إغلاق الأندية وتعطيل الصحف في الكويت

بمناسبة الذكرى الأولى لقيام الجمهورية العربية المتحدة في الثاني من فبراير/ شباط 1959 أقيم في ثانوية الشويخ بالكويت احتفال خطابي وجماهيري حاشد حضره مدير إذاعة “صوت العرب” في القاهرة المرحوم الأستاذ أحمد سعيد… وفي ذلك المهرجان ألقى المرحوم جاسم القطامي، وهو الشخصية الوطنية الكويتية والقومية العربية البارزة، كلمة بالمناسبة باسم “لجنة الأندية”، التي نظمت المهرجان، طالب فيها بدستور ديمقراطي وحكم نيابي، ما استفز القائمين على السلطة، حيث تم اعتقال بعض الشخصيات الوطنية، وبينهم الدكتور أحمد الخطيب وجاسم القطامي.

وفي اليوم التالي 3 فبراير/ شباط 1959 أصدرت دائرة الشؤون الاجتماعية إعلاناً بغلق كافة الأندية والهيئات بالكويت، فيما يلي نصه: نعلن إلى كافة الأندية والهيئات في الكويت بأنه قد تقرر غلقها وعدم مزاولة أي نشاط فيها ابتداءً من اليوم الثلاثاء. نرجو التقيد والعمل بما جاء في هذا الإعلان. رئيس الشؤون الاجتماعية.

وفي 4 فبراير/ شباط 1959 أصدر حاكم الكويت المرحوم الشيخ عبدالله السالم بياناً إلى الشعب الكويتي جاء فيه: “لا زلت أسمع ما لا أحب أن أسمعه عن بعض الشباب الذين لا يقدرون عواقب الأمور ولا ينظرون النظرات البعيدة ولكني أتحاشى تكديرهم راجياً أن ينتبهوا من أنفسهم أو يسمعوا نصائح العقلاء. ولقد نبهت المرة تلو المرة عن تكدير العلاقات بيننا وبين جميع أصدقائنا وإخواننا من العرب وذلك حسبما تقتضيه مصلحة البلاد. إذ لا فائدة لنا من تكدير علاقات يجب المحافظة عليها طيبة ما أمكن، ولكن هؤلاء الشباب ركبوا رؤوسهم وتعاموا عن المصلحة العامة حتى بلغ بهم الجهل إلى التمادي علي شخصياً في المجتمعات”… ثم أضاف بيان الحاكم، الذي نشرته الجريدة الرسمية لحكومة الكويت “الكويت اليوم” في صفحتها الأولى لعددها رقم 211 الصادر في 8 فبراير/ شباط 1959: “لقد أوعزت بردع هؤلاء عن التمادي في جهلهم”.

ولم تكتف الحكومة بإغلاق الأندية والهيئات، وإنما عطّلت إصدار الصحف والمجلات جميعاً عدا تلك التي تصدرها الحكومة وتحديداً الجريدة الرسمية “الكويت اليوم” ومجلة “العربي”، واستمرت الحال كذلك لنحو سنتين ونصف السنة حتى عشية الاستقلال في صيف العام 1961، عندما جرى الترخيص بإصدار الصحف مرة أخرى، أما الأندية فلم يسمح لها بمزاولة نشاطها إلا بعد قيام المجلس التأسيسي بإصدار القانون رقم 24 لسنة 1962 بشأن الأندية وجمعيات النفع العام، حيث أعيد تأسيسها وإشهارها.

واللافت للانتباه في الأمر أنّ قرار إغلاق الأندية والهيئات، الذي شمل جميع الأندية، بما فيها الرياضية، ناهيك عن “النادي الثقافي القومي” و”نادي المعلمين” و”نادي الخريجين” معاقل النشاط الوطني والقومي، لم يطل “جمعية الإرشاد الإسلامية” التابعة للإخوان المسلمين، ولكنهم آثروا لأسباب تتصل بهم وقف نشاطها، وذلك قبل أن يشهروا جمعيتهم الحالية “جمعية الإصلاح الاجتماعي”.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

أساليب مبتكرة للمقاومة الفلسطينية في مرحلة الهرولة للتطبيع

كان خروج مصر من معادلة الصراع العربي – الصهيوني بشكل كامل عام 1978، بتوقيع الرئيس السادات معاهدة الصلح المنفرد مع “إسرائيل”، واندفاعه إلى حظيرة التبعية لأميركا، عاملاً رئيسياً في تغير الظروف الإقليمية لصالح العدو الصهيوني. وشهدت نهايات السبعينات وما تلاها تغيرات دولية في اتجاه هيمنة القطب الواحد الأميركي.

الثورة الجزائرية الخالدة ” نبراساً لمقاومة الاستعمار والظلم”

كان صدى الثورة الجزائرية في الفاتح من نوفمبر عام 1954 يدوي في كل مكان من هذا العالم ضد الظلم والاستبداد الاستعماري، لاسيما أن هناك العديد من الشعوب ما زالت تحت نير الاستعمار الغربي، الذي كان يعم مناطق كثيرة في العالم، خاصة المستعمرات الفرنسية على وجه التحديد في إفريقيا، حيث أن الثورة الجزائرية أشعلت لهيب العنف الثوري ضد المستعمر كخيار مبدئي واستراتيجي للحصول على الاستقلال الكامل والحرية

[zeno_font_resizer]