السودان.. حصاد العام 2024
عبثية الحرب تتجلى في أنها تدور داخل سكن المواطنين الأبرياء في أسواقهم ومدارسهم وبيوتهم وكل أماكن تجمعاتهم.
لا شك أن الظروف الصعبة غير الإنسانية للحروب والصراعات المتمثلة في القتل والدمار والتهجير، وانهيار المنظومات الصحية والتعليمية، وتدمير البنى التحتية للمدن وتشريد سكانها، ناهيك عن التنكيل وانعدام الأمن والاستقرار وشح الحاجات الأساسية لها أثر كبير على الجميع، لكن لطالما كانت الجماعات والأفراد من الطبقات الاقتصادية والاجتماعية المتدنية والفئات الاجتماعية المهمشة هي التي تدفع الأثمان أضعافاً مضاعفة بسبب وجودها في أسفل الهرم الطبقي إذ أنها، في أفضل الأحوال، تفتقر لأبسط مقومات الحياة وتعيش في حالة حرب وصراع دائم مع الرأسمالية الجائرة. وكون النساء من الفئات التي تعاني من التهميش في أغلب المجتمعات البشرية وتعامل في الكثير من الأحيان كجنس بشري أدنى مكانة من الرجل فإن صراعها في مثل هذه الظروف يكون متعدد الأوجه وعلى مختلف الأصعدة، الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية. كذلك هو حال النساء في فلسطين الواقعة تحت الاحتلال الذي يسيطر أمنياً على حياة الفلسطينيين والفلسطينيات اليومية بواسطة وسائل المراقبة والتتبع والتدقيق في النقاط الأمنية، ناهيك عن أولئك المحاصرين في قطاع غزة. لا يكتفي الاحتلال في مراقبة وتقييد حرية الفلسطينيين والفلسطينيات بل ويمارس الإرهاب، بشكل مستمر وممنهج، من خلال حملات الاعتقال العشوائية والواسعة النطاق التي تسفر عن اعتقال آلاف الفلسطينيين والفلسطينيات في مدة قصيرة، بالإضافة لانتهاك حقوقهم وكرامتهم داخل سجون الاحتلال حيث يبقى العديد منهم رهن الاعتقال إلى أجل غير مسمى وبدون محاكمة، أو الحكم عليهم على أساس تهم واهية والتنكيل بهم بداخل السجون وتعذيبهم.
لا شك أن كل شعبنا الفلسطيني من رجال ونساء وأطفال، بل وحتى النظام البيئي في فلسطين، يعانون من همجية الكيان المستعمر الذي انتهك كل القوانين الدولية، والأعراف الإنسانية على مدار عقود من الزمن، لكن تبقى معاناة النساء الفلسطينيات هي الجزء الأكثر تهميشاً في السردية التاريخية لهذا الصراع.
عانت النساء على مر التاريخ من قوى الاستعمار الرجعية في استخدامهن كأدوات للحرب، وأجسادهن ساحات للمعركة، وذلك كأحدى الوسائل لبسط هيمنتها على الشعوب المستعمرة، وتعاني النساء في فلسطين بشكل عام، والسجينات بشكل خاص، من تمييز قائم على أساس جندري لكونهن نساء، يتمثل في الاعتداءات الجنسية والجسدية وخضوعهن للتفتيش وهن عاريات، وتهديد ذويهن باغتصابهن، من قبل هذا الكيان المستعمر.
إن نصف سكان غزة المحاصرة والواقعة تحت القصف الهمجي والبالغ عددهم مليوني نسمة هم من النساء، يعانون من كونهن جزءاً من شعب محتل يعاني الفقر وشح الموارد والحاجات الأساسية ويقصف ويشرد بشكل يومي، يخوضون معركتهم الخاصة ضد الطبيعة الفيسيولوجية لأجسادهن، ويضعن أنفسهن في وضع صحي خطير نتيجة الظروف غير الإنسانية التي فرضها عليهن الاحتلال، فقد شاع بين نساء غزة تناول الأدوية التي تؤخر الدورة الشهرية نتيجة لشح مستلزمات الدورة والتي قد تكون من أبسط حقوق النساء في أي مكان في العالم، هناك ما يقارب 50000 ألف امرأة حامل في غزة تعيش في ظروف غير آمنة تفتقر فيها لأبسط احتياجات الحمل السليم، ناهيك عن من تعاني من حمل غير مستقر وتحتاج لعناية خاصة، تضعن نساء غزة أطفالهن في ظروف صحية غير آمنة للولادة على مستوى التعقيم وجهوزية مكان الولادة معرضة حياتها وحياة جنينها للخطر، إن سعيدة الحظ في غزة هي من تكون ولادتها طبيعية وإن كانت كل الظروف غير صحية لولادة الطفل، لأن كل ذلك هين مقابل خضوعهن لعملية قيصرية من غير تخدير، ودائماً ما يتم رمسنة عملية الولادة ووصفها بـ “المعجزة”، لكن هل يستطيع العالم المتحضر تقديم وصف لائق لما تعانيه النساء في غرف الولادة في غزة؟. العالم الذي تبنى الرواية الكاذبة الصهيونية التي تدعي بأن حماس اغتصبت واعتدت جنسياً على النساء الإسرائيليات وبرر مجازر الكيان الصهيوني في غزة متخذاً النساء وحقوقهن وحمايتهن من العنف واجهة له ووسيلة للدفاع عن ما يقترفه هذا الاحتلال الحقير بحق شعبنا في غزة، أم أن هذا العالم النتن قد أشاح بوجهه عن ما يعانينه نساء غزة في ظل الاحتلال لأننا نساء وشعوب أدنى مكانة من شعوب العالم الأبيض المتحضر؟.
“إن الاحتلال أشد أنواع العنف الذي تفرضه القوى الاستعمارية على الأمم، ولا سبيل إلى مقاومة العنف إلّا بعنف أشد منه”، وشتان الفرق ما بين مقاومة الشعوب المستعمرة وحقها في الدفاع عن أرضها وبين العنف الاستعماري والقتل الممنهج والإبادة العرقية للقوى الاستعمارية الرجعية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مساواة النساء الفلسطينيات المناضلات المقاومات بالمستعمرات الإسرائيليات تحت ذريعة العنف الجندري.
لا تصالح على حق من حُملت أشلاؤهم بأكياس.
عبثية الحرب تتجلى في أنها تدور داخل سكن المواطنين الأبرياء في أسواقهم ومدارسهم وبيوتهم وكل أماكن تجمعاتهم.
موقع سورية وتموضعها الدولي، ليس ملكاً لمن يجلس على كرسي حكمها، أياً تكن خلفيته؛ تموضع سورية ملك للشعب السوري الذي سيحدد هو في نهاية المطاف، اتجاه السفينة ومرساها.
إنها تحديات العام الجديد وعلى أبواب مرحلة جديدة تتشكل ملامحها في خضم التحوّلات التي تطرح أهمية المراجعة النقدية والحفاظ على الحقوق والثوابت الوطنية، والتعامل مع المتغيرات المحيطة بحذر وجدية وشعور عالٍ بالمسؤولية.
شهدت الكويت خلال الأشهر الأخيرة صدور العديد من المراسيم والقرارات بسحب الجنسية الكويتية وفَقْدها وإسقاطها عن آلاف المواطنين والمواطنات، وهي في الوقت الحاضر قد تجاوزت ١٨ ألفاً وقابلة للزيادة