
الصراع مستمر… واتفاقات الهدن وقتية… والتحديات خطرة
ما دام هناك كيان صهيوني عدواني عنصري استيطاني مزروع على أرضنا العربية، فإنّ الصراع الدائر معه ومع حماته لن ينتهي، وإن هدأ حيناً أو توقّف أحياناً.
يفترض كثيرون أنّ مواطني دولة نفطية خليجية كالكويت لا يعانون من أية هموم معيشية، بل هناك من يتوهم أنهم جميعاً أثرياء ومترفون… بينما تكشف الأرقام حقيقة مخالفة تماماً، فهناك نعم أثرياء ومترفون، وهم قلّة، ولكن الغالبية الساحقة من المواطنين الكويتيين سواء من الطبقات الشعبية، أو حتى ما يسمى الطبقة الوسطى يعانون من ضغوط شديدة في حياتهم المعيشية.
فآخر زيادة على رواتب موظفي الدولة كانت في العام ٢٠١٢، أي قبل أكثر من عشر سنوات، وخلال السنوات العشر الأخيرة وفقاً للأرقام الحكومية، وهي أقل من الواقع، فقد بلغت معدلات التضخم نحو ٣٢ في المئة جراء الغلاء وارتفاع الأسعار، أي أن الرواتب والأجور قد انخفضت قوتها الشرائية بنحو ثلث قيمتها، فمن يبلغ راتبه اليوم ألف دينار كويتي لا تزيد قوته الشرائية في الواقع عن ٦٦٠ ديناراً عما كانت عليه في ٢٠١٣، ولذلك أصبحت المطالبة بتحسين مستوى المعيشة وزيادة الرواتب والأجور مطلباً مستحقاً، فيما الحكومة تماطل في إقرار أي زيادة تحت ذريعة إجراء مزيد من الدراسة!
ووفقاً لتقديرات منشورة صادرة عن المركز الوطني للأبحاث التنموية في شهر ديسمبر ٢٠٢٢ فإن ايجارات السكن تلتهم أكثر من ٥١ في المئة من متوسط دخل الموظف الكويتي، فيما يزيد عدد المنتظرين على قوائم الرعاية السكنية أكثر من ٩٠ ألف عائلة كويتية، في بلد لا تقل فيه قيمة قطعة الأرض السكنية الصغيرة عن ثلاثمئة ألف دينار كويتي، أي ما يعادل مليون دولار أميركي، وذلك جراء احتكار الأراضي والمضاربة عليها وضآلة المساحة المتاحة للسكن من إجمالي أراضي الدولة.
وغير هذا فقد سقطت الغالبية الساحقة من المواطنين الكويتيين في فخّ القروض المصرفية، ذلك أنه وفقاً لبيانات بنك الكويت المركزي فقد بلغ عدد الكويتيين الحاصلين على قروض استهلاكية ومقسطة نحو ٥٥٠ ألف مقترض، منها ١٣ مليار دينار كقروض إسكانية، و١.٧ مليار دينار كقروض استهلاكية، أما عدد المقترضين المتعثرين من المواطنين الكويتيين فيزيد عددهم عن ١٢ ألف مقترض.
وتظهر بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية أنّ هناك أكثر من ٢٨ ألف كويتي عاطل عن العمل في نهاية يونيو ٢٠٢٣ بزيادة ٢١٠٠ متعطل عن الأرقام المسجلة لنهاية سنة ٢٠٢٢. وبنسبة بطالة للمواطنين تعادل ٥.٧٥ في المئة نظراً لكون إجمالي قوة العمل للمواطنين تعادل ٤٩٠ ألف مواطن، هذا غير الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل من الكويتيين البدون.
هذه هي لغة الأرقام، التي طالما صدّع الرأسماليون رؤوسنا بأنها لا تكذب… ولكنهم يتعامون عن الأرقام عندما تفضح التفاوت الطبقي وتكشف عمق الظلم الاجتماعي في هذه الدولة النفطية الثرية الخليجية الصغيرة.
باختصار، لقد اشتدت في الكويت خلال السنوات الأخيرة معاناة الطبقة العاملة والفئات الشعبية المهمشة وذات الدخول المتدنية، بل حتى الفئات المتوسطة، وذلك جراء التضخم وارتفاع الأسعار والايجارات وتفاقم مشكلات المقترضين المتعثرين والمعسرين وبروز مشكلة البطالة في صفوف الشباب الكويتي، وذلك فيما تتركز الثروات بأيدي قلة من كبار الرأسماليين الطفيليين… والخشية الآن كل الخشية أن يسوء الوضع المعيشي في الكويت أكثر فأكثر مع تبني الحكومة التوجهات النيوليبرالية القائمة على تقليص الدور الاقتصادي للدولة، واستهداف المكتسبات الاجتماعية الشعبية، وتقليص الدعوم وبنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية.
ما دام هناك كيان صهيوني عدواني عنصري استيطاني مزروع على أرضنا العربية، فإنّ الصراع الدائر معه ومع حماته لن ينتهي، وإن هدأ حيناً أو توقّف أحياناً.
إنّ هذا التوجيه في حال تنفيذه يعني بالضرورة رفع أسعار السلع والخدمات العامة، التي تقدّمها الجهات الحكومية والشركات المملوكة لها، وهذا ما سيثقل كاهل المواطن والمقيم بأعباء معيشية مرهقة
تأتي الجريمة الصهيونية الجديدة اليوم بتفجير مربع سكني كامل في مخيم جنين بالضفة الغربية لتضاف إلى سجل جرائم الحرب، التي يقترفها الكيان الصهيوني الغاصب ضد
الدلالة الأهم مما حدث ويحدث تتمثّل في واقع ما شهده الكيان الصهيوني من تحجيم، بحيث أصبحت المشاريع التوسعية الأسطورية من شاكلة “إسرائيل الكبرى” وهماً فارغاً