حرب المياه في الضفة وغزة .. جريمة حرب صهيونية

-+=

في البدء لا بد من التوقف على واقع المياه في غزة والضفة الغربية بعد عدوان أكتوبر 2023. حيث استخدم العدو الصهيوني عناصر الحياة الأساسية من المياه والطاقة والغذاء سلاحاً، لتركيع الشعب الفلسطيني.

يعاني قطاع غزة من أزمة حادة في الحصول على المياه، حيث أنه وفي ظل الظروف الطبيعية في فترة ما قبل عملية أكتوبر 2023، كان معدل استهلاك الفرد من المياه في القطاع يقدر بحوالي 84.6 لتراً/فرد/يوم خلال العام 2022، وبعد اندلاع العدوان الصهيوني، أشارت التقديرات والتقارير إلى أن سكان قطاع غزة بالكاد يستطيعون الوصول إلى ما بين 3-15 لترا/فرد/يوم فقط (حسب إحصاءات سلطة المياه الفلسطينية)، وكميات المياه التي تصل للمواطن تتباين بشكل كبير حسب الموقع الجغرافي والمياه المزودة والدمار الحاصل في البنية التحتية وعمليات النزوح المستمرة، حيث أن الحد الأدنى من كمية المياه المطلوبة للبقاء على قيد الحياة تقدر بنحو 15 لتراً للفرد في اليوم، ويُقدر اجمالي المياه المتوفرة حالياً بحوالي 10-20% من مجمل المياه المتاحة في قطاع غزة قبل العدوان، وهذه الكمية غير ثابتة وتخضع لتوفر الوقود، ومن الجدير ذكره هنا أن عدوان الاحتلال الصهيوني خلف آثاراً كارثية على البنية التحتية للمياه، وشبكات المياه ومصادر إمدادات المياه بشكل عام، حيـث تـم تدميـر حوالي 40% مـن شـبكات الميـاه فـي قطاع غزة وتعطلــت المضخات الرئيســية بســبب القصــف أو بسبب نفاد الوقود.

تشير البيانات إلى أن 4% فقط من سكان قطاع غزة كان لديهم إمكانية وصول إلى مياه مدارة بشكل آمن وخالية من التلوث في فترة ما قبل العدوان الصهيوني على قطاع غزة في أكتوبر 2023، أما في ظل العدوان الحالي على قطاع غزة، وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه ومحطات الضخ وتشغيل الآبار، فإن السكان بالكاد يحصلون على مياه للشرب و بمجملها تكون غير آمنة، حيث أنه لا يتوفر سوى محطة تحلية مياه واحدة تعمل بقدرة تشغيلية تبلغ 5% بالإضافة إلى محطتين متوقفتين عن العمل بشكل كلي بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الوقود في القطاع. (1)

فاقم العدوان الصهيوني على قطاع غزة في أكتوبر 2023 الظروف المتردية أصلاً فيه من ندرة في المياه وانعدام الأمن الغذائي ومشاكل قطاع الطاقة والبنية التحتية المتصدعة أصلاً بفعل التصعيد العسكري والحصار المستمر منذ 16 عاماً على القطاع. فازداد اعتماد الفلسطينيين على شراء المياه من الشركات “الإسرائيلية”. واستنزفت طبقة المياه الجوفية الوحيدة بسبب الإفراط في الاستخراج والتلوث بمياه الصرف الصحي وتسرب مياه البحر فأصبحت 97 % من المياه غير صالحة للاستهلاك البشري. 

وقلص العدوان على غزة إمدادات المياه بنسبة 95 % وأجبر السكان على استخدام مرافق المياه والصرف الصحي غير المأمونة ليزداد الخطر على الصحة العامة.  

رافق العدوان على غزة مستويات غير مسبوقة من العنف والإبادة والإجرام ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. مما دفع بمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحق الإنسان في مياه الشرب الصحية وحقه في خدمات الصرف الصحي بيدرو اروخو -اغودو في 17 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023 إلى الإدلاء بتصريح قال فيه “يجب أن توقف إسرائيل استخدام الماء كسلاح حرب. وبموجب المادة 7 من نظام روما الأساسي، فإن حرمان السكان المدنيين عمداً من الظروف المعيشية، بقصد تدميرهم، هو عمل إبادة ويصنف على أنه جريمة ضد الإنسانية. (2)

الموارد المائية في الضفة الغربية

تقسم المياه الجوفية في الضفة الغربية حسب الأنظمة المائية إلى ثلاثة أحواض رئيسية: الحوض الغربي والحوض الشمالي الشرقي والحوض الشرقي. 

وحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه الفلسطينية بمناسبة يوم المياه العالمي الذي يصادف في 22 آذار/ مارس 2023. (3) فقد حدَّد التقرير في حينه بأن 76% من المياه المتاحة مصدرها المياه الجوفية، حيث تعتمد فلسطين بشكل أساسي على المياه المستخرجة من المصادر الجوفية والسطحية، والتي تبلغ نسبتها 76.4% من مجمل المياه المتاحة. وقد بلغت كمية المياه التي تم ضخها من آبار الأحواض الجوفية (الحوض الشرقي، والحوض الغربي، والحوض الشمالي الشرقي) في الضفة الغربية للعام 2021 نحو 105.3 ملايين م3.

ويعود السبب الرئيسي للضعف في استخدام المياه السطحية إلى سيطرة الاحتلال الصهيوني على مياه نهر الأردن والبحر الميت، حيث أنه يمنع الفلسطينيين من الوصول إلى مياه نهر الأردن منذ عام 1967 والتي تقدر بنحو 250 مليون م3.

ويؤكد التقرير أن 22% من المياه المتاحة في فلسطين يتم شراؤها من شركة المياه “الإسرائيلية” “ميكروت”. أي أن المحتل يبيع الفلسطيني مياهه. حيث وصلت كمية المياه المشتراة للاستخدام المنزلي 96.1 مليون م3 عام 2021، والتي تشكل ما نسبته 22% من كمية المياه المتاحة التي بلغت 438.4 مليون م3، منها 37 مليون ممياه متدفقة من الينابيع الفلسطينية، و297.8 مليون ممياه يتم ضخها من الآبار الجوفية، و7.5 ملايين م3 مياه شرب محلاة وتشكل 1.7% من المياه المتاحة.

الموارد المائية في الضفة الغربية 

وحول نوعية المياه المتاحة للفلسطينيين فقد بلغت كميات المياه الملوثة، وتصنف غير صالحة للاستخدام الآدمي، 186.7 مليون م3 من مجموع المياه المتاحة للفلسطينيين معظمها في قطاع غزة مقابل 251.7 مليون م3 صالحة للاستخدام الآدمي والتي تشمل المياه المشتراة والمحلاة.

 وفق بيانات سلطة المياه فقد بدأت فلسطين بإنتاج كميات من المياه المحلاة وصلت إلى 7.5 ملايين م3 في العام 2021 نتيجة تشغيل محطات تحلية محدودة الكمية في غزة، حيث من المتوقع زيادة إنتاج هذه الكميات بشكل كبير في الأعوام القادمة مع تنفيذ برنامج محطة التحلية المركزية. 

مؤشرات مختارة لإحصاءات المياه في فلسطين،2019-2021

(الكمية بالمليون م3)

202120202019المؤشر
438.4448.4417.9كمية المياه المتاحة سنويًا
297.8299.1289.0كمية الضخ السنوية من الآبار الجوفية
37.053.340.6كمية التدفق السنوي لمياه الينابيع  
96.190.384.2كمية المياه المشتراة من شركة المياه “الإسرائيلية” “ميكروت” (للاستخدام المنزلي)
7.55.74.1مياه شرب محلاة
250.7232.6227.3كمية المياه المزودة للقطاع المنزلي

 معدل استهلاك الفرد الفلسطيني اليومي من المياه أقل من المعدل الموصى به عالمياً وهو في تناقص

بلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني اليومي 86.3 لتراً من المياه، وبلغ هذا المعدل 89.0 لتراً في اليوم في الضفة الغربية، مقابل82.7 لتراً في قطاع غزة، وإذا ما أخذنا بالاعتبار نسبة التلوث العالية للمياه في قطاع غزة، واحتساب كميات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي من الكميات المتاحة، فإن حصة الفرد من المياه العذبة ستنخفض إلى 21.3 لتراً فقط في اليوم، وعند مقارنة هذا المعدل باستهلاك “الفرد الإسرائيلي” نلاحظ أن معدل استهلاكه يزيد بثلاثة أضعاف عن الفرد الفلسطيني. إذ بلغت حصة “الفرد الإسرائيلي” نحو 300 لتر في اليوم، ويتضاعف هذا المعدل للمستوطنين الصهاينة إلى أكثر من 7 أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني.

وحسب اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995 تقدر الاحتياجات الفورية للفلسطينيين (4) من المياه العذبة للاستخدام المنزلي خلال الفترة المؤقتة حوالي 28,6 مليون متر مكعب/ السنة. (23,5 مليون متر مكعب في السنة للضفة الغربية، و5,1 مليون متر مكعب/ السنة المخصصة للضفة الغربية سيتم توفير 20,5 مليون متر مكعب في السنة منها من الآبار الإضافية، و3,1 مليون متر مكعب في السنة من شركة ميكوروت –”شركة المياه الإسرائيلية”). 

ومع ذلك، فقد تعرضت اتفاقية أوسلو لانتقاداتٍ لعدم تعاملها مع حصة المياه الفلسطينية من نهر الأردن، والأحواض الغربية والشمالية الشرقية المشتركة لطبقة المياه الجوفية الجبلية، ولا مع خفض استهلاك الكيان الصهيوني للمياه من الموارد المائية الفلسطينية أو الكميات المقدمة إلى المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تجاهلت الاتفاقية مسألة التوزيع المنصف والمعقول.

عدا عن ذلك فإن للفلسطينيين حسب الاتفاقية حق في مياه نهر الأردن تقدر بحوالي 320 مليون متر مكعب سنوياً، لكن العدو الصهيوني يحرم على الفلسطينيين حق استخدام هذه المياه منذ عام 1967 بعد احتلاله للضفة الغربية.

الموارد المائية في قطاع غزة

ينقسم النظام المائي في قطاع غزة إلى نظامين رئيسيين هما: النظام المائي السفلي ويوجد على عمق يصل إلى 400 متر تحت سطح البحر ومياهه عالية الملوحة، والنظام المائي العلوي وهو التكوين المائي الرئيسي في غزة ويبلغ أقصى ارتفاع للخزان الجوفي في القطاع 160 م في المناطق الشمالية، ويقل ارتفاعه تدريجاً في اتجاه الشرق ليصل إلى 70 م في المناطق الجنوبية. لا توجد ينابيع في قطاع غزة وذلك حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 

الموارد المائية في قطاع غزة 

97% من نوعية المياه التي يتم ضخها من الحوض الساحلي لا تتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية

بلغت كمية المياه المستخرجة من الحوض الساحلي في قطاع غزة 192.5 مليون م3  خلال العام 2021، وتعتبر هذه الكمية ضخاً جائراً بسبب الحاجة للمياه وعدم توفر مصدر مياه آخر، حيث يتجاوز الضخ القدرة التخزينية للحوض الساحلي من المياه المتجددة والتي تقدر بـ  50-60 مليون متر مكعب في السنة، الأمر الذي أدى إلى نضوب مخزون المياه ونزول مستوى المياه الجوفية إلى ما دون مستوى 19 متراً تحت مستوى سطح البحر، مما أدى إلى تداخل مياه البحر، وترشيح مياه الصرف الصحي إلى الخزان، الأمر الذي جعل أكثر من 97% من مياه الحوض الساحلي غير متوافقة مع معايير منظمة الصحة العالمية.  

هذا ويعيش سكان غزة حالياً على أقل من 3 لترات من المياه يومياً (5) وهو معدل، وفقاً للأمم المتحدة، أقل بكثير من الحد الأدنى المطلق المقدر بـ 50 لترا.

كيف تسيطر “إسرائيل” على مياه الضفة الغربية وقطاع غزة  

سعى الكيان الصهيوني منذ احتلاله للأراضي الفلسطينية عام 1967 إلى حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه في المياه، وعمدت سلطات الاحتلال إلى إصدار العديد من الأوامر العسكرية التي تجعل المياه الفلسطينية تحت تصرف العدو الصهيوني بالمطلق وأشهر هذه الأوامر:

1 – أمر بتاريخ 7\6\1967 ينص على أن “كافة المياه الموجودة في الأرض التي تم احتلالها هي ملك لدولة إسرائيل”.

2 – أمر رقم 92 عام 1967 وينص على “منح كامل الصلاحية بالسيطرة على كافة المسائل المتعلقة بالمياه لضابط المياه المعين من قبل الحاكم الاسرائيلي”.

3 – الأمر رقم 58 بتاريخ 19\8\1967 وينص على أنه “يمنع منعاً باتاً إنشاء أي منشأة مائية جديدة بدون ترخيص ضابط المياه، وله حق رفض أي ترخيص دون اعطاء اي سبب”.

4 – الأمر رقم 158 بتاريخ 1\10\1967 والذي يقضي بوضع “جميع الآبار والينابيع ومشاريع المياه تحت السلطة المباشرة للحاكم العسكري الإسرائيلي”.

5 – الأمر رقم 291 لعام 1967 وينص على أن “جميع مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية أصبحت ملكاً للدولة وفقاً للقانون الإسرائيلي الصادر في سنة 1959”.

 إنَّ سلطات الاحتلال أخذت هذه الأوامر رغم إدراكها أن موقفها في مسألة المياه غير قانوني وفق الإطار الدولي، وأنه لا تندرج إدارة مصادر المياه ضمن صلاحياتها كقوة احتلال، وذلك ما ينص عليه قانون “الاحتلال المحارب” الموجود في لوائح لاهاي لسنة 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949.

تطبيقاً لهذه الأوامر قام العدو الصهيوني بمجموعة من الإجراءات والممارسات ووضع يده على الموارد المائية في الضفة والقطاع ولحرمان الشعب الفلسطيني منها:

1 – حرم العدو الصهيوني الفلسطينيين من حقهم الطبيعي في مياه نهر الأردن ونهر اليرموك في الضفة الغربية، علماً بأن حصة الفلسطينيين من هذه الأنهر الدولية تبلغ 320 مليون متر مكعب سنوياً، بالإضافة إلى الضخ الجائر من نهر الأردن لصالح المستوطنات ومنع السيول في موسم الشتاء من الوصول إلى مجرى نهر الأردن وبالتالي إلى البحر الميت وحجزها في برك ضخمة بمحاذاة النهر. 

2 – قامت سلطات الاحتلال بتدمير 162 بئر مياه زراعي على طول الأغوار شرقي ما يعرف بخط الـ 90 وبالتالي حُرم الفلسطينيون من مصدر عيشهم الوحيد (الزراعة) ومُنعوا من تحديث وتطوير بقية الآبار.

3 – وضع الاحتلال سقفاً لكمية المياه (تجهيز الآبار بالعدادات) التي تسمح لأصحاب الآبار في الضفة والقطاع بضخها بحيث لا تزيد على 100 متر مكعب في الساعة.

4 – منع الاحتلال المزارعين الفلسطينيين من حفر آبار جديدة.

5 – أقام العدو الصهيوني العديد من المستوطنات فوق الأحواض الجوفية الغنية بالمياه، ففي الضفة الغربية مثلاً تم بناء 70% من المستوطنات على حوض الخزان الشرقي، وأخذت في استهلاك مياه هذه الأحواض بمعدلات خيالية مدمرة بذلك الكثير من الأراضي الفلسطينية.

6 – حفرت سلطات الاحتلال حوالي 500 بئر عميق بمحاذاة الخط الأخضر على الحدود مع الضفة الغربية تستخرج من خلالها ما بين 367 – 545 مليون متر مكعب سنوياً من مياه الحوض الغربي في الضفة، وتستنزف مياه هذا الحوض من خلال الضخ الجائر لمياهه، في حين يبلغ حجم التغذية السنوية لهذا الحوض حوالي 362 مليون متر مكعب. ومن غير المسموح للفلسطينيين استغلال أكثر من 5% من مجموع الإنتاج الكلي لهذا الحوض أي ما يعادل حوالي 21 مليون متر مكعب سنوياً فقط. 

7 – يستهلك العدو الصهيوني المياه الفلسطينية في الضفة والقطاع بإفراط كبير دون مراعاة للتوازن المائي بين التغذية السنوية والاستهلاك. يسرق الكيان الصهيوني ما يزيد عن 85% من المياه في الخزان الجوفي في الضفة الغربية ما يفوق عن 483 مليون متر مكعب سنوياً. اضافة إلى 10-12 مليون متر مكعب سنوياً من مياه قطاع غزة.

هذه الكميات تغطي ما يفوق 25% من احتياجات العدو الصهيوني المائية.

الجدار العازل

يعتبر الجدار العازل عملية تقوم بها سلطات الاحتلال لإحكام سيطرتها على الموارد المائية الفلسطينية ومنع الفلسطينيين من استخدامها أو حتى الاقتراب منها. يأتي مسار الجدار ليتطابق والتكوينات الصخرية المكونة للأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية، بحيث يقوم بعزل مناطق الاستخراج الأمثل ذات الجدوى المائية في تخزين المياه. في المراحل الأولى للجدار حُرم الفلسطينيون من حوالي 25% من معدل الاستخراج السنوي لديهم من الحوض الغربي الذي كما ذكر سابقاً يبلغ 21 مليون متر مكعب سنوياً، كما عزل حوالي 26 بئرا بطاقة انتاجية حوالي 5 ملايين متر مكعب سنوياً. وأدت أعمال الحفر والجرف لإقامة الجدار بتعطيل 23000 متر من شبكات الري. كما تتأثر 48 بئرا من الآبار الفلسطينية الواقعة بمحاذاة الجدار بالفعاليات العسكرية والأمنية.

أما الجدار العازل في الأغوار الفلسطينية سيؤدي، كما يحدث حالياً أو في حالة إقامة الجدار الشرقي، إلى عزل الحوض المائي الشرقي بالكامل وحرمان الفلسطينيين من الانتفاع بمياهه.

وقد أفاد تقرير البنك الدولي بتاريخ 27 أيار/ مايو 2009 أن في بعض مناطق الضفة الغربية يعيش الفلسطينيون على أقل من 10-15 لترا لكل فرد يومياً. وهي كمية بحدود أو دون المستويات التي تنصح بها منظمة الصحة العالمية لتحاشي الأوبئة. أما في قطاع غزة فإن الحالة أكثر سوءا ًفقط 5%-10% من المياه المتاحة نقية بشكل ملائم للشرب. كما ذكر التقرير بأن اللجنة المشتركة للمياه التي أنشئت عام 1995 بين “إسرائيل” والفلسطينيين كمعيار مؤقت في ظل “اتفاقية أوسلو للسلام”، قد فشلت في تحقيق نتائج ملائمة وتتطلب الإصلاح، وأن الآمال على هذه الاتفاقية باحتمال توفير موارد مائية للسلطة الفلسطينية عبرت في واقعها فقط عن التحيز.

جدول رقم (1) 

عدد سكان الضفة الغربية عام 20072350583 نسمةكمية المياه المستهلكة يومياً 155 مليون ل.المعدل اليومي للفرد 66 ل.
عدد سكان المستوطنات في الضفة الغربية475760 نسمةكمية المياه المستهلكة يوميا 143 مليون ل.المعدل اليومي للفرد 300 ل. 

يظهر الجدول التفاوت الفاضح في استهلاك المياه في الضفة الغربية بين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة (5)

لا بد هنا من التوقف عند نتائج ما يسمَّى “معاهدة السلام المائية بين إسرائيل والأردن” الموقعة بتاريخ 26/10/1994 التي تؤكد بحسب ادعائها حق الطرفين في تخصيصات مائية عادلة لكل منهما وذلك من مياه نهري الأردن واليرموك ومن المياه الجوفية لوادي عربة.

من الملاحظ أن جميع بنود هذه الاتفاقية تناست أو تجاهلت الحق الأردني في مياه بحيرة طبريا، كما تجاهلت حق الأردن من مياه نهر الأردن العلوي التي حولها العدو الصهيوني إلى صحراء النقب. واعتبر العدو أن التغيرات التي أجراها على روافد النهر الرئيسية من الأمور الطبيعية التي لا يجوز التفاوض عليها مع عدم اكتراثه بالآثار البيئية المدمرة التي أحدثها في وادي الأردن والبحر الميت. لقد جاءت الاتفاقية لتثبت سرقة العدو الصهيوني لمياه نهر اليرموك (نهر سوري – أردني). فماذا سيبقى للأردن من نهر اليرموك؟ في نظرة إلى قناة الغور الشرقية التي تتغذى من نهر اليرموك نجدها شبه جافة وهي التي تعتبر من عماد الزراعة وشريان الحياة في وادي الأردن وتوفر جزءاً من مياه العاصمة عمَّان. هذا الواقع كفيل بالإجابة على هذا السؤال. يحصل الأردن من كل هذا الحوض المائي الضخم فقط على ما يقارب الـ 50 مليون متر مكعب سنوياً يبيعها العدو الصهيوني له من بحيرة طبريا، والأردن يدفع ملايين الدولارات تكلفة الضخ والتشغيل والصيانة وهكذا فقد ضمن العدو الصهيوني تحكمه بأهم مصادر الأردن المائية. فماذا جلبت للأردن “اتفاقية السلام” …  السلام؟ …!!  

العدو الصهيوني يعلنها بوقاحة المحتل أيها الفلسطيني إذا لم تمت اغتيالاً أو في السجون أو جوعاً فحتماً ستموت عطشاً.

المراجع:

  1. – حسب “بيان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه بمناسبة يوم المياه العالمي، في 22-3-2024.”
  2. United Nations, Israel must stop using water as a weapon of war 17 November 2023   
  3. – الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 2022، جداول البيانات المائية 2021، رام الله – فلسطين.
  4.  Https://water.fanack.com/AR/palestine
  5.  – مع تصاعد أزمة المياه خريطة تحدد المصادر الثلاثة لمياه غزة https://arabic.cnn.com 

Author

  • د. نضال الشرتوني

    دكتور مهندس طاقة، أستاذ جامعي من لبنان لديه العديد من الدراسات والأبحاث في اختصاصه وفي المجال الاقتصادي العام.

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

لا مجد في الحرب

تُستقى حكمة المعركة الحقيقية من فنادق الخمس نجوم حيث تُعقَد صفقات السلاح، ومن الغرف المغلقة حيث تتفاوض النخب عبر الحدود لتسوية الأمور لمصلحتها.

عربدة العدو الصهيوني في المياه العربية

في هذا الوضع الخطير الذي يهدد الأمن المائي والقومي العربي لا بد من طرح استراتيجية مائية عربية واضحة تضع كافة الشعوب العربية والقوى الوطنية والتقدمية والقوى الحيَّة في العالم أمام مسؤولياتها للدفاع عن الموارد المائية العربية وتقف صفاً واحداً بوجه هذه العربدة الصهيونية.

“الترامبية” إنذار لنظام يحتضر

نعيش حاليًا ما يمكن تسميته بـ “الحقبة الترامبية“، نسبة إلى دونالد ترامب، الرئيس الأميركي الذي عاد منتصرًا إلى البيت الأبيض، ليعيد ممارسة هوايته الأثيرة: التهديد