حماية المرأة من العنف في اليوم العالمي للمرأة

في اليوم العالمي للمرأة نقدم التحية لنساء العالم لمسيرة كفاحهن، من أجل الحرية والمساواة، ومن أجل عالم خالٍ من العنف والتمييز والحروب والصراعات، عالم يسوده العدل والرخاء والسلام.

في اليوم العالمي للمرأة نقدم التحية للمرأة العربية القوية الصامدة في مواجهة الحروب والصراعات، من أجل الدفاع عن أسرتها، وأرضها، ووطنها، في فلسطين ولبنان والسودان وسوريا، ولكل الفتيات والنساء العربيات ونساء العالم، اللاتي انتفضن وخرجن بالملايين إلى الشوارع، يطالبن بوقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني فورا، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومحاكمة مجرمي الحرب من الحكومة الصهيونية المتشددة، الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من إبادة جماعية وتهجير قسري وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني. 

يحتفل العالم بالمرأة في الثامن من مارس كل عام، للتأكيد على التقدير والاحترام للدور الذي تقوم به النساء، في سبيل تقدم وبناء ونهضة وتطور العالم في جميع المجالات سياسياً واقتصادياً واجتماعياَ، بعدما خرجت المرأة للعمل ووصلت لمناصب صنع القرار.

ويرجع اختيار يوم الثامن من مارس لاحتجاج النساء في مصانع الملابس في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، يوم 8 مارس 1856، على ظروف العمل القاسية، وتدخلت الشرطة بطريقة وحشية لفض إضراب النساء. 

وعادت النساء في 8 مارس 1908 إلى الاحتجاج بمظاهرة كبيرة في شوارع نيويورك حاملين “الخبز والورود”، مطالبين بتخفيض ساعات العمل ومنح النساء الحق في التصويت ومنع تشغيل الأطفال، وصارت الاحتجاجات في هذا اليوم من كل عام تحمل مطالب المرأة في كل الدول ففي 8 مارس 1911 احتفلت النساء بيوم المرأة في عدد كبير من دول أوروبا وكانت المطالب حق النساء في التصويت وتقلد المناصب العامة، وفي 8 مارس عام 1917، خرجت عاملات النسيج في مظاهرة كبيرة في سانت بطرسبرج للمطالبة بـ “الخبز والسلام” في إشارة إلى إنهاء الحرب العالمية الأولى.

وفي النصف الثاني من القرن الماضي، انضمت العديد من المنظمات الحقوقية والمنظمات العمالية إلى الجماعات النسائية في الدعوة إلى المساواة في الأجور، وتكافؤ الفرص الاقتصادية، والحقوق القانونية، وحقوق الإنجاب ورعاية الأطفال، ومنع العنف ضد المرأة.

وبدأت الأمم المتحدة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة عام 1975، ودعت الدول الأعضاء في عام 1977 إلى إعلان الثامن من مارس عطلة رسمية، من أجل حقوق المرأة والسلام العالمي. ومنذ ذلك الحين يتم الاحتفال سنويا، ولقد اعتمدت العديد من الدول هذا اليوم إجازة رسمية، ومنها روسيا والصين وكوبا وفيتنام وأنجولا وجورجيا وطاجيكستان وأرمينيا وأوغندا وبيلاروسيا.

وفى كل عام يرّكِز الاحتفال على قضية محددة أو موضوعات محددة، من أجل العمل على مواجهته، ووضع الحلول لها نذكر منها:

في عام 2001 المرأة والسلام   المرأة في إدارة الصراعات.

في عام 2003 المساواة بين الجنسين والأهداف الإنمائية للألفية.

في عام 2006 المرأة في عملية صنع القرار.

في عام 2010 المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص.

في عام 2012 تمكين المرأة الريفية والقضاء على الفقر والجوع.

في عام 2015 تمكين المرأة تمكين الإنسانية.

في عام 2016 الإعداد للمساواة بين الجنسين لتناصف الكوكب.

في عام 2021 المرأة في القيادة تحقيق مستقبل متساوٍ. 

في عام 2022 المساواة بين الجنسين اليوم من أجل غدٍ مستدام.

وجاء احتفال 2023 تحت شعار “كسر التحيز”، وذلك بناءً على طلب النساء العاملات وغير العاملات بأن يصبح الحكم بين الرجال والنساء عادلا، وأن يمتنع العالم عن التمييز بين الرجل والمرأة، فهذا التحيز أدى إلى خلق فجوة كبيرة من الخلافات والنزاعات بين مجتمع الذكور ومجتمع الإناث، مما ينعكس سلباً على تطور الحياة العلمية والتكنولوجية، ويؤدى إلى تدهور التفاهم بين الجنسين، لذا لابد من شعار يوحد بين آراء الجنسين تحت راية واحدة.

ويجيء الاحتفال هذا العام 2025، مع ازدياد التوتر العالمي والصراعات والنزاعات والحروب والتي يكون من نتيجتها نزوح ولجوء النساء والأطفال إلى المخيمات مع مزيد من المعاناة من قلة الغذاء والدواء، وأيضا مع زيادة تداعيات التغيرات المناخية، على المرأة، اقتصاديا وبيئيا، بجانب زيادة الفقر وقلة فرص العمل وارتفاع أسعار الاحتياجات الضرورية، مما يؤثر على العلاقات الأسرية ويزيد العنف الأسرى ضد المرأة، ويؤدى إلى مزيد من الهجرة غير الشرعية والتي ينتج عنها غرق عائلات بكاملها، الرجل والمرأة والأطفال في أعماق البحار.

وفي يوم السادس عشر من مارس (يوم المرأة المصرية)، نقدم التحية للمرأة المصرية ولمسيرة كفاحها والتي بدأت بخروج المرأة للمشاركة في ثورة 1919 للمطالبة بالاستقلال وخروج المحتل البريطاني، وخرجت أكثر من 300 سيدة وفتاة يومي (14 و16 مارس) بقيادة هدى شعراوي وزميلاتها رافعات علم مصر مع الهلال والصليب، وواجهن جنود الاحتلال البريطاني، وسقطت عدد من الشهيدات المصريات برصاص جنود الاحتلال ليُسطِّر التاريخ بحروف من نور اسمائهن (حميدة خليل، ويمنى صبيح، وسعيدة حسن، وفهيمة رياض، وشفيقة العشماوي، وعائشة عمر، وحميدة سليمان).

مشاركة المرأة المصرية في ثورة 1919

واستمرت مسيرة نساء مصر من أجل الاستقلال والدستور للمطالبة بحق النساء في الترشح والانتخاب وبرزت أسماء رائدات ساهمن في إنشاء أول اتحاد نسائي مصري في مارس 1924 ومنهن سيزا النبراوي، ومنيرة ثابت، ودرية شفيق التي كان لها دور كبير من أجل حق النساء في الترشح والانتخاب عند وضع دستور 1954، ونالت المرأة هذا الحق في دستور 1956، ونجحت أول سيدتين في الدخول للبرلمان عام 1957 راوية عطية وأمينة شكري، كما شاركت المرأة المصرية في المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956 (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)، واستمرت مسيرة كفاح المرأة المصرية من أجل المساواة ومواجهة كافة أشكال العنف ضد المرأة.

مظاهرة النساء في عام 1951

الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز 

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن البشر يولدون جميعا أحراراً، ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات العامة، المقررة فيه دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي.

والمقصود بجريمة التمييز “كل من قام بعمل أو الامتناع عن عمل يكون من شأنه، إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس، بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو العقيدة، أو الانتماء السياسي، وترتب على هذا، إهدار لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، ولا تسقط الدعوى الجنائية في جرائم التمييز، ولا الدعاوى المدنية الناشئة عنها بالتقادم”.

وإذا نظرنا في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري نجد في المادة الخامسة فقرة (هاء) تنص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:  

  1. الحق في العمل، وفى حرية اختيار نوع العمل، وفى شروط عمل عادلة مُرضية، وفى الحماية من البطالة، وفي تقاضي أجر متساوٍ عن العمل المتساوي، وفي نيل مكافأة عادلة مُرضية.
  2. حق تكوين النقابات والانتماء إليها.
  3. الحق في السكن.
  4. حق التمتع بخدمات الصحة العامة والرعاية الطبية والضمان الاجتماعي، والخدمات الاجتماعية.
  5. الحق في التعليم والتدريب.
  6. حق الإسهام على قدم المساواة في النشاطات العامة والثقافية.

التمييز على أساس النوع “التحيز الجنسي”

نصت القوانين الدولية لحقوق الإنسان على المساواة بين الجنسين، وأكدت على الإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدرته، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية.

وفى اتفاقية “القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة” التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979 والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 1981، تنص المادة الأولى على تعريف التمييز “أي تفرقة أو استبعاد أو تقييم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه تهوين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان، والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، أو في أي ميدان آخر، أو تهوين أو إحباط  تمتع المرأة بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية، وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.”.

وينبغي أن نشير إلى أن التمييز الواقع على المرأة هو موضوع اجتماعي قائم على أساس نظرة المجتمع ككل والرجل تحديداً إلى المرأة ودورها في الحياة، وهي في غالبيتها نظرة رجعية متخلفة ذكورية تقلل من شأن المرأة ووظيفتها الإنسانية والمجتمعية، وقد نتج عن هذه النظرة سلوكيات اجتماعية ترسخت مع الأجيال المتعاقبة، ومن هذه السلوكيات إهانة المرأة وتعنيفها وضربها، ومنعها من حقوقها الإنسانية والأسرية والاجتماعية، كحقها في المعاملة المتساوية مع الرجال، وحقها في التعليم والصحة، وحقها في الرأي والعمل، وفى اختيار شريك حياتها، وسائر الحقوق الممنوحة لها كإنسان.

العنف ضد المرأة

عرَّف القانون العنف ضد المرأة بأنه “كل اعتداء مادي أو معنوي أو جنسي أو اقتصادي ضد المرأة أساسه التمييز بسبب النوع، والذي يتسبب في إيذاء أو ألم جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة، ويشمل أيضا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان من الحقوق والحريات سواء في الحياة العامة أو الخاصة”.

إن زيادة الفجوة بين قلة من كبار الأغنياء وغالبية من الفقراء، وازدياد الفجوة بين المرأة والرجل اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، تؤدى إلى مفاقمة ظاهرة العنف ضد المرأة في كل دول العالم.

ومازالت المرأة تعاني من كافة أشكال العنف الأسري والمجتمعي والاقتصادي، وأود أن أركز على ظاهرتين من ظواهر العنف في المجتمع المصري وهما ظاهرة الزواج المبكر، والعنف في أماكن العمل.

الزواج المبكر: 

إن قضية الزواج المبكر أو زواج الأطفال أو زواج القاصرات (الزواج قبل سن 18 سنة وهو سن الطفولة)، قضية تمس كافة بلدان العالم وخاصة البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط وفى القلب منها بلداننا العربية.

أولاً: مخاطر الزواج المبكر

في إحصائية للأمم المتحدة عام 2020 خاصة بالزواج المبكر والمعروف بزواج القاصرات، (الزواج الذى لم يصل فيه الزوج أو الزوجة لسن النضج قبل 18 سنة وهو سن الطفولة) ،تم زواج 15 مليون فتاة على مستوى العالم قبل بلوغها سن الرشد عام 2020، مما يتسبب في العديد من السلبيات ومنها الحرمان من حق التعليم، والحرمان من عيش مرحلة الطفولة، وتتعرض الفتيات لتحمّل مسئوليات غير قادرة على تحملها، كما تتعرض لمضاعفات الحمل والولادة، لأن أجسادهن لم تنم بشكل تام مما يعرضهن لناسور الولادة وسرطان عنق الرحم، وغيرها من المخاطر الصحية والنفسية والجسدية، ذلك بالإضافة إلى أن الزواج المبكر يتسبب في استنزاف قدرات وإمكانيات الفتاة في تحمل المسؤوليات التي تترتب على الزواج ويحرمها من تحقيق أهدافها وأحلامها في حياتها من خلال ترك التعليم.

وإذا انتقلنا للإحصائيات داخل مصر نجد أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن وفقاً للتعداد السكاني في 2017 أن التعداد لمن هم أقل من 15 عاما يبلغ عددهم 32 مليون و400 ألف، عدد الإناث منهم 15 مليون و700 ألف فتاة، وعدد الذكور 16 مليون و700 ألف فتى، وأنه هناك 118 ألف حالة زواج للقاصرات سنوياً، بنسبة 40% من إجمالي حالات الزواج في مصر، منهم 1200 مطلقة، و1000 فتاة أرمل، كما أعلن الجهاز أن معظم الزيجات التي تتم لمن هم أقل من 15 عاماً غير موثقة.

 وأشار الجهاز إلى أن الزواج أقل من 18 سنة انتهاك لحقوق المرأة المصرية وعائق أمام تعليم الفتيات وانخراطها في العمل وتحديا لا يستهان به في زيادة المواليد، وزيادة نسب الطلاق، ومعدلات زيادة أطفال الشوارع.

ويجدر الإشارة إلى أن رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن في مؤتمر صحفي بمناسبة اليوم العالمي للطفل في 20 نوفمبر 2021 أن تعداد من هم أقل من 18 سنة بلغ 41 مليون طفل وطفلة منهم 21 مليون من الإناث، و20 مليون من الذكور.

وفي إحصائية حديثة صدرت عن خطة التنمية في مصر عام (2022 – 2023) تبلغ نسبة النساء في سن (15 – 19 سنة) واللاتي عندهن أولاد 43% من النساء.

أسباب الزواج المبكر

  1. التفسيرات الدينية المغلوطة التي تحث على زواج القاصرات. 
  2. الفقر الذي يدفع الأسرة لتزويج الفتيات في سن مبكرة لعدم القدرة على الإنفاق عليهن، وللتخلص من مسئولياتهن.
  3. العادات والتقاليد التي تترسخ لدى الأسر المصرية بأن أفضل مكان للمرأة هو البيت، مع غياب القوانين الرادعة، وغياب الرقابة، وعدم تفعيل وتنفيذ القوانين.
  4. الصراعات والحروب التي أدت لزيادة اللاجئين وكان من نتيجتها زيادة نسب الزواج المبكر والحرمان من التعليم.
  5. جائحة كورونا والتي تسببت تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية إلى فقدان فرص العمل، وزيادة البطالة، وبالتالي زيادة أعداد الفقراء ممَّا تسبب في زيادة نسبة الزواج المبكر.
  6. عدم قيام وسائل الإعلام بدورها الهام في مواجهة ظاهرة الزواج المبكر، من حيث التوعية بمخاطرها بشكل مستمر، وأيضاً عدم قيام الدراما التليفزيونية والسينما بدورهما الهام في التوعية بمخاطر الزواج المبكر.

ومن أجل القضاء على ظاهرة الزواج المبكر نطالب بـ: 

  1. التأكيد على تعليم الفتيات والسيدات ومحو أميتهن مع التمكين الاقتصادي من خلال دعمهن بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
  2. استخدام وسائل الفنون المختلفة من مسرح وسينما ومسلسلات وأغاني وإعلانات للتوعية بمخاطر الزواج المبكر.
  3. تضمين مناهج التعليم التربوية مواداً علمية عن المخاطر الصحية والنفسية والاجتماعية الناتجة عن الزواج المبكر.
  4. زيادة مساحة البرامج التثقيفية والتوعوية بالإعلام المرئي والمسموع والمقروء، التي تتناول العادات والمفاهيم المغلوطة ومخاطر زواج القاصرات.
  5. مشاركة مؤسسات الدولة والوزارات والهيئات المعنية (وزارات الصحة، والتربية والتعليم، والشباب والرياضة، والعدل، والأوقاف، والتضامن الاجتماعي، والهيئة العامة لقصور الثقافة، ومراكز الشباب والنوادي والهيئات الوطنية للإعلام)، مع جميع منظمات المجتمع المدني من أحزاب، وجمعيات أهلية، ومؤسسات ومنظمات حقوقية تدافع عن قضايا المرأة، وذلك لوضع خطة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تستنزف الموارد البشرية الشابة والمستقبلية التي ستساهم في نمو وبناء وتقدم البلاد، وتتضمن هذه الخطة الفترة الزمنية، والآليات، والإمكانات المادية والبشرية.
  6. تعديل بعض القوانين ووضع تشريعات لتغليظ العقوبات لتكون رادعة.

إن ثلث سكان مصر (34%) أقل من 15 سنة وهذا يعنى أننا بلد شاب يحتاج مزيد من الرعاية لجيل المستقبل، والاهتمام بتحقيق حقوق أطفاله في التعليم، والصحة، والسكن الصحي، والثقافة، والاهتمام بتنمية قدراتهم ومواهبهم، والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة.

إن الاهتمام بتنمية مواردنا البشرية هو مفتاح التقدم والتطور وتحقيق استقرار الأسرة والمجتمع.

العنف في أماكن العمل والاتفاقية (190)

في الحادي والعشرين من يونيو عام 2019، أصدرت منظمة العمل الدولية الاتفاقية (190)، بشأن القضاء على العنف في عالم العمل، وجاء في مقدمة الاتفاقية “إن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، إذ يؤكد على أهمية الاتفاقيات الخاصة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وإذ يقر بأن ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل، يمكن أن تُشكِّل انتهاكاً أو إساءة لحقوق الإنسان، وبأن ظاهرة العنف والتحرش هي تهديد لتكافؤ الفرص وظاهرة غير مقبولة وتتنافى مع العمل اللائق، وإذ يقر بأن ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل، تؤثر على صحة الشخص النفسية والبدنية والجنسية وعلى كرامته، وقد تحول دون وصول الأشخاص ولاسيما النساء إلى سوق العمل والبقاء فيها، وتؤثر سلباً على تنظيم العمل وعلاقات مكان العمل والتزام العمال، وسمعة المنشآت والإنتاجية، وإذ يشير إلى أن العنف المنزلي يمكن أن يؤثر على العمالة والإنتاجية والصحة والسلامة، وإذ قرر اعتماد بعض المقترحات بشأن ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل، وإذ قرر أن تتخذ هذه المقترحات شكل اتفاقية دولية، يعتمد في يوم 21 يونيو عام 2019 الاتفاقية رقم 190 للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل”.

وجاء في بنود الاتفاقية أنها تحمى العمال والأشخاص المستخدمين، بغض النظر عن وضعهم التعاقدي، والأشخاص الضالعين في التدريب والتلمذة الصناعية، كما تنطبق هذه الاتفاقية على جميع القطاعات الخاصة منها والعامة على السواء، في الاقتصاد المنظم وغير المنظم، وسواء في المناطق الحضرية والريفية.

لقد اختارت الاتفاقية لفظ “عالم العمل” وليس “أماكن العمل” ليتسع مفهوم العنف والتحرش ليشمل ليس مكان العمل فقط، ولكن كما أشارت الاتفاقية في المادة (3) على أنها تنطبق على ظاهرة العنف التي تحدث في سياق العمل أو تكون مرتبطة به أو ناشئة عنه:

  • في مكان العمل بما في ذلك الأماكن الخاصة والعامة حيثما تشكل مكان عمل.
  • في الأماكن التي يتلقى فيها العامل أجرا أو يأخذ استراحة، أو يتناول وجبة الطعام، أو يستخدم المرافق الصحية ومرافق الاغتسال وتغيير الملابس.
  • خلال الرحلات أو السفر أو التدريب أو الأحداث أو الأنشطة الاجتماعية ذات الصلة بالعمل
  • الاتصالات المرتبطة بالعمل، بما فيها تلك التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
  • في أماكن الإقامة التي يوفرها صاحب العمل.
  • عند التوجه للعمل والعودة منه.

وينبغي الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية ليست لحماية المرأة ولكنها لحماية الجنسين الرجال والنساء.

إن السيدة التي تتعرض للتحرش في العمل تخضع لعدة ضغوط منها الخوف من التنكيل بها في العمل، والخوف من الفضيحة والاعتبارات الاجتماعية، سواء متزوجة أو غير متزوجة، وتحميل المرأة الذنب دائماً مع صعوبة إثبات الواقعة، ولقد كشفت الإحصائيات عن أن 68% من السيدات العاملات في المصالح الحكومية، تعرضن للتحرش، سواء بالقول أو الفعل من جانب زملاء أو رؤساء العمل. ومن المعروف أن المرأة التي لا تستجيب للتحرش يتم اضطهادها والتهديد بالفصل أو إجبارها على الاستقالة. وكل هذا بالتأكيد يتنافى مع حق الإنسان في ظروف عمل آمنة.

ما زالت المرأة في كل دول العالم تعاني من العنف في أماكن العمل، والتمييز في الأجر والتعيين والترقي، لذا نطالب ب:

  • توقيع الحكومات على الاتفاقية رقم (189) لسنة 2018 الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن (حماية العاملات في المنازل).
  • توقيع الحكومات على الاتفاقية رقم (190) لسنة 2019 الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن (مناهضة العنف في أماكن العمل).
  • العمل على إدماج المرأة اقتصادياً في المجتمع، مع ضمان حمايتها اجتماعياً.
  • تنفيذ وتفعيل القوانين الخاصة بتجريم عمالة الأطفال والاتجار بالبشر.

إننا نحلم بعالم إنساني خالٍ من العنف والتمييز والقهر، عالم يسوده السلام والعدل والحرية والمساواة، عالم يسوده الاستقرار والتعاون من أجل خير الشعوب ورخائها.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

يوم المرأة العالمي بين الاحتفاء بالإنجازات ومواجهة التحديات

هذه التحديات تتطلب النضال المشترك من أجل إقامة نظام اجتماعي عادل تكون فيه المرأة حرة، آمنة، ومتساوية في الحقوق والفرص ويجعل قضية تحرر المرأة جزءاً لا يتجزأ من النضال لأجل التحرر الوطني والاجتماعي.

حقوق المرأة البحرينية

ما زالت الجهود متواصلة من قبل المنظمات النسائية لإلغاء القوانين التمييزية واتخاذ تدابير تشريعية مؤقتة من شأنها توسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية وفي صنع القرار وتقرير مشاركتها في جميع المجالات.