصدر إلهام للمناضلين العرب.

جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية: الرد الثوري على الاحتلال الصهيوني ومجازره

في 16 أيلول / سبتمبر، وفي كل أيلول من كل عام، تحية من “تقدُّم” إلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية… وأبطالها الذين هزموا الجيش الذي قيل أنه “لا يهزم”… تحية إلى المقاومين والأسرى والجرحى والشهداء ضد الاحتلال الصهيوني وحروبه العدوانية الإجرامية… تحية إلى أبطال عملية “طوفان الأقصى” أبطال المقاومة الفلسطينية الصامدة منذ السابع من أكتوبر 2023 ضد العدوان الصهيوني على غزة… أبطال يسطرون كل يوم ملاحم بطولية في مقاومة العدو… تحية إلى كل مقاوم ومقاوِمة للعدو الصهيوني في جميع جهات وطننا العربي.

[zeno_font_resizer]