ديون الطلاب تستنزف الصحة النفسية للشباب في أميركا

تقرير بواسطة رينزفورد ستوفير 

ترجمة: يوسف شوقي

المصدر: Teen Vogue

جاهدت كاثرين للحصول على درجة البكالوريوس كونها أول شخص في عائلتها يلتحق بكلية بعد انتقالها من كلية متوسطة إلى جامعة مدتها أربع سنوات، وعملت كنادلة وطاهية وكانت عالقة في حلقة مفرغة حيث كانت تعمل لساعات إضافية لتسديد فواتيرها، ثم تشعر بالتعب الشديد بحيث لا تستطيع الدراسة. لكن هذا لم يكن كافياً؛ فكانت تشعر دائماً باليأس بسبب المال. لقد اشترت الكتب والضروريات، مثل مستلزمات النظافة الشخصية والطعام باستخدام بطاقات الائتمان، مما أدى إلى تراكم ديون لم تتمكن بعد من سدادها. بحلول الوقت الذي تخرجت فيه عام 2018، كانت لديها أيضاً ديون دراسية تبلغ حوالي 14,000 دولار، والتي وصفتها بأنها تسبب “ضغطاً ذهنياً كبيراً”.

قالت كاثرين، التي تبلغ الآن من العمر 30 عاماً وتستخدم اسما مستعارا لحماية خصوصيتها، لمجلة Teen Vogue: “لدي ثلاث مشاكل رئيسية بشأن صحتي العقلية؛ إحداها مشاكل عائلية، والأخرى مُتعلقة بي شخصياً، والثالثة الديون حيث أنها فخ ولا يوجد مخرج منها”.

 كانت كاثرين تعمل بعد تخرجها في وردية الليل في مستشفى للأمراض النفسية؛ من حوالي الساعة 7 مساءً إلى 7 صباحاً من الاثنين إلى الخميس، وتستلم في الإجازة الأسبوعية ورديات في المقهى مقابل أموال إضافية، ولجأت حتى إلى أصدقائها الذين كانوا يكسبون أموالاً أكثر. لم تزد ديون بطاقة الائتمان الخاصة بها منذ أيام الكلية إلّا بسبب مشاكل السيارة وغيرها من تكاليف الطوارئ؛ حيث تزداد الديون الآن ما بين 6000 دولار إلى 8000 دولار في السنة، ونتج ذلك من دفع مصاريف الكلية تلك كما أخبرت مجلة Teen Vogue. وبسبب مشاكل مثل تعطل سيارتها وغيرها من تكاليف الطوارئ، لم يكن لديها ما يكفي من المال لتسديد الديون الدراسية المتبقية. وبينما سمحت جائحة كورونا بتأجيل سداد ديون الطلاب، مما سمح لكاثرين بسداد الفواتير الطبية المُستحقة، انتهت تلك الراحة مع انتهاء فترة التأجيل. واضطرت كاثرين إلى التوقف عن رؤية معالجتها النفسية قبل حتى انتهاء فترة التوقف لأنها لم تستطع تحمل تكلفة 90 دولاراً في الأسبوع واحتاجت إلى ترتيب الميزانية للمدفوعات المستقبلية. وقالت إنها من المفترض أن تتناول مضادات الاكتئاب، لكنها لم تستطع الاستمرار في دفع 90 دولاراً إضافياً شهرياً مقابل مواعيد العلاج عن بعد مع طبيب نفساني بالإضافة إلى مدفوعات العلاج، وقررت عدم صرف الوصفة الطبية حيث لن يكون لديها تواصل مع الطبيب.

بعد انتهاء فترة السماح بالتوقف عن السداد التي استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة، ناقش المقترضون تقليص “المشتريات الأساسية” في محاولة لتلبية احتياجاتهم، أو بعبارة أخرى كيف أثرت الضيقة المالية على حيواتهم. بالنسبة للبعض، فإن ضغط الديون الدراسية واستئناف دفع الأقساط يعني التأخير أو التخلي عن الرعاية الصحية النفسية – حتى لو كان الدين يساهم في معاناتهم النفسية.

قالت عائشة كانشولا بانيز، مديرة السياسات في مركز حماية الطلاب المقترضين، لمجلة Teen Vogue: “إن الديون الدراسية تُفاقم أزمة الصحة النفسية في المُطلق. لقد سمعنا أيضاً من مقترضين أفادوا بتأخير الرعاية الطبية ورعاية الأسنان وتأجيل شراء الأدوية اللازمة بسبب ميزانياتهم المثقلة بالديون الدراسية”.

أخبرت مايا تشافيس، البالغة من العمر 21 عاماً، وهي أول شخص يلتحق بالجامعة في عائلتها، مجلة Teen Vogue: أن العديد من أفراد عائلتها لم يلتحقوا بالكلية بسبب ارتفاع التكلفة. عندما كانت مايا في الكلية، تنازلت عن الإعانات التي كانت ستوفر لها الرعاية الصحية البدنية والعقلية في الحرم الجامعي حتى تتمكن من توجيه تلك الأموال إلى تسديد الفواتير، حيث قالت: “لقد تجاهلت صحتي العقلية والبدنية حتى لا أضطر إلى دفع التكلفة فيما بعد”.

وتخرجت مايا من الكلية وبدأت في دفع أقساط الديون وتتذكر مايا قائلة: “أذكر استلامي لأول فاتورة فذهبت إلى أمي أخبرها أني لا أستطيع دفع قيمتها”، في ذلك الوقت كانت تعمل مايا في ثلاث وظائف وتقول إنه برغم ذلك كان من المستحيل دفع الايجار وفاتورة التليفون ومصاريف السيارة بالإضافة إلى فاتورة طبية تبلغ قيمتها 175 دولار. قد توقف دفع الأقساط مؤقتاً بسبب سياسة تأجيل الدفع في وقت الجائحة حيث كانت تحت مظلة الرعاية الصحية Medicaid ولكن ظلت الأرقام تطاردها. تقول مايا: “إنه شيء مرعب، دائماً ستجده يحتل مكاناً في عقلك”.

وقالت كريستين ليندغرين الأستاذة وعالمة النفس الإكلينيكي في كلية الطب جامعة واشنطن والتي لها دراسة عن علاقة الديون الدراسية بالضغط النفسي: “عندما تُصاب بحالة من عدم الاستقرار المالي وهذا غالباً ما يحدث في تلك المجموعة العُمرية وتضيف إلى ذلك مشكلة الديون الدراسية، وأيضاً فُقدان الثقة حول القدرة على دفع الديون، في الواقع هذا أمر من الصعب التعامل معه”

بالإضافة إلى “العدد المتزايد للمتأثرين نفسياً” من جراء الديون الدراسية، يمكن أن يجعل ضغط الأقساط التخلي عن الرعاية الصحية أو الدعم النفسي يبدو الخيار الوحيد الممكن. أجرت أرييل كوبيربيرج، أستاذة علم الاجتماع في جامعة نورث كارولينا جرينزبورو، بحثاً جنباً إلى جنب مع جوان مايا مازيليس، أستاذة علم الاجتماع المساعدة في جامعة روتجرز، حيث وجدا أن الطلاب الذين حصلوا على قروض أفادوا بأنهم أكثر عرضة لتأخير الرعاية الطبية ورعاية الأسنان والصحة العقلية لتوفير المال. بعد ست سنوات ونصف السنة من التخرج، أفاد 46٪ من الخريجين الذين حصلوا على قروض بتأخير الرعاية الصحية العقلية من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية، كما أخبرت كوبيربيرج مجلة Teen Vogue. (أفاد حوالي 30٪ من الخريجين الذين ليس لديهم قروض بتأخير الرعاية الصحية العقلية).

تعمل مايا الآن كمُنسِقة داخل الحرم الجامعي لـصالح RISE، وهي منظمة غير ربحية تركز على جعل التعليم العالي أكثر سهولة وبأسعار معقولة، وتتلقى مايا مزايا من خلال هذا العمل، لكنها قالت إنها لا تريد زيارة الطبيب لأنها لا تريد أن تراكم فاتورة أخرى. ويتضمن ذلك الاستشارة، والتي أشارت مايا إلى أنها قد تكون باهظة الثمن. وقالت: “من الصعب قول، حسناً، سأتحدث إلى شخص ما عن مشاكلي، لكنني سأدفع 200 دولار مقابل ذلك – إن هذا المبلغ يكفي لشراء بقالة الشهر أو سداد قسط القرض الدراسي الخاص بي في ذلك الشهر”.

في عملها مع RISE، تتواصل مايا مع الطلاب الذين يقولون إنهم لا يملكون الوقت للتحدث إلى معالج أو حتى للاسترخاء. ومثل مايا، فإن العديد من الطلاب الذين تتحدث إليهم يعملون أثناء الدراسة، وفي بعض الحالات، يكافحون فقط لتغطية تكاليف التخرج.

يمكن أن تؤدي تكلفة الأقساط أيضاً إلى تفاقم التمييز الموجود بالفعل في الوصول إلى الرعاية الصحية العقلية ومن الفئات التي تتأثر بشكل أعمق بأزمة الديون الدراسية. كما ذكرت صحيفة The Education Trust، فإن المقترضين السود هم من بين المتضررين أكثر من غيرهم من القروض الدراسية، وأفاد 64٪ من المشاركين في الاستطلاع أن تلك الديون أثرت سلباً على صحتهم العقلية. توضح الأبحاث الأخرى أن الأشخاص الملونين، وأولئك من ذوي الدخل المنخفض، والطلاب الذين هم في نفس الوقت آباء، هم من بين أولئك الذين قد يتأثرون بالديون الدراسية ويواجهون أيضاً عوائق أمام تلقي الرعاية الصحية.

أشارت عائشة كانشولا بانيز، من مركز حماية المقترضين الطلاب، إلى أنه لا ينبغي النظر إلى أزمة ديون قروض الطلاب بشكل منفصل، “إنها أزمة تؤثر على العاملين والعائلات في حياتهم المالية والشخصية – مما يؤثر على استقرارهم المالي وكذلك على رفاهيتهم العقلية والعاطفية والجسدية”.

في حالة كاثرين، قالت إنك تعمل بشكل مُرهِق حتى تصل إلى النقطة التي تحتاج فيها للتحدث إلى طبيب، ثم تدرك أنك لا تستطيع تحمل نفقات ذلك. وقالت إنها ستقضي بعض الوقت في التفكير في الأمر، “ثم أستيقظ يوماً ما وأقول مثلاً، حسناً، سأطلب المساعدة، ثم أدرك أن لدي 7 دولارات في حسابي المصرفي”. عندما تفكر كاثرين في الصحة العقلية والديون الدراسية، فإن ما لاحظته هو أن “معظم الناس، إن لم يكن جميعهم، يعانون”.

مصادر الترجمة: 

Gemini

El maany dictionary

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

اتحاد الشباب الديمقراطي الكويتي يطالب بشفافية اعلان نتائج البعثات

الغاية من البيان ليست الدفاع عن حالة بعينها، لكن بدورنا كمنظمة شبابية تهتم بمصالح الشباب وحقوقهم ، وجب علينا ان نذكّر بأن ما حدث في السنة الدراسية الماضية من الكشف عن خلية فساد كبيرة في أروقة الأجهزة التعليمية، تم على اثرها إحالة مجموعة من الموظفين إلى التحقيق والنيابة، تحتّم على وزير التربية والتعليم الحالي -أكثر من أي وقت مضى- أن يكون أكثر شفافية في إعلان نتائج البعثات.