هل هو هدوء ما قبل العاصفة؟

هناك حالة ترقّب لبرنامج عمل الحكومة الكويتية الجديدة المقرر تقديمه إلى مجلس الأمة قبل جلسة 6 فبراير، ومع أنّ هناك أجواء تفاؤل وهدوء تحاول  الحكومة والمجاميع النيابية إشاعتها حول العلاقة بين السلطتين بعد اللقاء الحكومي النيابي في لجنة الأولويات بالمجلس، إلا أنّ هناك في المقابل أكثر من مؤشر يدفع إلى القول إنّ الأمور ليست كذلك تماماً.

إذ يبدو أنّ الخارطة التشريعية المتوافق عليها بين الغالبية النيابية والحكومة السابقة أصبحت عرضة للتراجع عن كثير من بنودها، وتحديداً إذا جاءت قائمة المتطلبات التشريعية لبرنامج عمل الحكومة الجديدة مختلفة أو متعارضة مع تلك الخارطة التشريعية.

وغير هذا فقد برزت مؤشرات تنبئ بالتراجع عن حالة الانفراج السياسي النسبي، التي تشكّلت خلال السنوات الثلاث الماضية، خصوصاً مع تجنّب الإشارة إلى الإصلاح السياسي في التصريحات الحكومية، وما تعرّض له قانون مفوضية الانتخاب من تعطيل في تطبيقه.

ومن جانب ثالث لوحظ تكرار إعلان الحكومة الجديدة عما تسميه “الهوية الاقتصادية الجديدة للدولة”، وهي هوية في الغالب ستكون مختلفة عن تلك الهوية، التي سبق أن حددتها المادة 20 من الدستور بشأن العدالة الاجتماعية والتعاون العادل بين القطاعين العام والخاصبالإضافة إلى تكرار الحديث الحكومي عن إعادة هيكلة جهاز الدولة وعن معالجة منظومتي التعليم والخدمات الصحية، وهذا ما يُخشى من ارتباطه بتبني الحكومة الجديدة للخصخصة وبقية بنود النهج النيوليبرالي الرأسمالي.

ويُلحظ من جانب رابع على مستوى الرأي العام الشعبي أنه على خلاف موجة الترحيب والتوقعات الايجابية المبالغ فيها بالحكومة الجديدة قبيل تشكيلها، فإنّ هناك مشاعر خيبة أمل بدأت تبرز على السطح على نحو متزايد في التعليقات الرائجة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد التأخر في إقرار بعض التشريعات والقرارات، التي طال انتظارها بشأن تحسين مستوى المعيشة وزيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية، حيث كان مقرراً أن تنتهي اللجان الحكومية من دراستها قبل نهاية العام الماضي، وهي زيادات مستحقة بعد أكثر من اثني عشر عاماً على آخر زيادة للرواتب… بالإضافة إلى تأخر إقرار اقتراح قانون زيادة القرض الحسن للمتقاعدين وخفض نسبة استقطاعه.

ومن جانب خامس، فإنّه مع أنّ معظم التيارات السياسية لا تزال تراقب الموقف بحذر ولا تتخذ مواقف واضحة في معارضة الحكومة الجديدة، إلا أنّه من الصعب المراهنة على استمرار هذا الوضع على ما هو عليه طويلاً.

وإزاء هذا، هل يمكن أن نتوقع مجرد علاقة شدّ وجذب بين الحكومة والغالبية النيابية، تنطوي على تنازلات وتفاهمات جديدة؟

أم أنّ الظرف السياسي سواء المحلي أو الإقليمي سيفرض على الغالبية النيابية وغالبية التيارات السياسية حالة الهدوء الإجباري تطول أو تقصر؟

أو أنّ العلاقة بين الحكومة والغالبية النيابية وكذلك بعض التيارات السياسية ستشهد توترات مبكرة ليس فقط على خلفية ما سبق، وإنما على خلفية التنافس بين مراكز القوى وذلك قبيل حسم أمر بعض الاستحقاقات الدستورية؟

ومثلما هو معروف، فإنّه ليس خافياً أنّ هناك كثيرين كانوا ولا زالوا يتحدثون عن حلّ لمجلس الأمة وانتخابات نيابية مبكرة، على الرغم من النفي الحكومي بأنّ الحكومة الجديدة هي حكومة تستهدف حلّ المجلس، فهل سيتزايد أم سيتراجع هذا الاحتمال خلال الأيام المقبلة؟

أيّاً كان اتجاه تطور الأحداث، فإنّ أشد ما نخشاه ونأمل تجنّبه هو أن تعود البلاد إلى حالة الأزمة السياسية، التي كانت تعاني منها قبيل 2022، ولكن في ظل ظروف إقليمية ومحلية مستجدة ومختلفة تزيد الأمر تعقيداً.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

سنة على طوفان الأقصى: وحدة المصير… مقاومة على درب التحرير

طوفان الأقصى أعاد الاعتبار إلى المقاومة بوصفها الخيار الأساسي الأول أمام شعبنا العربي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وأبرز مآثر الصمود الشعبي الفلسطيني الأسطوري في وجه آلة القتل والدمار الوحشية الصهيونية، وقطع الطريق على محاولات التآمر الصهيوني- الإمبريالي المحمومة لتصفية القضية الفلسطينية، وطوى صفحة العار المتمثلة في اتفاقات أوسلو الخيانية.

ليست مجرد مهزلة رياضية!

لابد من محاسبة المسؤولين عن هذه المهزلة ووضع حد لها، وبالتأكيد فإن الحلول الإدارية متوفرة وهناك طاقات بشرية متخصصة مهم الاستعانة بها والاستفادة منها لخدمة البلد.

نهج حكومي غير مقبول

مضت ثلاثة أشهر ونصف الشهر على تشكيل الحكومة الحالية بعد تعطيل الحياة النيابية وتعليق عدد من مواد الدستور، وخلال هذه المدة وعلى الرغم من الوعود المتكررة لم تعلن هذه الحكومة برنامج عملها، فيما تجاهلت تماماً إصدار قرارات مستحقة بشأن تحسين مستوى المعيشة بما يخفف من وطأة التضخم والغلاء.