أحزاب يسارية وقومية وناصرية مصرية تعلن البيان التأسيسي للجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية

في إطار العمل على توحيد القوى الوطنية واليسارية المصرية لمواجهة سياسات الإفقار والتبعية، تمَّ الإعلان عن البيان التأسيسي للجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية، المكونة من سبعة أحزاب يسارية وقومية وناصرية مصرية، الذي أكد أن الأزمة في مصر هي أزمة عامة وشاملة متعددة الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية، الوطنية والسياسية، والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية، ودعا البيان إلى مواجهة سياسات الإفقار والتبعية التي تفرضها وصفات صندوق النقد الدولي. وأكد البيان رفض نهج التبعية والتطبيع، داعياً إلى قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع العدو الصهيوني، وإلغاء كافة المعاهدات الموقعة في هذا السياق وفي مقدمتها كامب ديفيد، وتجريم كافة أشكال التعامل والتطبيع مع العدو الصهيوني وتقديم كافة أشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية.
وفي ما يلي نص البيان:


تعيش مصر اليوم أزمة غير مسبوقة في تاريخها المعاصر، وهي أزمة لا يمكن اختزالها في مجرد أزمة اقتصادية معيشية غير مسبوقة، بل أن الأزمات المختلفة تواصلت في مركب واحد مشكلة أزمة عامة وشاملة، تتعدد أبعادها المحلية والإقليمية والدولية، الوطنية والسياسية، والديمقراطية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وتكامل مع ذلك الدخول في اتفاقيات متعددة مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2016 وضعت البلاد على طريق وصفة وروشتة خاطئة، لم تؤدِ سوى إلى تزايد الدين العام داخلي وخارجي وانفلات الأسعار وانهيار قيمة العملة المحلية.
فخلال السنوات العشرة الماضية أسرف النظام في الاستدانة، وضاعف ديونه الداخلية والخارجية نحو أربعة أضعاف، حتى وصل إلى العجز عن الوفاء بأعباء ديونه الضخمة، فخضع للتدخلات الأجنبية وتنفيذ شروطها حتى قزَّم مصر، فلم تستطع رفع رأسها أمام عدوان إثيوبيا على مياهها، أو اعتداء الكيان الصهيوني على سيادتها وأمنها القومي، والاعتداء على الشعب الفلسطيني الشقيق. وأدى إلى الخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي وشروطه في التقشف الذي يضر بالاحتياجات الشعبية من أجور عادلة وخدمات تعليم وصحة وغيرها. كما باع وفرَّط في الأصول والمصانع والأراضي والمرافق المصرية، والاستقلال الاقتصادي للبلاد. كما قام النظام بخفض الجنيه المصري أمام الدولار إلى سُبع قيمته (من 7.1 جنيه للدولار إلى حوالي 50 جنيهاً).
إننا إذ ننطلق من إدراك حقائق الوضع الخطير الحالي، والذى مازال يتطلب إيلاء أهمية كبيرة لقضية الإصلاح السياسي، ووقف أسلوب الإدارة الفردية العشوائية الحالية للاقتصاد الوطني، وهو ما تجمع عليها كافة القوى السياسية الوطنية، فإننا نجد أنه من الضروري أيضاً تشكيل أوسع جبهة شعبية تواجه قضية الافقار الواسع الراهن للجماهير الشعبية وتعارض وصفة وروشتة صندوق النقد الدولي التي تفرض تلك التبعية، وتتبنى بوضوح رؤية واستراتيجية للعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المستقلة المعتمدة على الذات بما في ذلك معارضة مجمل نهج التبعية وكامب ديفيد بما تتضمنه من التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وبمعنى آخر نواصل العمل مع كل القوى الساعية إلى دمقرطة الحياة السياسية بإلغاء كافة القوانين المعادية للحريات، وإطلاق سراح كل سجناء الرأي، وصياغة قانون انتخابي ديمقراطي يلغي القوائم المطلقة الاقصائية، ويطلق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية بالإخطار، كما ويرفع الحظر والقيود على المواقع الإعلامية، مع الالتزام بحق الموطنين في التنظيم والتجمع والتظاهر السلمي.
ويتوافق مع ذلك اقتصادياً وقف الإدارة بالمشروعات والأوامر والفرص، والاتجاه إلى الإدارة باستراتيجيات وسياسات اقتصادية تنموية، وأولويات متفق عليها ديمقراطياً، ووقف الإسراف في الاستدانة، ومراجعة كافة المشروعات التي لا تحظى بأولوية، والتي ليس لها عائد تنموي، وإلغاء قوانين تحصين الفساد، والعودة للشفافية، وإلغاء الصناديق الخاصة، والعودة لمبدأ وحدة وشمول الموازنة، وإدارة الدولة على أسس ديمقراطية سليمة، تتضمن أوسع تشاور ديمقراطي قبل إقرار أي رؤى واستراتيجيات وسياسات أساسية ومصيرية، والتوقف عن الحكم والإدارة بشكل أحادي وفردي.
وجنباً إلى جنب تسعى الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية كما ذكرنا للعمل من أجل العدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة، ورفض نهج التبعية والتطبيع. وفى سبيل تحقيق ذلك تتفق توجهات الموقعين عليه على ما يلي:

أولاً: العدالة الاجتماعية:

  • إننا نتمسك بتطبيق ما ورد في الدستور المصري من عدالة اجتماعية تتضمن التقليل المتواصل للفوارق في الدخول والثروات.
  • استمرار الدولة في ممارسة دورها والتزاماتها تجاه حق المواطن في الفرص المكافئة في شتى المجالات وفي الحياة الكريمة وحقه في العمل والصحة والسكن والتعليم والخدمات الثقافية والخدمات العامة وسن التشريعات التي تؤمنه من أي إجراءات تعسفية أو الانتقاص من حقوقه أثناء مراحل العجز والشيخوخة.
  • ومن الضروري تحديداً الالتزام بنصوص الدستور التي تقرر ألا يقل الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي مجتمعة عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي، تزيد تدريجياً حتى تصل إلى النسب العالمية التي تبلغ ضعف ذلك، بدلاً من مجرد 2.9 في المئة الواردة حالياً في آخر موازنة للدولة.
  • ضرورة تقرير هيكل عادل للأجور يكفل للفرد حياة كريمة، وإصلاح نظام المعاشات والتأمينات، ومساواة الحد الأدنى للمعاشات بالحد الأدنى للأجور، واقرار مبدأ ربط الأجور بالأسعار، والالتزام بدعم الخبز وعدم المساس به.

ثانياً: التنمية المستقلة بالاعتماد على الذات:

  • وضع خطة عاجلة للاكتفاء الذاتي إلى أقصى حد ممكن من المحاصيل الرئيسية كالقمح والذرة والفول والعدس والزيوت.
  • الانتقال من الاقتصاد التابع، وغلبة الطابع الريعي، وسيادة نمط الاستثمار العقاري والتجاري الاحتكاري إلى اقتصاد تنموي إنتاجي صناعي زراعي متوجه إلى إشباع الاحتياجات الأساسية للشعب المصري، والتركيز على تطوير هيكل صناعي متكامل ومتطور، والسعي لامتلاك التكنولوجيا اللازمة لذلك.
  • الاهتمام بالتنمية البشرية من خلال إيلاء التعليم والصحة وكل ما من شأنه رفع كفاءة وإنتاجية ورفاهية أفراد شعبنا.
  • الوقف الفوري لسياسة الخصخصة وبيع وتبديد أصول الدولة، وفتح تحقيق شامل في كافة العمليات والإجراءات التي صاحبت خصخصة وبيع شركات ومصانع القطاع العام للوقوف على عمليات الفساد واهدار أموال الدولة.

ثالثاً: رفض مجمل نهج التطبيع والتبعية السياسية

  • قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع العدو الصهيوني، وإلغاء كافة المعاهدات الموقعة في هذا السياق، وفى مقدمتها كامب ديفيد ومعاهدة السلام وتجريم كافة أشكال التعامل والتطبيع مع العدو الصهيوني.
  • الردع الشامل والحاسم بكل الوسائل لانتهاك السيادة المصرية وتهديد الأمن القومي المصري والتي يأتي في مقدمتها ردع العدو الصهيوني والدفاع عن حق مصر في مياه النيل وتقديم كافة أشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية.
  • حول الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية
  • نحن الموقعين على هذا الإعلان للائتلاف الشعبي للعدالة الاجتماعية الذي يتبنى المبادئ الواردة في هذا البيان، من أجل العدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة، وندعو كافة القوى السياسة والاجتماعية والنقابية والشخصيات العامة المتفقة معها للانضمام له وتدعيم نشاطه وفعالياته.
  • كما ندعو المواطنين إلى تأسيس لجان شعبية في كل ربوع الوطن للتصدي للخطوات والإجراءات المشار إليها، والضغط على السلطة السياسة للتراجع عنها، مستخدمين كافة الوسائل السلمية والحقوق الديمقراطية التي انتزعها الشعب وأقرها الدستور، والاستفادة من كل أشكال العمل السياسي والإعلامي والبرلماني والقانوني السلمي الديمقراطي.

الأحزاب المؤسسة (مرتبة أبجدياً):
الحزب الاشتراكي المصري
حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
الحزب الشيوعي المصري
الحزب العربي الديمقراطي الناصري
حزب العيش والحرية
حزب الكرامة
حزب الوفاق القومي الناصري


القاهرة 10 أغسطس 2024

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

هل يقود “فلول الإخوان” السودان إلى الحرب الأهلية

برزت قبل وأثناء الحرب العديد من الميليشيات المسلحة المنسوبة للجيش المختطف من فلول “الإخوان المسلمين”. اندلعت الحرب في الخامس عشر من نيسان/ إبريل من العام 2023 بين الجيش المختطف وميليشيا الدعم السريع، بهدف قطع الطريق على ثورة ديسمبر المجيدة حتى لا تحقق أهدافها في بناء سلطة مدنية كاملة وتصفية الثورة.

ترامب ومخاطر استراتيجية تجاه القضية الفلسطينية العربية

تستند العلاقات الأميركية – “الإسرائيلية” على قاعدة ذهبية هي أن الولايات المتحدة الأميركية أهم حليف وداعم للكيان الصهيوني منذ قيامه في 1948 وأنها تصوغ وتفرض سياستها في منطقة الوطن العربي والشرق الأوسط، بل والعالم لضمان تفوق “إسرائيل” عسكرياً وانتصاراتها في حروبها المتتالية وقضمها لفلسطين.

[zeno_font_resizer]