
على هامش الوطن: من يكتب لا يموت
قبل ستة أعوام وفي يومٍ مماثل لليوم 20 مارس، دخلتُ خيمة عزاء غريبة، في منطقة العيون بالجهراء. لم أكن أعرف أحداً فيها سوى الغائب الوحيد
بمناسبة الذكرى الأولى لقيام الجمهورية العربية المتحدة في الثاني من فبراير/ شباط 1959 أقيم في ثانوية الشويخ بالكويت احتفال خطابي وجماهيري حاشد حضره مدير إذاعة “صوت العرب” في القاهرة المرحوم الأستاذ أحمد سعيد… وفي ذلك المهرجان ألقى المرحوم جاسم القطامي، وهو الشخصية الوطنية الكويتية والقومية العربية البارزة، كلمة بالمناسبة باسم “لجنة الأندية”، التي نظمت المهرجان، طالب فيها بدستور ديمقراطي وحكم نيابي، ما استفز القائمين على السلطة، حيث تم اعتقال بعض الشخصيات الوطنية، وبينهم الدكتور أحمد الخطيب وجاسم القطامي.
وفي اليوم التالي 3 فبراير/ شباط 1959 أصدرت دائرة الشؤون الاجتماعية إعلاناً بغلق كافة الأندية والهيئات بالكويت، فيما يلي نصه: نعلن إلى كافة الأندية والهيئات في الكويت بأنه قد تقرر غلقها وعدم مزاولة أي نشاط فيها ابتداءً من اليوم الثلاثاء. نرجو التقيد والعمل بما جاء في هذا الإعلان. رئيس الشؤون الاجتماعية.
وفي 4 فبراير/ شباط 1959 أصدر حاكم الكويت المرحوم الشيخ عبدالله السالم بياناً إلى الشعب الكويتي جاء فيه: “لا زلت أسمع ما لا أحب أن أسمعه عن بعض الشباب الذين لا يقدرون عواقب الأمور ولا ينظرون النظرات البعيدة ولكني أتحاشى تكديرهم راجياً أن ينتبهوا من أنفسهم أو يسمعوا نصائح العقلاء. ولقد نبهت المرة تلو المرة عن تكدير العلاقات بيننا وبين جميع أصدقائنا وإخواننا من العرب وذلك حسبما تقتضيه مصلحة البلاد. إذ لا فائدة لنا من تكدير علاقات يجب المحافظة عليها طيبة ما أمكن، ولكن هؤلاء الشباب ركبوا رؤوسهم وتعاموا عن المصلحة العامة حتى بلغ بهم الجهل إلى التمادي علي شخصياً في المجتمعات”… ثم أضاف بيان الحاكم، الذي نشرته الجريدة الرسمية لحكومة الكويت “الكويت اليوم” في صفحتها الأولى لعددها رقم 211 الصادر في 8 فبراير/ شباط 1959: “لقد أوعزت بردع هؤلاء عن التمادي في جهلهم”.
ولم تكتف الحكومة بإغلاق الأندية والهيئات، وإنما عطّلت إصدار الصحف والمجلات جميعاً عدا تلك التي تصدرها الحكومة وتحديداً الجريدة الرسمية “الكويت اليوم” ومجلة “العربي”، واستمرت الحال كذلك لنحو سنتين ونصف السنة حتى عشية الاستقلال في صيف العام 1961، عندما جرى الترخيص بإصدار الصحف مرة أخرى، أما الأندية فلم يسمح لها بمزاولة نشاطها إلا بعد قيام المجلس التأسيسي بإصدار القانون رقم 24 لسنة 1962 بشأن الأندية وجمعيات النفع العام، حيث أعيد تأسيسها وإشهارها.
واللافت للانتباه في الأمر أنّ قرار إغلاق الأندية والهيئات، الذي شمل جميع الأندية، بما فيها الرياضية، ناهيك عن “النادي الثقافي القومي” و”نادي المعلمين” و”نادي الخريجين” معاقل النشاط الوطني والقومي، لم يطل “جمعية الإرشاد الإسلامية” التابعة للإخوان المسلمين، ولكنهم آثروا لأسباب تتصل بهم وقف نشاطها، وذلك قبل أن يشهروا جمعيتهم الحالية “جمعية الإصلاح الاجتماعي”.
قبل ستة أعوام وفي يومٍ مماثل لليوم 20 مارس، دخلتُ خيمة عزاء غريبة، في منطقة العيون بالجهراء. لم أكن أعرف أحداً فيها سوى الغائب الوحيد
في ذكرى رحيل المفكر والفيلسوف كارل ماركس
في ذكرى رحيل الشهيد الصحافي اللبناني سهيل طويلة
ابنة الشهيد تكتب في ذكرى اغتيال أبيها