مراسيم وقرارات سحب الجنسية في الكويت.. تفسير لنصوص قانونية محل خلاف وجدل

شهدت الكويت خلال الأشهر الأخيرة صدور العديد من المراسيم والقرارات بسحب الجنسية الكويتية وفَقْدها وإسقاطها عن آلاف المواطنين والمواطنات، وهي في الوقت الحاضر قد تجاوزت ١٨ ألفاً وقابلة للزيادة، وذلك في إطار ما يسمى “معالجة الاختلالات في ملف الهوية الوطنية”، وشملت القرارات والمراسيم الصادرة بناء على اقتراح “اللجنة العليا لتحقيق الجنسية” مجموعة من الفئات، كان أبرزها:

  • مَنْ حصلوا على الجنسية الكويتية عن طريق التزوير والإدلاء بمعلومات كاذبة.
  • مَنْ حازوا جنسيات أخرى إلى جانب الجنسية الكويتية، ذلك أن القانون الكويتي يمنع ازدواج الجنسية.
  • زوجات المواطنين الكويتيين وأراملهم ومطلقاتهم ممَنْ اكتسبوا الجنسية الكويتية بعد ١٩٨٧ وفقاً للمادة الثامنة من قانون الجنسية عبر قرارات وزارية، ولم تصدر مراسيم أميرية بمنحهن الجنسية.

وتمثل الفئة الأخيرة الغالبية الساحقة قياساً بالفئات الأخرى.

الانعكاسات الاجتماعية والنفسية لسحب الجنسية 

ومع أن قرارات ومراسيم سحب الجنسية استندت إلى عدد من المواد والأحكام الصريحة في قانون الجنسية الكويتية، خصوصاً ما اتصل منها بالتزوير والازدواجية، إلَّا أن سحب الجنسية من زوجات الكويتيين وأراملهم ومطلقاتهم استند إلى تفسير متشدد لنص قانوني محل اختلاف في الاجتهادات والآراء القانونية المنشورة بهذا الشأن.

 وكذلك هناك جدل حول قرارات سحب الجنسية الكويتية من بعض المواطنين، الذين حصلوا عليها وفقاً للقانون بناء على تقديمهم “خدمات جليلة” في فترات سابقة، بينما ترى الحكومة الحالية أنها ليست كذلك، مثلما حدث مع الفنانين داود حسين ونوال الكويتية، فقامت بسحب الجنسية منهم.

والأمر الآخر، أن قانون الجنسية في الكويت وقانون المحكمة الإدارية يستثنيان قرارات إسقاط الجنسية الكويتية وسحبها وفَقْدها من ولاية القضاء الإداري، ما يعني عدم إمكانية لجوء المتضررين من هذه القرارات إلى القضاء، وهو نقص تشريعي سلبي خطير.

ومؤخراً، أعلنت الحكومة أنها بصدد تشكيل لجنة من رجال القضاء للنظر في التظلمات من قرارات سحب الجنسية، ولكن اختصاصات هذه اللجنة وسلطاتها تبقى استشارية وتوجيهية وليست ملزمة التنفيذ… ولكن تشكيل لجنة التظلمات من رجال القضاء يمثّل في حد ذاته تأكيداً على أن هناك حاجة موضوعية قائمة لمد ولاية القضاء على قرارات الحكومة بشأن الجنسية.

وقد أحدثت القرارات والمراسيم الأسبوعية المتلاحقة منذ نهاية أغسطس/ آب ٢٠٢٤ بسحب الجنسية وإسقاطها وفَقْدها انعكاسات وتداعيات ومشكلات نفسية واجتماعية وعائلية، بل امتدت إلى الاقتصاد والحياة العامة، وخلقت حالة من القلق وعدم الشعور بالأمان الاجتماعي، في الوقت الذي برزت فيه على نحو مؤسف أصوات عنصرية أساءت إلى المسحوبة جنسياتهم.

ومن جانب آخر، صدر أخيراً مرسوم بقانون يتضمن تعديلات واسعة على قانون الجنسية الكويتي الصادر في ١٩٥٩ ألغت إمكانية اكتساب زوجة الكويتي الجنسية الكويتية وسدّت الباب أمام اكتساب أبناء المواطنة الكويتية الجنسية الكويتية، وألغت اعتماد الإقامة في الكويت منذ عام ١٩٦٥ والتسجيل في الإحصاء السكاني العام، الذي جرى حينها، كمتطلب للحصول على الجنسية الكويتية، ما يعني عدم إمكانية تجنيس عشرات آلاف المستحقين من الكويتيين البدون، الذين ينطبق عليهم ذلك الشرط، بالإضافة إلى التوسع في حالات سحب الجنسية خارج نطاق التزوير والازدواجية.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

السودان.. حصاد العام 2024 

عبثية الحرب تتجلى في أنها تدور داخل سكن المواطنين الأبرياء في أسواقهم ومدارسهم وبيوتهم وكل أماكن تجمعاتهم.

فلسطين 2024: بانوراما الوحشية الجديدة

إنها تحديات العام الجديد وعلى أبواب مرحلة جديدة تتشكل ملامحها في خضم التحوّلات التي تطرح أهمية المراجعة النقدية والحفاظ على الحقوق والثوابت الوطنية، والتعامل مع المتغيرات المحيطة بحذر وجدية وشعور عالٍ بالمسؤولية.

الأوضاع السياسية في مصر.. منذ ثورة يناير 2011 وحتى اليوم

لقد جعلت الثورة من الشعب المصري رقماً صعباً في المعادلة السياسية في مصر، وفرضت على كل الحكومات التالية أن تعمل له حساباً. لقد أدرك الشعب المصري أهمية الثورة، كما أدرك أن الثورة، أيه ثورة، لا تنتصر بالضربة القاضية وإنما عبر التراكم، وها هي ثورة يناير تراكم الخبرة والوعي، الأمر الذي يُبشر بنصر قريب.