76 عاماً على النكبة.. فلسطين دربنا

منذ العام 1947 وعصابات القتل الصهيونية ترتكب مجازر التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني لتهجيره من أرضه وفرض أمر واقع، بالقتل والدم. فبين العام 1947 والعام 1948 وضعت عصابة الهاغانا الصهيونية ما يعرف بخطة “دالت” أو الخطة “د” التي هدفها، فرض السيطرة على أكبر مساحة من أرض فلسطين وتهجير أكبر عدد ممكن من سكانها لحماية، بالقتل والمجازر، زرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية. منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا والمجازر ترتكب بحق الشعب الفلسطيني وتستمر مخططات تهجيره من أرضه بدعم من قوى الاستعمار الامبريالية.

في العام 1948 حصلت عملية تهجير مجرمة للشعب الفلسطيني من أرضه حيث هجر أكثر من 750 ألف فلسطيني من أرضهم وقراهم إلى قطاع غزة والضفة الغربية، والدول العربية المجاورة التي تحولوا فيها، بفعل القتل وفرض التهجير عليهم، إلى لاجئين، واستشهد آلاف الفلسطينيين في مجازر عصابات الصهاينة التي ارتكبتها ضد أصحاب الأرض. كما قامت تلك العصابات المجرمة، بنهب الممتلكات وهدمت أكثر من 500 قرية لتهويدها، وفي النقب طردت معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش فيها. كل أعمال القتل والتهجير والهدم التي ارتكبتها عصابات الصهاينة هدفها تسهيل هجرة قطعان المستوطنين من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين والاستيطان فيها بدعم من الاستعمار البريطاني، ومحو التاريخ الفلسطيني، ووصل الأمر بتلك العصابات الصهيونية المجرمة إلى تبديل، بالتزوير، أسماء قرى عربية بأسماء عبرية.

يعرف تاريخ 15 أيار- مايو 1948 أنه تاريخ ذكرى النكبة، ولكن نكبة الشعب الفلسطيني بدأت قبل ذلك بأكثر من قرن، فمشاريع زرع، بالقوة، الكيان الصهيوني على أرض فلسطين تعود إلى العام 1799 تاريخ بداية حملة نابليون بونابارت الاستعمارية، فقد دعا خلال تلك الحملة على مصر وسوريا إلى “إنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين” تحت حماية فرنسية. هدفه من ذلك تعزيز الاحتلال الفرنسي لأجزاء من عالمنا العربي. ممّا يظهر أن مخططات زرع كيان صهيوني بالقسر والمجازر مهمته كانت، وما تزال، أن يكون قاعدة متقدمة لقوى الاستعمار والاحتلال والحروب. الصراع بين قوى الاستعمار لاحتلال المزيد من البلاد العربية وزرع كيان للصهاينة على أرض فلسطين لم يتوقف، فعلى الرغم من أن خطة نابليون لم تنجح إلّا أن الاستعمار البريطاني أعادَ العمل بتلك الخطة، ودعمها خدمة لأهدافه الاستعمارية المعادية لحقوق الشعوب بأرضها التي لا تختلف عن أهداف نابليون. فمنذ قيام الاستعمار البريطاني في فلسطين بدأ بتنفيذ مخططه بزرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، تجلى في العام 1917 عندما أعلن عن وعد الشؤم، وعد بلفور، وعد الدعم البريطاني لزرع ما يسمّى “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، وهو رسالة كتبها وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر بلفور إلى ليونيل روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية ورأس المال لإحالته إلى الاتحاد الصهيوني في بريطانيا العظمى وايرلندا، وبذلك تم تكريس دعم الاستعمار البريطاني للصهاينة والمشاركة في تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتسهيلهم لشراء الأراضي الفلسطينية لبناء مستعمرات الصهاينة عليها. يشار إلى أن عملية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية عبر الشراء بدأت منذ العام 1878 عندما اشترت مجموعة من اليهود أراض في فلسطين بهدف تسهيل عمليات الاستيطان وبقيت تلك العمليات مستمرة حتى العام 1881، وإنشاء المستعمرات عليها.

قاومَ الشعب الفلسطيني مشاريع التهجير والعدوان منذ ثورة 1936، وما زال متمسكاً بأرضه وحقه فيها… يسطر ملاحم الصمود بالأرض في مواجهة كل أشكال القتل والتهجير وإجراءات التضييق على الفلسطينيين الصامدين في أرضهم…. ومقاومة جيش الاحتلال الصهيوني والصمود في معتقلاته النازية… مسيرة صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته للعدو والمشاريع الامبريالية لتهجيره من أرضه تتجذر يوماً بعد يوم… وجيلاً بعد جيل… فها هي غزة العزة والمقاومة تسطر الملاحم في مقاومة العدوان الصهيوني المستمر منذ السابع من أكتوبر المدعوم من القوى الامبريالية ورأس حربتها الولايات المتحدة…. غزة المقاومة أعادت وهج القضية الفلسطينية وكشفت وهن جيش العدو بكل ترسانته من أسلحة القتل والتدمير التي ترسلها له قوى الامبريالية الشريكة في مجزرة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، كشفت أحقية القضية الفلسطينية التي عمل العدو الصهيوني منذ احتلاله لفلسطين، مع القوى الامبريالية الداعمة والحامية له، على حجبها بكل الطرق، فها هي قضية فلسطين تنهض كالمارد تجتاح مراكز النظام الرأسمالي العالمي بمظاهرات الطلاب، في أميركا ومعظم الدول الأوروبية، المؤيدة لفلسطين والداعية إلى وقف العدوان الصهيوني على غزة ومقاطعة الكيان الصهيوني، مظاهرات كشفت زيف الديمقراطية الرأسمالية من خلال عمليات القمع والاعتقالات والابتزاز التي يتعرض لها الطلاب. 

في ذكرى النكبة نعود إلى ما كتبه الشهيد غسان كنفاني في روايته “عائد إلى حيفا“: 

".... وكنت أقول لنفسي: ما هي فلسطين بالنسبة لخالد؟ إنه لا يعرف المزهرية، ولا الصورة، ولا السلم ولا الحليصة ولا خلدون. ومع ذلك فهي بالنسبة له جديرة بأن يحمل المرء السلاح ويموت في سبيلها، وبالنسبة لنا أنتِ وأنا، مجرد تفتيش عن شيء تحت غبار الذاكرة، وانظري ماذا وجدنا تحت ذلك الغبار... غباراً جديداً أيضاً.

لقد أخطأنا حين اعتبرنا أن الوطن هو الماضي فقط، أما خالد فالوطن عنده هو المستقبل، وهكذا كان الافتراق... وهكذا أراد خالد أن يحمل السلاح.

عشرات الألوف مثل خالد لا تستوقفهم الدموع المفلولة لرجال يبحثون في أغوار هزائمهم عن حطام الدروع وتفل الزهور، وهم إنما ينظرون للمستقبل، ولذلك هم يصحّحون أخطاءنا، وأخطاء العالم كله".

فلسطين دربنا… 

النكبة لن تتكرر بإرادة الصمود والمقاومة…

الاحتلال إلى زوال…

الأرض لنا… فلسطين الدولة الوطنية على كل أرض فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى جميع الأراضي التي هجروا منها.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

انتخابات ٢٥ يناير ١٩٦٧ المزوّرة

عندما اتضح أنّ قائمة “نواب الشعب” ستحرز نجاحاً مرجحاً في المعركة الانتخابية، استعدت السلطة لتزوير الانتخابات، بهدف ضمان غالبية المجلس إلى جانبها…

أساليب مبتكرة للمقاومة الفلسطينية في مرحلة الهرولة للتطبيع

كان خروج مصر من معادلة الصراع العربي – الصهيوني بشكل كامل عام 1978، بتوقيع الرئيس السادات معاهدة الصلح المنفرد مع “إسرائيل”، واندفاعه إلى حظيرة التبعية لأميركا، عاملاً رئيسياً في تغير الظروف الإقليمية لصالح العدو الصهيوني. وشهدت نهايات السبعينات وما تلاها تغيرات دولية في اتجاه هيمنة القطب الواحد الأميركي.

الثورة الجزائرية الخالدة ” نبراساً لمقاومة الاستعمار والظلم”

كان صدى الثورة الجزائرية في الفاتح من نوفمبر عام 1954 يدوي في كل مكان من هذا العالم ضد الظلم والاستبداد الاستعماري، لاسيما أن هناك العديد من الشعوب ما زالت تحت نير الاستعمار الغربي، الذي كان يعم مناطق كثيرة في العالم، خاصة المستعمرات الفرنسية على وجه التحديد في إفريقيا، حيث أن الثورة الجزائرية أشعلت لهيب العنف الثوري ضد المستعمر كخيار مبدئي واستراتيجي للحصول على الاستقلال الكامل والحرية