بنية نمط الإنتاج الرأسمالي وأزماته.. والمواجهة المطلوبة

ما من بقعة على الكرة الأرضية إلَّا ودخلها نمط الإنتاج الرأسمالي، والأصح غزاها نمط الإنتاج الرأسمالي لأنه انطلق من بقعة جغرافية محددة ليتوسع منها ويغزو بقية العالم، مثله مثل فيروس كورونا. فقد ورد في “البيان الشيوعي” تنطلق البرجوازية نحو جميع أنحاء الكرة الأرضية تدفعها الحاجة الدائمة إلى أسواق جديدة. إن عليها التغلغل في كل مكان والاستثمار في كل مكان. وإقامة الصلات في كل مكان”.  

لا يقوم نمط الإنتاج الرأسمالي على بُعد واحد، بل يقوم على شبكة علاقات معقدة تربط السياسة بالاقتصاد بالمجتمع، وكل مقاربة لهذا النمط لا تأخذ بعين الاعتبار كل ترابطات هذه الأبعاد هي مقاربة غير مكتملة ولا تؤدي إلَّا إلى زيادة التشويه الطبقي. وهو نمط له صفاته المحددة ومن أبرزها: استغلال الطبقة العاملة، تحقيق زيادة في الأرباح، والأزمات الدورية. طبعاً بالإضافة إلى صفات أخرى ما من حاجة لذكرها هنا انطلاقاً من أننا جميعاً نعرفها.  

المقاربات النقدية لنمط الإنتاج الرأسمالي

الأمر الآخر المتوجب أخذه بعين الاعتبار يتعلق بالمقاربات النقدية لهذا النمط. هناك توجهان لا ثالث لهما مهما تعددت أشكال هذا النقد، فهي تبقى مختلفة بالشكل واحدة بالمضمون. مع تواجد نقد يتلاعب بمحاولة الخلط بين التوجه الأول والثاني ليدعي أنه مغاير لهما، بينما في الواقع هو نقد انتهازي يتحين فرص فوز أحدهما على الآخر ليلتحق بالفائز.

النقد الأول: يعتمد في خلفيته الفكرية على نقد نمط الإنتاج الرأسمالي من داخل البنية الفكرية لهذا النمط. النقد بهذه الصيغة، أيضاً مهما تنوعت أشكاله وصياغاته اللغوية، مجرد نقد لإصلاح الخلل المتواجد فيه، وبخاصة مسألة الأزمات الدورية التي يمر بها، ليأخذ تطوره التاريخي مساره الصحيح وفقاً لاعتقادهم. 

جميع من يحاول نقد نمط الإنتاج الرأسمالي في سبيل إصلاحه يؤكد من خلال نقده أنه نمط من طبيعة الإنسان. كونه من طبيعة الإنسان فلا يمكن التخلي عنه مهما فعل الجنس البشري من محاولات التخلص منه. فالطبيعة البشرية لا يمكن تغييرها وبهذا لا يمكن تغيير أو استبدال نمط الإنتاج الرأسمالي بأي نمط إنتاج آخر وإلَّا لم يعد الإنسان إنساناً، فتخليه عن نمط الإنتاج الرأسمالي يعني تخلي الإنسان عن طبيعته البشرية.

والأمر الآخر لنقاده من أجل إصلاحه هو ذهابهم حديثاً إلى مسألة التمسك بالديمقراطية. ليؤكدوا بشكل كاذب أن الديمقراطية من أسس نمط الإنتاج الرأسمالي. لكن كل من يتتبع مسار تشكلات الديمقراطية في نمط الإنتاج الرأسمالي يمكنه معرفة كذب هؤلاء. فالديمقراطية لم تكرس إلَّا عبر نضالات الطبقة العاملة بعد أن شكلت وعيها وأصبحت ممارسة الفكر الماركسي في حياتها اليومية تمثل نضالها على أرض الواقع لتحقيق مصالحها. 

من بعض هؤلاء النقاد الساعين لتكريس نمط الإنتاج الرأسمالي ماكس فيبر. ماكس الذي تضج به الجامعات وبكتبه وأفكاره والتنافس على تصنيفه على أنه واحد من أبرز علماء الاجتماع عالمياً وهناك مراكز أبحاث باسمه وتمنح الطلاب منحا تعليمية للتخصص بأفكاره و… كل هذا يحدث لأن ماكس عمل على تكريس فكرة كاذبة مفادها أن نمط الإنتاج الرأسمالي قديم قدم الإنسان! أي يعيدنا إلى أن نمط الإنتاج الرأسمالي طبيعة بشرية. والمسألة الأخرى التي عمل عليها لتأكيد فكره، هي أن هذا النمط لم يأخذ شكله الحديث إلَّا بسبب العقلانية. والعقلانية خاصية غربية فقط. فكرس من خلال أفكاره مسألتين مهمتين في تشويه الوعي الطبقي لمحاربة الماركسية وهما أن نمط الإنتاج الرأسمالي من طبيعة الإنسان والغرب هو العقلاني الوحيد! ما يعيدنا إلى مسألة “العقل للغرب والقلب للشرق”، لنعود إلى مهدي عامل كي نزيل جزءا من هذا التشويه. 

على المستوى الاقتصادي ضج العالم ووسائل إعلامه بتوماس بيكيتي. انبهر به من انبهر وضج به من ضج معتقدين أنه سوف ينقذ نمط الإنتاج الرأسمالي من أزمته الدورية الراهنة، كما فعل كينز وأنقذه من الكساد الكبير. متناسين أن بيكيتي لا ينتقد النظام الرأسمالي من خارجه، بل يعمل على إصلاحه ليبقى إلى الأبد لعدم وجود بديل عنه. 

فقد عمل بيكيتي على أن هذا النظام يمكن معالجة أزماته بعيداً عن المساس بالنظام السياسي. أي هناك فصل بين الأبعاد الثلاثة، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في المعالجة ما يجعل من مقاربته مجرد معالجة جزئية. ومن جهة أخرى عمل على نقد المقاربة الماركسية معتبراً أنها لا تصلح لحل أزمة النظام الرأسمالي. فيقول في كتابه الشهير “رأس المال في القرن العشرين“: “إن نمو الاقتصاد الحديث وانتشار المعرفة جعلت من الممكن تجنب نبوءات ماركسية…”. وكأن النقد الماركسي لنمط الإنتاج الرأسمالي ينحصر في النقد الاقتصادي فقط مستبعدا بقية الأبعاد. وفي الوقت عينه، وفقاً له، لم تعد صالحة لحل أزمته الراهنة لأن هذا النمط قد تطور إلى أبعد من النظرية الماركسية. 

فقد وضع بيكيتي ماركس في الخانة الاقتصادية حصراً بوصفه: “لقد كان كل من دافيد ريكاردو وكارل ماركس أكثر الاقتصاديين تأثيراً في القرن التاسع عشر…”. ليقلل من أهمية النظرية الماركسية، طبعاً بعد أن حصرها بالبعد الاقتصادي فقط، بطريقة غير مباشرة أي في زمن ماركس، كان يمكنه أن يلحظ ما قاله ماركس “فالرأسمال ازدهر في أربعينيات عام 1800 ونمت الأرباح الصناعية وتجمد دخل العمال… (و) اعتمدت أعمال ماركس على تحليل التناقضات المنطقية للنظام الرأسمالي. وبهذا اعتقد أنه قد ميز نفسه عن كل من الاقتصاديين البرجوازيين… والاشتراكيين المثاليين والبرودونيين… بالمختصر فإن ماركس أخذ نموذج ريكاردو لسعر رأس المال ومبدأ الندرة كقاعدة لتحليل سطحي لدينامية رأس المال في عالم كان فيه رأس المال في الأساس صناعيا” أي كل مقاربات بيكيتي وإنْ أخذت في بعض مناحيها شكل الماركسية فهي ليست ماركسية في الجوهر. وقامت فكرته انطلاقاً من محاولة معرفة أسباب عدم المساواة في النظام الرأسمالي وكيفية إصلاح هذا الخلل فيه.

النقد الثاني: يعتمد في خلفيته الفكرية على الفكر الماركسي – اللينيني، وهي بنية فكرية لا إصلاحية لهذا النمط الرأسمالي بل تعمل على تعريته وإبراز خلله لتغييره بشكل جذري والعمل لبناء نمط إنتاج مغاير عنه. أي مقاربتها لا تنطلق من أن نمط الإنتاج الرأسمالي من طبيعة الإنسان ولا يمكن تغيير هذا النمط، هذا النمط هو مرحلة من مراحل تطور تاريخ البشرية. وهي مرحلة يمكن تخطيها إلى مرحلة مغايرة جذرياً عنها. لكن هذا لا يعني أن يجلس الشيوعيون وبخاصة الطبقة العاملة من دون أي نضال طبقي للتغيير منتظرين المولود الجديد. بل نضالهم الطبقي المرتبط بوعيهم الطبقي من سيعمل على أن يرى المولود الجديد النور.

وهذا أحد أوجه الصراع بين الطبقتين، الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية. فالطبقة البرجوازية تعمل على تشويه الوعي الطبقي لتقود الطبقة العاملة من خلال هذا التشويه الممنهج إلى دعم البرجوازية بطرق مباشرة وغير مباشرة. فتخلق الطبقة البرجوازية صداماً داخل الطبقة العاملة لحرفها عن التشكل كطبقة تملك وعيها. ولن ندخل هنا في تعاريف كل طبقة، فالأمر واضح في البيان الشيوعي من هي كل طبقة، وباختصار شديد يمكن القول، اعتماداً على “البيان الشيوعي” أن الطبقة البرجوازية هي تلك الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج، والطبقة العاملة هي تلك الطبقة التي لا تملك وسائل الإنتاج. 

ما تعمل عليه الطبقة البرجوازية في تشويه الوعي هو محاولة منع الطبقة العاملة من التشكل في حزب سياسي من خلاله يمكن للطبقة العاملة أن تزيل تشويه الوعي البرجوازي وتناضل من خلاله لتحقيق هدفها وهو بناء نمط إنتاج بديل عن النمط الإنتاج الرأسمالي. 

فمن أبرز مهمات الطبقة البرجوازية للحفاظ على هيمنتها على الطبقة العاملة هو منعها من أن تنتظم في طبقة وهنا وفقاً للبيان الشيوعي: “انتظام البروليتاريا في طبقة، وبالتالي في حزب سياسي، ما ينفك أن يتحطم باستمرار نتيجة لما يشق العمال من تزاحم”. والتزاحم توجده الطبقة البرجوازية بين الطبقة العاملة.  

ولتوضيح أن الماركسية لا تتعاطى مع نمط الإنتاج الرأسمالي ببعده الاقتصادي فقط، كما يحاول أن يظهره منظرو الرأسمالية لتشويه الوعي الطبقي فقد ورد في “البيان الشيوعي”: “… الحكومة الحديثة ليست سوى لجنة تدبير الشؤون العامة للطبقة البرجوازية بأسرها”. فيظهر الارتباط جلياً بين البرجوازية والحكومة الحديثة. 

لتنتظم الطبقة العاملة في طبقة لا بد أن تعمل هذه الطبقة على توفير شروط انتظامها في طبقة فهي “لا تستطيع أن تنهض وتقف على قدميها دون أن تقوض كل البنية الفوقية للشرائح التي تؤلف المجتمع الرسمي” (البيان الشيوعي).

وكذلك الأمر بالنسبة للطبقة البرجوازية هناك شروط لوجودها فـ”الشروط الأساسية لوجود طبقة البرجوازية وسيطرتها هي تكديس الثروة بين أيدي بعض الأفراد وتكوين رأس المال وعلى إنمائه. وشرط وجود رأس المال هو العمل المأجور…” (البيان الشيوعي).

ها نحن اليوم نتواجد في إحدى مراحل نمط الإنتاج الرأسمالي. مرحلة تعددت تسمياتها منذ لحظة بزوغها مع تاتشر وريغان إلى أن ثبتت تقريباً تحت مسميين عامين وهما “العولمة” أو “النيوليبرالية”. مرحلة تتسم بوجود قطب واحد يحكم العالم، والقضاء على “دولة الرفاهية” والتي استطاعت الطبقة العاملة من خلال نضالاتها الطبقية المتسمة بوعيها الطبقي أن تفرض الكثير من الحقوق على الدولة الحديثة. إطلاق يد الفكر البرجوازي بفعل ما يشاء، من دون أي قيود حتى ولو كانت أخلاقية، لتحقيق “الثروة بين أيدي بعض الأفراد وتكوين رأس المال والعمل على إنمائه” تحت حماية “الدولة الحديثة” لتؤكد أن الدولة الحديثة ليست سوى “لجنة تدير الشؤون العامة للطبقة البرجوازية”. وهنا أمر آخر لا يجب أن يخفى أو يتوه في خضم كل هذا وهو أمر أساسي في بنية نمط الإنتاج الرأسمالي ألا وهو التنافسية. لذا أطلق على الولايات المتحدة في بدايتها لقب “شرطي العالم”، ولم يستسغ منظرو هذا النمط تسمية هذه المرحلة بهذا الاسم لأنه يحمل مصداقية قمعية واضحة. فاستقر الرأي من قبل منظريها أخيراً على “العولمة” أو “النيوليبرالية”. سواء “عولمة” أو “نيوليبرالية” فهي هي تتضمن معنى إعادة صياغة شكلية لمرحلة من مراحل تطور نمط الإنتاج الرأسمالي. فهذا النمط “باستثمار السوق العالمية يعطي البرجوازية لإنتاج كافة البلدان واستهلاكها صبغة كونية” “البيان الشيوعي”. 

تعدد أزمات نمط الإنتاج الرأسمالي

الجدير لحظه في نمط الإنتاج الرأسمالي هو مسألة تعقد أزماته الدورية مع مراحل تطوره، ولا يعني هذا إن كل أزمة يمر هي نهايته، بل أزمة دورية أكثر تعقيداً من سابقتها. ما يستوجب حلولاً أكثر تعقيداً وفي الوقت عينه تعمق أكثر في الفكر الماركسي لفهم آلية مجريات هذه الأزمة والعمل على هدم بنيانه في اللحظة المناسبة. لا الانجرار إلى شعبوية الخطابات والقول إن الرأسمالية في حالتها الراهنة وبسبب أزمتها الحالية انتهت أو على وشك الانتهاء! 

آخر أزمات الرأسمالية في مرحلتها الراهنة كانت الأزمة التي أصابتها عام 2008. أزمة ما زالت قائمة حتى تاريخه ولم يخرج منها نمط الإنتاج الرأسمالي ويسعى لإيجاد حل لها بشتى السبل، بخاصة بعد أن حلت “الصبغة الكونية” له في شتى أنحاء العالم و”جردت الصناعة من أساسها الوطني” “البيان الشيوعي”، وحولت معظم بلدان العالم إلى بلد خدماتي في خدمة مركز رأس المال.      

بداية الحل الذي قام به هو دعم القطاع المصرفي بما يحتاجه من سيولة كي لا ينهار على حساب الطبقة العاملة التي تضررت من الأزمة. لم تحل الأزمة! فعمد إلى رفع مستويات الاستثمار بالذكاء الاصطناعي لتقليص كلفة الإنتاج ورفع مستويات الربحية، وها نحن حالياً نشهد المزيد من تعقد أزمته لما يقوم به وله علاقة بالذكاء الاصطناعي الذي يقتل العديد من المهن أكثر من تعداد ما يخلقه من فرص عمل جديدة، فوقع بفخ ارتفاع مستويات البطالة. وما زال سائراً في هذا الاتجاه! والبطالة من إحدى نتائجها تقلص الاستهلاك لعدم القدرة على الاستهلاك! 

في هذه المرحلة حدثت مسألة تتوافق معها وتزيد من تعقيدات حل الأزمة. فالتنافسية في هذه المرحلة أصبحت إلى حد بعيد أقرب إلى الاحتكارية! ويعود هذا في جزء منه إلى تمركز رأس المال في يد حفنة من الأفراد، بتشريعات قانونية تسنها الدولة الحديثة لتحمي مركزة رأس مالهم. وها نحن اليوم نشهدها بوضوح أكثر. وتحول معظم سكان الكرة الأرضية إلى بروليتاريا متنافسة فيما بينها للحصول على فرصة عمل، وتكرس “العولمة” فكرة التنافس بين البروليتاريا لتزيد من تشوه وعيها الطبقي ومنعها من تشكلها في طبقة، في الوقت الذي تعمل فيه البرجوازية بطبيعة علاقاتها مع “الحكومة الحديثة” على “كونية” هيمنتها.

اليوم تمثل الانتخابات الأميركية، وفوز دونالد ترامب، أكثر نموذج واقعي للقراءة الماركسية. وتؤكد على مدى صلاحية القراءة الماركسية لنمط الإنتاج الرأسمالي بمرحلته الراهنة. 

فالرئيس الحالي للولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب، من مليارديري العالم، وتبلغ ثروته بحدود 5.5 مليار دولار. فهو مصنف من مليارديري أميركا! أي من كبار برجوازيي المجتمع الأميركي. واختار ضمن فريقه إيلون ماسك ليتولى قيادة وزارة الكفاءة الحكومية، مع المرشح الرئاسي الجمهوري السابق فيفيك راماسوامي. وراماسوامي رجل أعمال ومن نجوم مجلة فوربس المختصة بملياديري العالم، وما زال مليارديرا بأول طريق المليارديرية لأن ثروته تقدر فقط بمليار دولار. أما ماسك فهو في قمة نجومية المليارديريين بثروة تقدر بحدود 431 مليار دولار. وبيت هيغسيث لم يصل إلى مرتبة المليارديريين لكن ثروته تقدر بـ 6 ملايين دولار. وسوزي ويلز وتقدر ثروتها ما بين 5 و10 ملايين دولار، ومبعوثه الخاص لمنطقة الشرق الأوسط ستيف ويتكوف تبلغ ثروته 500 مليون دولار، و”مهنته” كمهنة رئيس الجمهورية ترامب وهي العقارات … ويمكن تتبع بقية الأسماء ومعرفة مدى ثرواتهم. 

بالمجمل يمكن القول إن مجموع ثروة رأس الهرم السياسي في الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب أكبر من مجموع ثروات مجموعة بلدان برمتها. 

ما يعيد إلى أذهاننا مظاهرات أميركيا وشعار “نحن 99%”. لأن مليارديري العالم، الذين يحتكرون الثروات على المستوى العالمي، يمثلون نسبة 1.1 % من مجموع سكان العالم والنسبة الأعلى منهم متمركزة في الولايات المتحدة الأميركية التي يبلغ مجموع المليارديريين فيها 26788 مقابل تعداد سكاني يبلغ 346.318.927 نسمة! 

رقم أغنياء العالم يأخذنا إلى أن التنافسية في نمط الإنتاج الرأسمالي، والتي تعتبر واحدة من صفاته الأساسية، تقف على حافة الانقراض. وتمركز رأس المال في أيدي حفنة ضئيلة جداً من الأفراد تمكنهم من امتلاك وسائل الإنتاج، جعلت من كافة سكان الأرض طبقة عاملة متنافسة للحصول على فرصة عمل متوهمة بأن التنافسية ما زالت قائمة في نمط الإنتاج الرأسمالي! 

مجموع كل هذا يعيدنا إلى مدى تقدم وتمتين وتأكيد أن الدولة الحديثة ليست سوى “لجنة تدير الشؤون العامة للطبقة البرجوازية”. فها نحن اليوم من النموذج الأميركي بانتخاباته الأخيرة نعيد تأكيد صحة ومصداقية القراءة الماركسية – اللينينية لهذا النمط الإنتاجي. فالأزمة الحالية التي يعاني منها هذا النمط ليست بالأزمة الأخيرة، بل هي أزمة من أزماته اللاحقة. وما هو مؤكد أن الطبقة البرجوازية الراهنة، بمواقعها السياسية، وهيمنتها على مركز الرأسمالية العالمية لن تخرج هذه المرحلة من نمط الإنتاج الرأسمالي من أزمته، بل سوف تزيدها تعقيداً في محاولة منها لغزو المزيد من الأسواق العالمية وإعادة خلق أسواق جديدة كانت في السابق متاحة لها جزئياً، لتصبح اليوم متاحة كلياً. 

في الوقت عينه على كافة القوى الثورية أينما تواجدت في العالم أن تعمل جدياً على توحيد صفوفها والعودة إلى فكرها الماركسي – اللينيني لتواجه الموجة الجديدة من حكم مليارديري العالم الذين يسعون لإخراج نمط الإنتاج الرأسمالي بمرحلته الراهنة من أزمته الراهنة على حساب الطبقة العاملة أينما تواجدت في العالم. فالأيام القادمة سوف تحمل لنا المزيد من التحديات وعلينا أن نستعد لها لا ننتظر قدومها وان نقوم بمجرد رد فعل عليها!  

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

بين مطرقة نتنياهو وسندّان ترامب: “اتفاقية وقف الأعمال العدوانية” خارج التطبيق

من الواجب رفع الصوت في هذه المرحلة المصيرية والدعوة إلى تكاتف القوى السياسية والشعبية التي لا تزال تعتبر الكيان الصهيوني عدواً لنا. فالمصلحة الوطنية العليا تقتضي، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، العمل على استعادة السيادة الحقيقية على أرض الوطن ومياهه وثرواته

‏الكونغو الديمقراطية على حافة الانهيار: تصعيد الحروب بالوكالة وتحولات الخريطة السياسية

سيطرة المتمردين على غونا قد تؤدي إلى انهيار الحكومة المركزية في بعض المناطق، ما قد يخلق فراغاً سياسياً يسمح بتوسع الجماعات المسلحة الأخرى في مناطق أخرى من البلاد.

مستقبل الصراع اليمني – الإسرائيلي

باتت “إسرائيل” ترى في اليمن تهديداً استراتيجياً طويل الأمد، وتقدر أنها في حرب مفتوحة مع اليمن لا تنتهي بمجرد التوصل لاتفاق إطلاق نار مع المقاومة في غزة الذي تحقق مؤخراً.

الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد نجم الدين الخريط لـ «تقدُّم»: المرحلة التي تمر بها سورية تستوجب بلورة حالة وطنية لمواجهة العدوان الصهيوني وتحرير الأراضي المحتلة ورفض التقسيم

ليس من حق ولا صلاحيات أحد – مهما كان ومن كان- أن يتكلم بالنيابة عن أبناء شعبنا السوري في قضية حقوقه المشروعة بتحرير جميع أراضيه المحتلة.