
كارل ماركس: فيلسوف الثورة على الاستغلال
في ذكرى رحيل المفكر والفيلسوف كارل ماركس
الشهيد سهيل طويلة من المفكرين الشيوعيين الذين أغنوا بعطاءاتهم، وكتاباتهم مسيرة الحزب الشيوعي اللبناني النضالية، ونتاجه الفكري والإعلامي. المقاومة الوطنية بوصلته يحثُّ عليها ضد العدو الصهيوني، سهيل بقي صامداً في بيروت المقاوِمة الصامدة، أسهم في مقالاته اليومية في إبراز خط المقاومة الوطنية ضد العدو الصهيوني ومقاومته، وخطورة المشروع السياسي الطائفي الفاشي.
تتميز أبحاث سهيل طويلة ودراساته، السياسية والفكرية، العديدة التي نشرها في مجلة “الطريق” اللبنانية بأسلوبها السهل – العميق في تحليل قضايا فكرية دقيقة، يبحث فيها القضية التي يطرحها ويناقشها من جوانبها كافة في ضوء المنهج المادي العلمي.
39 عاماً على اغتيال الشهيد سهيل طويلة ومكانته في الحياة السياسية والفكرية والنضالية الوطنية لم تَغب. كتب سهيل طويلة في دراسته “الطائفية ونظامها مناقشة لبعض أفكار [ميشال] شيحا و[مهدي] عامل و[أحمد] بعلبكي” التي نشرها في مجلة “الطريق” العدد الثالث، تموز/ يوليو، 1985: “موقف الابتعاد عن حلبة الصراع والتفرج على ما يدور فيها، هو موقف لا علاقة له بعمل الثوري الحقيقي وبالصفاء الحقيقي للرؤية الثورية”.
في ذكرى اغتيال الشهيد سهيل طويلة تنشر «تقدُّم» نبذة عنه.
سهيل الطويلة في سطور:
1941-1986
“من مواليد حاصبيا، انتسب إلى الحزب [الشيوعي اللبناني] وهو لم يزل تلميذاً يافعاً في مدرسة دير مشموشة، فكان مناضلاً طلابياً يضع حقوق الطلاب في رأس أولويات نضاله. انتقل بعدها إلى كلية العلوم فبرز فيها مناضلاً شيوعياً تعرفه المنابر والندوات الفكرية والسياسية.
عضواً في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ومديراً للتحرير في “الطريق” [مجلة الطريق] وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني، كل هذا في آن معاً إلى جانب عمله اليومي في “الأخبار” و”النداء”، التي لم يغب عنها يوماً إلا لمهمة أخرى كلف بها. ”المقاومة الوطنية“ كانت له الموضوع الأساسي في زمن الاحتلال، والديمقراطية للوطن كانت رده على مشاريع الفاشية والطوائف في كل كتاباته.
هادئ كصفحة ماء، واثق الكلمة والفكر، صافي الذهن، حاضر البديهية، في أصعب الظروف.
نقابياً في اتحاد الصحافيين واتحاد الكتاب اللبنانيين. دافع عن حرية الكلمة في كل زمن، حتى في عز أيام قهر بيروت تحت الاحتلال وبعدها تحت التسلط والهيمنة لم يلن قلمه ولم يهادن.
حياته مسيرة طويلة من العمل الفكري والأدبي والسياسي والثقافي كلها في خدمة الوطن والكادحين امتدت له يد القوى الظلامية لتأخذه من منزله وتغتاله بشكل جبان مساء يوم 24 شباط/ فبراير 1986″ (شهداء الحزب الشيوعي اللبناني. 1980-1987. من أجلك يا وطني).
آخر مقال للشهيد سهيل طويلة في جريدة “النداء”
في الرابع والعشرين من شهر شباط/ فبراير العام 1986، ليلة اغتياله سلّم الشهيد سهيل طويلة مقالته إلى “جريدة “النداء” اللبنانية التي كانت بعنوان “ملح الأرض“،… فكان هو ملح الأرض… ملح الكلمة المقاومة المناضلة… نُشرت مقالة الشهيد سهيل طويلة في “النداء” بتاريخ 25 شباط/ فبراير 1986 عمود مع الحقيقة الذي كان يكتب فيه الشهيد سهيل مقالاته، في ما يلي نص المقال:
ملح الأرض
“دمك على كفك، أيها الشيوعي، في تنظيم العريضة من اجل الخبز، وفي التطواف بها من حي إلى حي ومن بيت إلى بيت.. دمك الخبز، أيها الشيوعي.
دمك على كفك، أيها الشيوعي، في التظاهرة من اجل الوطن والمستقبل السعيد لشعبك ولأمتك. دمك المستقبل المشع، أيها الشيوعي.
دمك على كفك، أيها الشيوعي، في امتشاقك السلاح والكفاح من أجل دحر الفاشية وقوى القهر والظلامية. دمك الديمقراطية. ولكي يبقى احمرار القرنفلة في القرنفلة وعلى وجنة الطفل، دمك كي لا يسفح الاحمرار في الشوارع وعلى الشواطئ وعلى الجدران.
دمك على كفك، أيها الشيوعي، في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية لتحرير الأرض من الاحتلال، وتبقى الأرض على جبهتك عالية الجبين باسقة الشجر الكريم. دمك الجذور والشجر والكرامة، أيها الشيوعي وملح الأرض.
دمك على كفك أيها الشيوعي، في تفانيك، في مثابرتك، في عنادك على أن تجمع كل القوى الشريفة، في كفاحك على أن تتوحد كل القوى في الجبهة الموحدة، وهذا الرسوخ العميق الجذور في جماهيرنا وحركتنا الشعبية.
لأنك مصر على انجاز التحرير وإسقاط اتفاق 17 أيَّار حتى النهاية، وعلى إسقاط مريديه وموقعيه ونظامه حتى النهاية، يطلقون على صدرك وعلى رأسك رصاص الاغتيال الدنيء، واهمين بذلك الاجهاز على موقعك ودورك في معركة الإسقاط هذه.
لأنك مصر على متابعة معركة التغيير الديمقراطي حتى النهاية، وعلى توفير سلامة هذه المعركة وشروطها وقواها وخطها الوطني، يحاولون اغتيالك كي تسود شريعة الغاب الطائفية والمذهبية والفاشية، وكي يضخوا بذلك رمقاً من تحرك أسود مقيت في النظام الطائفي، علهم يؤجلون من حتمية انتقاله المتسارع من الاحتضار الراهن إلى الموت الأكيد والقبر السحيق.
لأنك في قلب هذه المعركة وضمانة الانتصار فيها، يحاولون أن يوجهوا رصاص اغتيالهم وحقدهم، من خلال تسديدها إلى صدرك وجبينك، إلى كل القوى المخلصة المنخرطة في هذه المعركة من أجل تفتيتها وسحقها. وإلى كل جماهيرنا التي أعطت وتعطي كدحها ودمها وشبابها من غير حساب على طريق صياغة الوطن الجديد، الوطن العربي الجديد، الوطن الديمقراطي الجديد، المتحرر من الاحتلال الإسرائيلي ومن المشاريع والأدوات المرتبطة به، والمتحرر من الطائفية والمذهبية وكل أشكال الظلامية والفاشية والديكتاتورية والقمع.
دمك على كفك أيها الشيوعي. وضربتك، بكفك الأخرى المسددة إلى كل القوى المعادية لشعبنا والكافرة بمعركته العادلة، ضربة موجعة، ضربة محكمة، ضربة قتالة. وإلا لما لجأوا إلى هذا الأسلوب من إفراغ حقدهم الأسود”.
المفكر الشهيد
تحت عنوان “المفكر الشهيد” كتبت “هيئة تحرير مجلة الطريق” عن سهيل طويلة المفكر المناضل وخصاله ومكانته في المجلة والحياة السياسية العامة:
“سهيل طويلة لم يعد بيننا
اغتالته أيدٍ سوداء (ليل 23-24 شباط 1985) وهي تعلم انها تغتال مفكراً مناضلاً من بُناة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن بُناة الحركة الوطنية والشعبية العامة المعادية للمشروع الفاشي الطائفي التقسيمي المتحالف مع إسرائيل.
غاب سهيل، وكان يملأ مكاتب ”الطريق“ بحضوره الأنيس، الهادئ، المفكر والدافع إلى التفكير، المرح والدافع إلى المرح، والحامل لتلك البوصلة ذات المرونة اللطيفة والدقة في تحديد الاتجاه الصحيح.
وهو كان بيننا – منذ جاء ”الطريق“ مديراً لتحريرها – المفكر الجامع، والناظم لمسار العمل، والطامح إلى دفع “الطريق” باتجاه الأوسع والأشمل والأعمق، والأرحب ديمقراطية والأكثر تنوّعاً.
ناقشنا معاً الخط العام، الحالي واللاحق، للمجلة وتوافقنا على العديد من المخططات – وكان الحريص باستمرار على نقل الأفكار من فضاء التصوّر إلى مجالات العمل والتحقيق – وأقرَّينا المحاور الرئيسية لأعداد المجلة خلال العام الحالي. وحدّدنا الدراسات والتوجّهات في الأقسام الأخرى للمجلة.. ودخلنا مرحلة التنفيذ…
ولكنهم اغتالوا سهيل
ولكننا سائرون، بإصرار، في مرحلة التنفيذ. لن نقول: إن التنفيذ سيكون كما تصوّرناه مع سهيل، وأكثر! بل نقول بمرارة: لقد خسرنا بغياب سهيل، حلقات مهمة من البرنامج الفكري للمجلة هذا العام، هي دراسات سهيل نفسها، وهي حضور سهيل (الفكري – العملي) وتأثيره الفاعل والمحرك.
على ان سهيل ظلّ معنا – بالفعل – في هذا البرنامج نفسه، الحامل للكثير من أفكاره وتوجهاته وبعض طموحاته. وهو حاضر بقوة المثال: القلب المفتوح والفكر المفتوح، والتعاطي المرن، والودّ العميق، والصراحة التي لا تخفي نفسها، والأُنس الذي يغمر الآخرين بروحه العذب والصادق والصافي.. تتوّج هذا كله: روحية عدم التصرف الفردي في العمل، والشفافية التي تأخذ شكل القول الصريح دون إضمار ودون غمغمة.
من هنا هذا الإِجماع الفعلي – الشخصي والنفسي والعقلي – على حب هذا الإنسان الواضح كشمس نهار ربيعي.. فكّل واحد منا يشعر بالعمق انه خسر رفيقاً وصديقاً وأليفاً ومشاركاً له في التفكير وفي العمل.
***
سهيل لم يعد بيننا
سهيل لا يزال معنا، بنتاجه الفكري الباقي، وبثمار نضاله الطويل، وبقوة المثال.
أما البرنامج، فننفذه بإصرار، (…)” (مجلة الطريق، العدد الثاني، نيسان/ أيار (إبريل/مايو) 1986. ص.4).
أمَّا آخر مقال كتبه الشهيد سهيل طويلة في مجلة “الطريق“، فهو كان افتتاحية لعددها الذي صدر بعد اغتياله بعنوان “من دروس الانقلاب“.
وفي 26 شباط/ فبراير 1986 كتب الشهيد حسين مروة مقالة في جريدة “النداء” بعنوان: “موت الشهيد الشيوعي“، ممَّا جاء فيها:
“خليل نعوس شهيداً شيوعياً مات
وشهيداً شيوعياً مات سهيل طويلة
موت الشهيد الشيوعي موت آخر انه ليس موتاً انه موت الموت
موت الشيوعي هو التقمص من نوع آخر، انه يتقمص الحياة تواً.. لكنها الحياة الأوسع والأعمق.. حياة كل الناس الطيبين في كل شعوب العالم.. حياة كل الذين يحلمون بسعادة الإنسان الكائن على سطح هذا الكوكب/ الأرض.
يموت الشيوعي فينتشر مناراً في عيون كل الكادحين واحلامهم.
(…) كل شهيد شيوعي يتحول – لا محالة – ناراً وسعيراً يزداد بهما ضرام النار المتأججة في عمق الأعماق من ذاتنا العربية، حقداً ثورياً على كل الظلاميين والفاشيين، وكل المنحرفين والمتخاذلين.
***
(…)
يا كل شهدائنا الأبطال..
جراحنا عميقة، عميقة.. وحزننا كبير، كبير..
لكن الأعمق والأكبر من كل الجراح ومن كل الحزن هو القضية.. قضية حزبنا، أي قضية شعبنا، أي قضية أمتنا العربية، أي قضيتنا الطبقية التي تحكم وطنيتنا، وقوميتنا وأمميتنا معاً.
انها القضية الأعمق والأكبر من كل الجراح ومن كل الحزن.. وأنتم شهداؤها.. وأنتم طليعة الأبطال المناضلين لصيرورتها.. وأنتم قافلة الفداء التي تتقدم مسيرتنا إلى يومنا السعيد.. يوم النصر الحاسم”.
***
“اللهيب المقدس”
في 9 حزيران/ يونيو العام 1982، كتب سهيل طويلة مقالة في جريدة “النداء” بعنوان “اللهيب المقدس” وذلك خلال الاجتياح الصهيوني للبنان، مقالة كتبها من قلب بيروت المقاوِمة الصامدة بيروت أيقونة الصمود في مواجهة الحقد الصهيوني وممَّا جاء فيها:
“ليست ألسنة النار المشتعلة في الجنوب، الممتدة إلى لبنان كله، واحدة. ففي هذه الحمأة، في هذا الحريق الكبير، لا يصعب، إلا على من فقد الحس، بعد البصيرة، التمييز بين نار الحقد التي تتلظى منذ زمن لتأكل لبنان، وبين ومضات اللهيب المقدس وناره ونوره، يندفع بين ألسنة النار الحاقدة، يطاولها، يتعالى في وجهها، يعلن إرادة وقرار منعها من أن تأكل لبنان وتأتي عليه.
(…) وهو اللهب الذي اندلع ويندلع في وجه الغزو الصهيوني اليوم، يعلن التصميم على جعله عاجزاً عن تحقيق أهدافه مهما استباح من أرض هذا الوطن (…). فلن يطأ فيليب حبيب أرضاً مستسلمة في لبنان، بل أرضاً مشتعلة مصممة على المقاومة اليوم وغداً، مهما يكن الثمن”.
وما وطئ فيليب حبيب أرضاً مستسلمة وما استقر العدو الصهيوني في بيروت التي انطلقت منها راية إعلان انطلاقة “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” في السادس عشر من أيلول/ سبتمبر العام 1982، التي حررت بيروت من رجس العدو وفر منها وهو يصرخ بمكبرات الصوت مرعوباً مذعوراً من ضربات أبطال وبطلات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية “يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار علينا نحن منسحبون”، وبقيت جمول تلاحق العدو الصهيوني إلى أن حررت معظم الأراضي اللبنانية من رجس الاحتلال الصهيوني.
“أيتام اتفاق 17 أيار”
في 5/11/1983 كتب سهيل طويلة، في عمود “مع الحقيقة” في جريدة النداء” مقالة بعنوان “أيتام اتفاق 17 أيار” اختتمه: “اتفاق 17 أيّار” ولد ميتاً، بل هو مات قبل ان يولد، منذ قامت أول عملية للمقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأكدت ان مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والمتعاونين معه هي الأساس في المعركة الوطنية اللبنانية، وفي انقاذ لبنان وحل أزمته”.
وأسقطت القوى الوطنية اتفاق 17 أيار/ مايو… وستبقى المقاومة متجذرة في وجدان كل مقاوم فهي طمي الأرض هي اللهيب المقدس ضد الاحتلال الصهيوني والمشاريع الإمبريالية، هي درب التحرير والتغيير الديمقراطي.
في ذكرى رحيل المفكر والفيلسوف كارل ماركس
ابنة الشهيد تكتب في ذكرى اغتيال أبيها
قصة الشهيد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي: يوسف سلمان يوسف
رسالة لأهالي غزة من أرشيف المفكر الشهيد حسين مروة في عام 1957 بعنوان:” تحية إلى أهل غزة”