السودان.. حصاد العام 2024
عبثية الحرب تتجلى في أنها تدور داخل سكن المواطنين الأبرياء في أسواقهم ومدارسهم وبيوتهم وكل أماكن تجمعاتهم.
مؤشرات عديدة تقول إن فلول “الإخوان المسلمين” يمضون قدماً في تحويل الحرب الحالية في السودان إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، فقد برزت قبل وأثناء الحرب العديد من الميليشيات المسلحة المنسوبة للجيش المختطف من فلول “الإخوان المسلمين”. اندلعت الحرب في الخامس عشر من نيسان/ إبريل من العام 2023 بين الجيش المختطف وميليشيا الدعم السريع، بهدف قطع الطريق على ثورة ديسمبر المجيدة حتى لا تحقق أهدافها في بناء سلطة مدنية كاملة وتصفية الثورة.
قبل إندلاع الحرب أنشأت إستخبارات الجيش حركة “درع البطانة” بقيادة أبو عاقلة كيكل، ثم أنشأ الناطق الرسمي السابق للقوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد حركة مسلحة باسم “درع الشمال”، ثم اندمجت الحركتان في حركة أطلق عليها “درع الوطن”. وفي الشهور الأولى للحرب انضم “كيكل” لميليشيا الدعم السريع، ثم رجع مرة أخرى للجيش، وتواتر بعد ذلك ظهور العديد من الحركات المسلحة، ففي شرق السودان ظهرت أربع حركات مسلحة تلقت تدريباً عسكرياً لمدة عام كامل داخل الأراضي الإريترية بعلم السلطات، وفي 29 تشرين أول/ أكتوبر الماضي أعلنت “الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة” بقيادة الأمين داوود، إحدى حركات شرق السودان العمل العسكري لحماية حدود الإقليم، بعد مشاورات فنية وعسكرية مع القوات المسلحة السودانية. وفي 27 تشرين أول/ أكتوبر الماضي أعلنت مجموعة مسلحة يقودها شقيقان “حسن وحسين” من عائلة أولاد قمري في شمال السودان انضم إليهم تسعة من المفصولين من القوات النظامية، أعلنت المجموعة انضمامها للقوات المسلحة. وفي ولاية الجزيرة أعلنت حركة جديدة مسلحة باسم حركة تحرير الجزيرة انضمامها للقتال مع الجيش. وفي تشرين أول/ أكتوبر الماضي أيضاً انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يتحدث فيه ناظر قبيلة المسيرية معلناً إنضمامه للحرب مع ميليشيا الدعم السريع، رداً على وعد البرهان قبيلة الشكرية تسليحها لصد ميليشيا الدعم السريع.
وكانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني أصدرت في أغسطس الماضي وثيقة بعنوان: “خمس سنوات من اندلاع الثورة عام من الحرب”، تحدثت عن أن مشروع “الشرق الأوسط الكبير” ما هو “إلَّا عملية في سياق مشروع لهيمنة إستعمارية جديدة بأدوات متطورة وملائمة لعصر الحداثة وما بعدها في نطاق العولمة الرأسمالية”. كما جاء فيها: “إنهم يدفعون السودان إلى ذات مسار التفكيك وصنع صراعات إثنية جهوية مع تغذية خطاب تحريضي يدعو للإنقسام ولنمو العصبيات القبلية والإثنية والمناطقية والجهوية”.
في السياق قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صالح محمود، إن “الصراع في السودان صراع طبقي أوصلنا لثورة ديسمبر”، وتابع هناك “قسم واسع من السودانيين يريدون التغيير الجذري على أساس التخلص من التبعية والإمبريالية والارتماء في أحضان بيوتات التمويل الأجنبي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي”. وأضاف “من أجل الحفاظ على السلطة عمل نظام الإخوان السابق برئاسة المخلوع عمر البشير إلى الإستعانة بجهات خارج القوات النظامية، لذلك ترك حماية سلطته عن طريق الجيش أو الأمن ولجأ للاستنجاد بميليشيا لحفظ النظام”. وأشار إلى أن “قوى الحرية والتغيير “قحت” وافقت على الشراكة مع المكون العسكري الذي يتكون من الجيش وميليشيا الدعم السريع، في إطار تهافت البرجوازية الصغيرة الذين يتعطشون أيضاً للسلطة حتى يكونوا وكلاء للاستعمار الجديد، وهذا ما دعا الحزب الشيوعي للخروج من تحالفات قوى الإجماع الوطني وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ”قحت”، لأن الصراع أصبح من أجل الإستيلاء على مؤسسات الدولة، لأسباب من بينها أن القوى الرجعية وقوى البيوتات التقليدية تسعى للحفاظ على امتيازاتها التاريخية التي ورثوها من الاستعمار، والذين وجدوا معاونين من البرجوازية الصغيرة التي تمثلت في”قحت”، وقوى أخرى ذهبت في نفس الإتجاه، وتجاهلوا مطالب الجماهير التي تمثلت في مواثيق ثورة ديسمبر، حيث كان الشباب الذين يناضلون من أجل تحقيق أهداف الثورة يموتون في الشوارع”.
وقال صالح محمود “إن فلول حزب “المؤتمر الوطني المحلول” تحدثوا عن بناء دولتهم التي تضم بورتسودان ومنطقة الجزيرة أي مايسمى بمثلث حمدي بالإضافة للشمالية، وهذا إتجاه أعلنوا عنه في فترات كثيرة منهم مساعد قائد الجيش الفريق ياسر العطاء”، مشيراً إلى أن تلك “عملية ترتبط بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين”. ولفت إلى أن “طرفا الحرب ينشطان في تجنيد القبائل”، مشيراً إلى “إصدار نظار ورؤساء قبائل مذكرة قالوا إنهم انحازوا لميليشيا الدعم السريع، رغم إصدار بيانات مضادة تقول إن تلك البيانات لا تعبر عنهم، ولكنه مؤشر أن هناك استقطابا للقبائل”، لافتاً إلى “أن الجانب الآخر أيضاً يقوم بتسليح قبائل بعينها، بالإضافة لمجموعات إثنية”.
وأضاف “انكشفت أهداف هذه القوى من بينها تسليح القبائل بدعاوى مختلفة ليس فقط في دارفور، بل في الجزيرة أيضاً درع البطانة بقيادة “كيكل” نموذج، وكذلك الصوارمي درع الشمال”. وتابع “هذا إتجاه واضح أن هدفه الاستعانة بالمجموعات القبلية لمساعدتهم على الحفاظ على السلطة”، وقال “إن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك جزء من هذا البرنامج، ومن هذا التسليح بالإستناد إلى إعلان المبادئ الذي وقعته “تقدم” في أديس أبابا مع ميليشيا الدعم السريع في كانون الثاني/ يناير 2024، في الجانب الآخر مجموعة الكتلة الديمقراطية التي تضم المجموعات القبلية من: دارفور، شرق السودان ووسط السودان، ويسمون أنفسهم داعمين للجيش وحرب الكرامة، كل هذه مؤشرات يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والتعايش السلمي بين السودانيين، في ظل الهشاشة السياسية الموروثة منذ فجر الاستقلال”.
وتابع “على الرغم من أن “حمدوك” كان رئيس وزراء لفترة انتقالية محدودة ذهب للتوقيع على اتفاقيات بمدى زمني أطول من الفترة الإنتقالية (25 سنة و20 سنة و15 سنة)، فاتحاً الباب أمام الرأسمالية العالمية على أساس أن الفترة القادمة يكون لها امتيازات في مجالات الاستثمارات التي لا تعود بالفائدة على الشعب السوداني”، مشيراً إلى “الديون الخارجية المتراكمة على السودان والتي نتجت عن قروض تستخدم أرباحا مركبة ومهولة، بل ذهب “حمدوك” لدفع تعويضات لجرائم الشعب السوداني لم يكن طرفاً فيها، مثل المدمرة “كول” ونسف السفارة الأميركية في نيروبي وفي تنزانيا”. وأشار صالح إلى “أن الحكومات التي استلمت السلطة بعد الاستعمار كانت من بيوتات الطوائف الدينية من الإقطاعيين وشبه الإقطاعيين كانوا وكلاء الإستعمار بإمتياز، واستخدموا مؤسسات الدولة في تكريس مصالحهم الطبقية لمراكمة رأس المال عن طريق العروض التي تحصلوا عليها من البنوك في ذلك الزمن، وأنشأوا بها مؤسسات اقتصادية ضد مصالح الطبقات العاملة”.
وقال عضو اللجنة المركزية، “إن السودانيين والأحزاب السياسية خاصة قوى التغيير الجذري يقع عليهم عبء تاريخي وسياسي وأخلاقي، بالتصدي لهذا الواقع”، داعياً “للاستفادة من العهود والمواثيق الدولية التي لها علاقة بحماية المدنيين، خاصةً في زمن الحرب في الجوانب الإنسانية إذ أن هناك 26 مليون سوداني عرضة لخطر الموت بسبب المجاعة ونقص المساعدات الإنسانية، وهناك 15 مليون مشردين بين نزوح ولجوء، وكل هذه قضايا مرتبطة ببعض خاصة وضع دارفور أكثر من 20 سنة والوضع بعد 15 أبريل يمضي إلى إكمال سنتين، وأي تجاهل لهذا الوضع من شأنه أن يخلق وضعا مهددا للأمن والاستقرار الدولي”.
عبثية الحرب تتجلى في أنها تدور داخل سكن المواطنين الأبرياء في أسواقهم ومدارسهم وبيوتهم وكل أماكن تجمعاتهم.
موقع سورية وتموضعها الدولي، ليس ملكاً لمن يجلس على كرسي حكمها، أياً تكن خلفيته؛ تموضع سورية ملك للشعب السوري الذي سيحدد هو في نهاية المطاف، اتجاه السفينة ومرساها.
إنها تحديات العام الجديد وعلى أبواب مرحلة جديدة تتشكل ملامحها في خضم التحوّلات التي تطرح أهمية المراجعة النقدية والحفاظ على الحقوق والثوابت الوطنية، والتعامل مع المتغيرات المحيطة بحذر وجدية وشعور عالٍ بالمسؤولية.
شهدت الكويت خلال الأشهر الأخيرة صدور العديد من المراسيم والقرارات بسحب الجنسية الكويتية وفَقْدها وإسقاطها عن آلاف المواطنين والمواطنات، وهي في الوقت الحاضر قد تجاوزت ١٨ ألفاً وقابلة للزيادة