الكويت ما بعد الانتخابات

على الرغم من كون الانتخابات النيابية الأخيرة، التي جرت في الكويت يوم الرابع من أبريل/ نيسان ٢٠٢٤، هي الانتخابات الثالثة التي تجرى خلال أقل من سنتين، ومع أنها أجريت خلال أيام العشر الأواخر من شهر رمضان، إلا أنّ نسبة المشاركة بالتصويت فيها لم تنخفض عما كانت عليه في الانتخابات الثلاث الأخيرة، التي لم تقل عن ٦٠٪؜، وإن لم تكن نسبة تغيير المقاعد فيها كبيرة، فهي لم تتجاوز ٢٠٪؜.

مقر النائب محمد جوهر حيات بعد إعلان النتائج

ولعلّ هناك اختلافاً جزئياً في نتائج الانتخابات الأخيرة عن نتائج الانتخابات في ٢٠٢٢ و٢٠٢٣ يمكن ملاحظته على مستوى اشتداد استقطاب مركزي القوى المتنافسين داخل مواقع السلطة لمجاميع من النواب… وكذلك عبر تراجع التمثيل النيابي للحركة الدستورية الإسلامية “حدس” الممثلة لخط الإخوان المسلمين، وبداية عودة التمثيل النيابي للمحسوبين على التيار الوطني التاريخي بعد فوز النائب محمد جوهر حيات، ولكن السمة الطاغية على النتائج تبرز على مستوى غلبة التمثيل النيابي الطائفي والقبلي، والطابع الفردي للعملية الانتخابية وللعمل البرلماني.

وهناك الآن استحقاقات حكومية ونيابية ليس من الواضح كيف ستتجه ترتيباتها؟ حيث يقع في مقدمتها التشكيل الحكومي الجديد، الذي ليس من الواضح ما إذا سيكون مختلفاً عن التشكيل الحكومي الأخير، أم هو امتداد له… ويليه استحقاق انتخابات رئاسة مجلس الأمة، وما إذا كانت الحكومة ستشارك فيها؟ أم ستواصل موقفها الحيادي تجاهها مثلما فعلت في آخر مجلسين؟ ومَنْ سيكون الرئيس؟… وبعد ذلك كيفية تعامل الحكومة مع المجلس من حيث احتمال تكرار ما حدث من تعاون بين المجلس المنحل وحكومة أحمد النواف؟ أو عودة الصدام بين المجلس والحكومة، ما قد يؤدي إلى استقالة الحكومة أو حلّ المجلس، أو ربما يفتح الأبواب أمام أزمة أخطر؟

مجلس الأمة الكويتي

وبالنسبة لنا فإنّ اهتمامنا موجّه نحو كيفية تعامل المجلس مع الحكومة، تحت ضغط الرأي العام الشعبي من جهة وضغط السلطة من جهة أخرى إزاء أربعة عناوين خلافية أساسية:

أولها: كيفية التعامل مع الميل المتزايد نحو الاستبداد والتضييق على الحريات السياسية، وما إذا كان المجلس سيتصدى لهذا الميل؟ أم سيرضخ له؟

ثانيها: كيفية تعامل النواب مع أجواء الشحن العنصري والتوجهات الحكومية بشأن قضايا الجنسية الكويتية، وما إذا كان سيتم احتواء ذلك أو تأجيجه.

ثالثها: التصدي للميل نحو التماهي مع سياسات ومواقف دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بشأن التطبيع مع الكيان الصهيوني.

رابعها: مدى الاستجابة للمطالبات الشعبية بتحسين مستوى المعيشة، وطبيعة الوجهة الاقتصادية – الاجتماعية للحكومة المقبلة فيما يتصل بالمكتسبات الاجتماعية الشعبية والخصخصة وغيرها.

ذلك أنّ هذه القضايا هي التي ستحدد ما إذا كنا أمام فترة تعاون واستقرار؟ أم أننا مقبلون على أزمة جديدة مع كل ما تنطوي عليه من قلق واضطراب؟

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

نحو تصحيح مفهوم المواطنة

معالجة ما يتعارف عليه بقضية “الهوية الوطنية” على أسس صحيحة لا يمكن أن يتحقق في ظل قانون الجنسية الحالي، الذي أقل ما يُقال عنه أنّه متخلف ومتناقض… فما بالك بقدرة هذا القانون على علاته على تلبية الاستحقاق الأهم وهو تحقيق المواطنة الدستورية المتساوية؟

بدعة “بوابة تفتيش” للرقابة

نعترض على أي اتجاه لاستحداث قنوات رقابية غير قانونية ونرفض أي محاولة لاعتماد معايير رقابية غير مهنية على النتاجات الإبداعية من كتب وأفلام ومصنفات فنية

“وعد بلفور” … الحلقة الأولى من مسلسل التآمر الإمبريالي الصهيوني على العرب

الصراع مع الكيان الصهيوني ليس صراعاً مع الفلسطينيين وحدهم بوصفهم الضحية الأولى للاحتلال، وإنما هو صراع وجودي مع شعوب الأمة العربية وقواها التحررية كافة وفي مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني وقوى المقاومة، فالمشروع الصهيوني يستهدفنا جميعاً.

سنة على طوفان الأقصى: وحدة المصير… مقاومة على درب التحرير

طوفان الأقصى أعاد الاعتبار إلى المقاومة بوصفها الخيار الأساسي الأول أمام شعبنا العربي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وأبرز مآثر الصمود الشعبي الفلسطيني الأسطوري في وجه آلة القتل والدمار الوحشية الصهيونية، وقطع الطريق على محاولات التآمر الصهيوني- الإمبريالي المحمومة لتصفية القضية الفلسطينية، وطوى صفحة العار المتمثلة في اتفاقات أوسلو الخيانية.

[zeno_font_resizer]