السودان.. حصاد العام 2024
عبثية الحرب تتجلى في أنها تدور داخل سكن المواطنين الأبرياء في أسواقهم ومدارسهم وبيوتهم وكل أماكن تجمعاتهم.
منذ يوم السابع من أكتوبر التاريخي، بدأت المقاومة الفلسطينية في الضفة الفلسطينية معركتها في إطار وحدة الساحات داخل الوطن المحتل، رغم المعوقات الكبيرة التي اعترضتها ولا تزال تعترضها، فكان أن صعدت كتائب المقاومة مقاومتها للاحتلال في مخيمات جنين وطول كرم ونور شمس وبلاطة والفارعة وعقبة جبر والجلزون والأمعري والدهيشة والعروب والفوار وفي مدن نابلس وطولكرم وطوباس وسائر المدن والقرى الفلسطينية.
في ذات الوقت صعد المستوطنون إجراءاتهم الفاشية ضد القرى الفلسطينية، بدعم من قوات الاحتلال، ووصلت الأمور إلى حد دخول المستوطنين البلدات الفلسطينية، وإطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين، وحرق منازلهم وتدمير مزروعاتهم وحرق سياراتهم وإطلاق الذخيرة الحية على المواطنين، ما أدى إلى استشهاد العديد من الشبان الفلسطينيين، كما حصل مؤخراً في قرية المغير شمال شرق رام الله، التي اقتحمها حوالي ( 1000) مستوطن مسلح بدعم من جيش الاحتلال في 12 نيسان الجاري، وتبعها في اليوم التالي اقتحام عدد كبير من القرى الفلسطينية وهي: قرية دوما جنوب نابلس، وقرية بيت اسكاريا جنوب بيت لحم، والمزرعة الغربية شمال غرب رام الله، قرية مغاير العبيد بمسافر يطا جنوب الخليل، ولاحقاً قريتي برقة ودير ديوان شرق رام الله وبقية القرى في الضفة الغربية.
أمن السلطة يسهل مهمة الاحتلال
كل ذلك تم ويتم وسط اختفاء ما يزيد عن (70) ألف مسلح من رجال الأمن في السلطة الفلسطينية في مهاجعهم، وفق تعليمات من قيادة السلطة والأجهزة الأمنية بالانزواء حال دخول قوات الاحتلال أي مدينة أو مخيم أو قرية فلسطينية، وعدم التدخل لنجدة الأهالي من اعتداءات المستوطنين، وكأن أبناء هذه القرى ليسوا من أبناء شعبهم أو ينتمون لقارة أخرى، وذلك ارتباطاً باتفاقات أوسلو ومشتقاتها التي شرعت التنسيق الأمني مع الاحتلال، وأوكلت لأجهزة الأمن قمع الشعب الفلسطيني، بحيث ينحصر سلاحها في إطلاق النار في الخلف – على حد تعبير الشاعر الكبير ” مظفر النواب”.
وفي هذا السياق نذكر بإجابة وزير الشؤون المدنية – أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية- “حسين الشيخ ” على سؤال بشأن عدم تدخل أجهزة الأمن لنجدة القرى من هجمات المستوطنين المتكررة واستباحتهم لها حين قال لصحفي في قناة الجزيرة: “هل تريدون أن يحصل للضفة ما يحصل لقطاع غزة من قتل وتدمير” متجاهلاً عن عمد حقيقة أن ما يسمى بوزير الأمن القومي الصهيوني قام بتوزيع مائة ألف قطعة سلاح على قطعان المستوطنين، من أجل استباحة القرى ودفع أبنائها للهجرة خارج الوطن.
لكن أبناء شعبنا وكتائب المقاومة في الضفة الفلسطينية، لم تستكن لدور السلطة بوصفها وكيلاً أمنياً للاحتلال، وأخذت على عاتقها مواصلة المقاومة دون الاشتباك مع أمن السلطة حرصاً منها على الدم الفلسطيني وحرمته، وفي إطار توجه بحصر المواجهات مع الاحتلال لكن هذا التكتيك النضالي لم يثن أجهزة الأمن المختصة عن مطاردة رجال المقاومة في طوباس وجنين ونابلس وطولكرم وغيرها من المدن والمخيمات الفلسطينية.
مخيم جنين وعموم الضفة تدخل معركة الطوفان
لقد تصدر مخيم جنين الثورة المشهد منذ السابع من أكتوبر الذي قدم عشرات الكوادر العسكرية دفاعاً عن المخيم، بعد أن ألحق بقوات الاحتلال ولا يزال يلحق خسائر هائلة على صعيد الجنود والمعدات، خاصة وأن أبناء المخيم والقرى المحيطة بها تمرسوا بأساليب القتال وتكتيكاته المبدعة، وأبدعوا في تطوير أسلحتهم وخاصة العبوات الناسفة ذات القدرة التدميرية الهائلة، وفي الذاكرة العبوات التي تكفلت بتدمير الآليات العسكرية الإسرائيلية إبان معركة بأس جنين.
ولم ينحصر دور كتائب المقاومة في جنين، بل واصلت بقية الكتائب دورها المقاوم في سائر أرجاء الضفة، وتمكنت في سياق حرب العصابات المتطورة من إيقاع جنود العدو في كمائن محكمة ألحقت بالعدو خسائر بشرية كبيرة، وفي ذات الوقت شهدت المناطق الوسطى والقدس والجنوبية في الضفة عمليات الأسود المنفردة، التي انطلقت في مناخ الطوفان لتنفذ عمليات وضربات موجعة جداً للاحتلال، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر عملية “حاجز الزعيم” وأكثر من عملية في حاجز النفق بين القدس وبيت لحم، والعملية النوعية التي نفذها رجل الأمن السابق شرق رام الله.
لقد ألحقت المقاومة في الضفة الغربية منذ مطلع عام 2023 ومنذ معركة طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 خسائر كبيرة في صفوف قوات الاحتلال، شملت مصرع 54 من جنود الاحتلال والمستوطنين، منهم 21 قتيلاً منذ السابع من أكتوبر، وأكثر من 550 جريحاً في إصابات متعددة خلال هذه الفترة، منهم أكثر من 205 منذ السابع من أكتوبر، كما شهدت الضفة الفلسطينية أكثر من 500 عبوة ناسفة استهدفت آليات الاحتلال في اقتحاماتها الضفة منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن.
وارتقى في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من أكتوبر وحتى العشرين من نيسان الجاري ما يزيد عن 480 شهيداً فلسطينياً، وتم اعتقال ثمانية آلاف و425 فلسطينياً، منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى 22 نيسان 2024.
مخيم نور شمس يتصدر المشهد المقاوم في الضفة الغربية
وبالأمس القريب، وعلى مدى ثلاثة أيام ابتداء من يوم الخميس الماضي 18 ( نيسان) وحتى مساء 19 (نيسان)، تصدت كتيبة مخيم نور شمس في محافظة جنين، ببسالة منقطعة النظير للهجوم الإسرائيلي، الذي استخدم خلاله الدبابات والجرافات الثقيلة والمسيرات، وتمكنت المقاومة في هذه الملحمة، من إيقاع خسائر كبيرة بقوات الاحتلال، الذي أخفى حقيقة خسائره واعترف بإصابة (9) جنود فقط، في حين استخدمت قوات الاحتلال ذات الأساليب الإجرامية في قطاع غزة، عبر تدميرها معظم بيوت المخيم وتدمير أنابيب المياه وخطوط الكهرباء وكل ما يتصل بالبنية التحتية للمخيم.
وقد ارتقى في معركة المخيم (14) شهيداً دفاعاً عن الوطن، في إطار الاندغام في معركة طوفان الأقصى، وانتصاراً لغزة العزة، لكن هذه الخسائر في صفوف المقاومة لم تفت في عضدها، بل زادتها قوةً وثباتاً وإصراراً على مواصلة الكفاح بقيادة قائد الكتيبة “أبو شجاع”.
لقد زعم الاحتلال بأنه قضى على “أبو شجاع” خلال المعركة، لكنه فاجأ الاحتلال بظهوره في شريط في “فيديو” مع مجموعة من مقاتلي الكتيبة، يعلن فيه أنه لم يستشهد بعد ويتوعد قوات الاحتلال بمزيد من ضربات المقاومة، وليطمئن الجماهير أن الكتيبة بألف خير وطالباً من الحاضنة الجماهيرية للمقاومة، بالدعاء للمقاومة حتى النصر وكنس الاحتلال من الوطن.
أبعاد معركة مخيم نور شمس
ما يجب الإشارة إليه هنا أن معركة مخيم نور شمس، انطوت على أهمية كبيرة من النواحي التالية:
1-إنها المرة الثانية بعد معركة مخيم جنين عام 2002، التي يشن فيها العدو هجوماً واسعاً ومجحفلاً على مدى ثلاثة أيام، دون أن يتمكن من تحقيق الهدف المحدد لهجومه ممثلاً بكسر إرادة المقاومة، وقطع الصلة بين المقاومة في الضفة وقطاع غزة في إطار معركة طوفان الأقصى.
2- إن معركة مخيم نور شمس، شكلت عنواناً كبيراً لوحدة الساحات، وفي إطار الانتصار لقطاع غزة الأشم، الذي كسر شوكة الهجوم الصهيو – أميركي الناتوي خلال سبعة أشهر من المقاومة الشرسة وغير المسبوقة في تاريخ حركات التحرر الوطني.
3- إن هذه المعركة الظافرة كشفت عن حجم الالتفاف الجماهيري حول المقاومة في الضفة الغربية، وقد تبدى هذا الالتفاف في جنازة تشييع الشهداء في مدينة طولكرم، التي شارك فيها عشرات الآلاف من أبناء شعبنا وهم يهتفون للمقاومة في الضفة وغزة، وهم يحملون رجال المقاومة والقائد “أبو شجاع” على أكتافهم ملوحين بشارات النصر.
4- إن هذه المعركة كشفت عزلة السلطة، وفضحت دور أجهزة أمن السلطة التي عملت على مطاردة رجال المقاومة وإجهاض عملياتهم الفدائية، وعرت قيادة السلطة أمام جماهير شعبنا من خلال الإضراب الجماهيري الذي عمَّ كافة أرجاء الضفة حداداً على أروح الشهداء، تلبيةً لنداء القوى الوطنية.
وأخيراً لا نبالغ إذ نقول إن معركة مخيم نور شمس، التي بنت على مخرجات معارك مخيم جنين وبقية مخيمات الضفة، وبنت على مخرجات المقاومة في قطاع غزة، شكلت صاعقاً لتفجير انتفاضة جماهيرية ومسلحة في الضفة الغربية، في إطار طوفانها الملتحم مع طوفان الأقصى في قطاع غزة.
عبثية الحرب تتجلى في أنها تدور داخل سكن المواطنين الأبرياء في أسواقهم ومدارسهم وبيوتهم وكل أماكن تجمعاتهم.
موقع سورية وتموضعها الدولي، ليس ملكاً لمن يجلس على كرسي حكمها، أياً تكن خلفيته؛ تموضع سورية ملك للشعب السوري الذي سيحدد هو في نهاية المطاف، اتجاه السفينة ومرساها.
إنها تحديات العام الجديد وعلى أبواب مرحلة جديدة تتشكل ملامحها في خضم التحوّلات التي تطرح أهمية المراجعة النقدية والحفاظ على الحقوق والثوابت الوطنية، والتعامل مع المتغيرات المحيطة بحذر وجدية وشعور عالٍ بالمسؤولية.
شهدت الكويت خلال الأشهر الأخيرة صدور العديد من المراسيم والقرارات بسحب الجنسية الكويتية وفَقْدها وإسقاطها عن آلاف المواطنين والمواطنات، وهي في الوقت الحاضر قد تجاوزت ١٨ ألفاً وقابلة للزيادة