بعد انقضاء سنة من عمر الحكومة… استياء شعبي متزايد

-+=

انقضت سنة كاملة على تشكيل الحكومة الحالية بعد تعطيل الحياة النيابية، وها هو الشهر الأول من السنة الثانية من عمر هذه الحكومة يشارف على الانتهاء، فيما لما يتم بعد الإعلان عن برنامج عملها المفترض، رغم تكرار الوعود وتحديد أكثر من موعد لإعلان هذا البرنامج، ما يعني أننا أمام حكومة هي أقرب ما تكون لحكومة تصريف العاجل من الأمور، تعمل من دون خطة أو برنامج.

وفي السياق ذاته نجد أنّ هذه الحكومة تتعمّد عن قصد تجاهل ما يعانيه المواطنون والسكان من جراء التضخم والغلاء، ولم تصدر أي قرارات مستحقة بشأن تحسين مستوى المعيشة لزيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية، التي مضى ثلاثة عشر عاماً على آخر زيادة لها، حيث نجد أنّ الحكومة على خلاف ذلك تماماً تتبنى توجهات وسياسات وتقترح تشريعات وتصدر قرارات من شأنها الضغط أكثر على معيشة الطبقة العاملة والفئات الشعبية، من شاكلة: قرار إلغاء البدلات المالية المقررة في رواتب العديد من الموظفين، وقرار حرمان موظفي مجلس الأمة من حقوقهم المكتسبة، فيما تستعد الحكومة لزيادة الرسوم والتكاليف المالية مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات، وهذا ما سيثقل كاهل المواطنين والمقيمين من الفئات الشعبية والطبقة الوسطى بأعباء معيشية مرهقة… بالإضافة إلى بروز التداعيات السلبية الناجمة عن تطبيق المرسوم بقانون رقم ٥٩ لسنة ٢٠٢٥ بشأن المرافعات المدنية والتجارية، فيما يتصل بحجز مال المدين المتعثر أو المتخلف عن سداد الديون الموجودة لدى الغير، وتحديداً لدى البنوك…هذا بالإضافة إلى انحياز الحكومة  لمصالح كبار الملاكين العقاريين وعدم مراعاتها مصالح المستأجرين المعسرين عندما استحدثت في قانون الإيجارات الجديد تذييل عقود الايجار بالصيغة التنفيذية بحيث تكون بمثابة سند تنفيذي لاقتضاء الأجرة المتأخرة… فيما اشتدت أكثر من أي وقت مضى معاناة عديمي الجنسية خصوصاً بعدما جرى إخلاؤهم من المساكن الشعبية، التي تأويهم في الصليبية وتيماء.

ومن الواضح أنه بسبب التقاعس الحكومي عن تطوير محطات توليد الطاقة وشبكات توزيع الكهرباء فسيتكرر هذا الصيف ما يسمى القطع المبرمج للتيار الكهربائي في بلد شديد الحرارة مثل الكويت.

وعلى مستوى الحريات نلحظ التمادي في التضييق على حرية النشر عبر  اتساع حملات الاستدعاءات الأمنية ورفع القضايا على المغردين ذوي الرأي المخالف، وكذلك التضييق على نشاط مؤسسات المجتمع المدني عبر إلغاء العديد من الفعاليات والندوات، التي جرى الإعلان عنها.

وها هو ملف سحب الجنسية الكويتية يتوسع على نحو مقلق بما يتجاوز حالات سحب الجنسية بسبب التزوير والازدواجية لتشمل حالات عديدة أخرى، كما لم تتضح بعد مدى قدرة لجنة التظلمات على التعامل مع الكم الضخم من التظلمات المرفوعة إليها، هذا ناهيك عن تضارب القرارات الحكومية المتصلة بالتعامل مع بعض الفئات المتضررة من قرارات سحب الجنسية وأسلوب تطبيق بعضها.

وما يجب الانتباه إليه جيداً هو تنامي متابعة المنظمات الحقوقية والمؤسسات الإعلامية الدولية لقضايا حقوق الإنسان في الكويت وانتقاداتها الشديدة لعدم مراعاة الحكومة المعايير الدولية المقررة بشأنها، وهذا ما لمسه الجميع في مناقشات مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وتقارير منظمات حقوقية عالمية مرموقة وما تنشره وكالات الأنباء والإذاعات والصحف في الغرب.

والأهم، أنه أمام هذه الوقائع المؤسفة حول الأداء السلبي للحكومة فيما يتصل بحياة الناس ومصالحهم وحقوقهم وحرياتهم، فمن الطبيعي أن تتشكّل حالة استياء شعبية متنامية، وهذا ما سبق لنا في افتتاحية عدد شهر سبتمبر ٢٠٢٤ من «تقدُّم» أن نبهنا إليه مبكراً عندما وصفنا نهج الحكومة بعد مرور ثلاثة أشهر فقط على تشكيلها بأنه نهج “لم يعد مقبولاً استمراره، وسيزيد من حالة الاستياء الشعبي مالم يتم وضع حدٍّ له”… وها نحن نكرر التنبيه بعد انقضاء سنة وشهر على تشكيل هذه الحكومة… فهل هناك من متعظ؟!

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

تعليم أبناء الكويتيات.. الحق المهدور

جاء قرار مجلس الجامعات الحكومية بإقصاء أبناء الكويتيات من القبول الجامعي المباشر بشكل مفاجئ، قبل أيام قليلة فقط من فتح باب التسجيل، ومن دون أي تمهيد مسبق. ورغم تقديم تبرير رسمي يتعلق بضغط القبول، إلا أن هذا المبرر لا يبدو منطقيًا أو كافيًا لتبرير هذا النوع من الإقصاء

تسويات كبرى؟ أم هُدنٌ وقتية؟

رغم حرب الإبادة والقتل والتدمير والتجويع في غزة، إلا أنّ العدو الصهيوني، بفضل صمود الشعب العربي الفلسطيني في غزة وبسالة المقاومة، لما يحقق بعد انتصاره

محاولة لفهم غطرسة التهديدات الأميركية

رغم الطبيعة العنجهية والخطاب المتعالي المتغطرس للولايات المتحدة الأميركية خصوصاً في ظل الإدارة الحالية للرئيس ترامب وزمرته، ورغم ما نشهده من عدوان أميركي سافر يستهدف