تسويات كبرى؟ أم هُدنٌ وقتية؟

-+=

رغم حرب الإبادة والقتل والتدمير والتجويع في غزة، إلا أنّ العدو الصهيوني، بفضل صمود الشعب العربي الفلسطيني في غزة وبسالة المقاومة، لما يحقق بعد انتصاره الحاسم، الذي وَعَدَ المجرم نتنياهو جمهوره الصهيوني به… فالمقاومة لا تزال تواصل، بل تصعّد ضرباتها لجيش الاحتلال… والأسرى الصهاينة وجثامين القتلى منهم لما تُستعاد بالقوة بعد… فيما فشلت مؤامرة التهجير… وتدهورت على نحو غير مسبوق سمعة الكيان لدى الرأي العام الشعبي في مختلف أرجاء العالم، بما في ذلك في دول الغرب الإمبريالي، وهذا ما دفع الرئيس الأميركي الداعم الأول لمجرم الحرب نتنياهو للإعلان أخيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن قبول الكيان لصفقة جديدة لتبادل أسرى ولوقف وقتي لإطلاق النار في غزة.

ولكن، مهما كان حجم التضحيات والخسائر والمعاناة والآلام، فإنّ عملية طوفان الأقصى البطولية والمفصلية ستبقى تمثّل منعطفاً رئيسياً في تاريخ المقاومة الفلسطينية ومواجهة الكيان الصهيوني، بعد أن هزّت أركانه؛ وأسقطت أسطورة جيشه الذي لا يقهر؛ وكسرت هيبته الاستخباراتية والأمنية، ناهيك عما أحدثته من تصدّع في جبهته الداخلية وتعميق لأزمة نظامه السياسي… كما سيسجل التاريخ بفخر ملحمة الصمود الأسطوري للشعب العربي الفلسطيني في غزة في مواجهة الإبادة والتقتيل والتدمير والتشريد والتجويع… وسيسجّل التاريخ أيضاً افتضاح عجز بعض الأنظمة العربية الرسمية وتخليها المخزي عن دعم صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة، بالإضافة إلى التواطؤ المكشوف لأنظمة التبعية والتطبيع في تعاونها مع العدو الصهيوني.

وفي المقابل أيضاً، ورغم قسوة الضربات العسكرية الصهيونية والأميركية التي تلقتها إيران وما أحدثته من أضرار وخسائر، إلا أنّ الحرب الغاشمة، التي شنها الصهاينة وشركاؤهم الأميركان لم تنجح في تحقيق أهدافها، التي أعلنها المعتدون مع بدء عدوانهم، فلم يتم تدمير المشروع النووي الإيراني بشكل نهائي، ولم يتم تدمير البرنامج الصاروخي الذي فاجأ العدو وأذاقه الويلات، وأصبح واضحاً أنّ الكيان الصهيوني من دون دعم الولايات المتحدة الأميركية لا يستطيع الصمود لأيام معدودة، فيما حقق النظام الإيراني التفافاً شعبياً واسعاً حوله على خلاف ما راهن عليه مشعلو الحرب، فاضطروا إلى وقفها.

كما سيسجل التاريخ بروز دور اليمن في جبهة إسناد غزة واستهداف موانئ الكيان ومطاراته…أما في لبنان فإنّه رغم التضحيات الكبيرة وما تعرض له لبنان والمقاومة من ضربات قاسية، ورغم ما يتعرض له لبنان الآن من ضغوط، وما يقوم به العدو من خروقات متواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار واحتلاله للتلال اللبنانية الخمسة، إلا أنّ العدو فَشَلَ في تصفية المقاومة ونزع سلاحها، مثلما حاول، والأهم أنّه لا يزال عاجزاً عن جرّ لبنان إلى مستنقع التطبيع، ليفرض عليه بعد ذلك توطين الفلسطينيين المقيمين فيه على الضد من حظر الدستور اللبناني للتوطين.

وإزاء هذه الأوضاع، فنحن اليوم لسنا أمام تسويات كبرى وإنما نحن أمام هدن وقتية، بل ربما هشّة، ذلك أنّه لا طبيعة الكيان وعدوانيته المتأصلة قابلة للتغيير، ولا تناقضات الصراع الدائر في المنطقة قابلة للتصالح حولها، ناهيك عن أنّ ما يريده العدو هو الخضوع والاستسلام… وبالتالي فإنّ السلم العادل في المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر زوال هذا الكيان العنصري العدواني الاستيطاني التوسعي، وبعد تصفية وجود القاعدة الأمامية للغرب الإمبريالي المفروضة على منطقتنا العربية.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

تعليم أبناء الكويتيات.. الحق المهدور

جاء قرار مجلس الجامعات الحكومية بإقصاء أبناء الكويتيات من القبول الجامعي المباشر بشكل مفاجئ، قبل أيام قليلة فقط من فتح باب التسجيل، ومن دون أي تمهيد مسبق. ورغم تقديم تبرير رسمي يتعلق بضغط القبول، إلا أن هذا المبرر لا يبدو منطقيًا أو كافيًا لتبرير هذا النوع من الإقصاء

بعد انقضاء سنة من عمر الحكومة… استياء شعبي متزايد

انقضت سنة كاملة على تشكيل الحكومة الحالية بعد تعطيل الحياة النيابية، وها هو الشهر الأول من السنة الثانية من عمر هذه الحكومة يشارف على الانتهاء، فيما لما يتم بعد الإعلان عن برنامج عملها المفترض، رغم تكرار الوعود وتحديد أكثر من موعد لإعلان هذا البرنامج

محاولة لفهم غطرسة التهديدات الأميركية

رغم الطبيعة العنجهية والخطاب المتعالي المتغطرس للولايات المتحدة الأميركية خصوصاً في ظل الإدارة الحالية للرئيس ترامب وزمرته، ورغم ما نشهده من عدوان أميركي سافر يستهدف