انتخابات ٢٥ يناير ١٩٦٧ المزوّرة

في ديسمبر/ كانون الأول من العام ١٩٦٦ انطلقت المعركة الانتخابية لمجلس الأمة الثاني، حيث تقرر أن تُجرى الانتخابات يوم الأربعاء ٢٥ يناير/ كانون الثاني من العام ١٩٦٧، وخاضت الانتخابات قائمة موحدّة واسعة من مرشحي المعارضة الوطنية والإصلاحية تحت اسم “نواب الشعب”، ضمت مرشحي “حركة القوميين العرب” بقيادة الدكتور أحمد الخطيب وجاسم القطامي، ومرشحي “جماعة غرفة التجارة” بقيادة المرحوم عبدالعزيز حمد الصقر، ومجموعة أخرى من المرشحين الوطنيين المستقلين في مختلف الدوائر الانتخابية العشر.

وعندما اتضح أنّ قائمة “نواب الشعب” ستحرز نجاحاً مرجحاً في المعركة الانتخابية، استعدت السلطة لتزوير الانتخابات، بهدف ضمان غالبية المجلس إلى جانبها… ولم تكن المعارضة الوطنية غافلة عن هذا التوجّه الخطر فنشرت صحيفة “أخبار الكويت” اليومية المقرّبة من المعارضة، التي كان يرأس تحريرها عبدالعزيز الفليج، مقالاً افتتاحياً قبل موعد الانتخاب بأيام تحت عنوان “نزاهة الانتخابات” أشارت فيه إلى أن هناك ما ينبئ بوضوح إلى وجود استعدادات لتزوير الانتخابات، التي ستجري يوم الخامس والعشرين من يناير!

وجرت الانتخابات يوم الأربعاء ٢٥ يناير/ كانون الثاني بهدوء، ولكن ما أن انتهى التصويت مساءً حتى خيّم جو من الترقب والوجوم… حيث اقتحمت مفارز من رجال الشرطة قاعات لجان الانتخابات الفرعية في عموم الدوائر الانتخابية، واستولت على صناديق الاقتراع بحجة نقلها إلى اللجان الأصلية، وذلك في سيارات الجيب التابعة للشرطة، بمعزل عن مرافقة رؤساء اللجان الفرعية أو أي من أعضائها، ومن دون أن تُختم فتحات الصناديق بالشمع الأحمر… وجرى تسليم اللجان الأصلية صناديق بديلة تضم أوراق انتخاب مجهزة بالعدد ذاته، الذي تم الإدلاء به ولكن مع تغيير الاختيارات!

ومن طرائف ذلك التزوير الفاضح أن صندوق الاقتراع في جزيرة فيلكا، التي كانت إحدى مناطق الدائرة الانتخابية السابعة “الدسمة” تمّ نقله في طائرة عمودية “هليكوبتر” وصلت متأخرة بعد وقت غير قصير من وصول مندوبي المرشحين، الذين قدموا من الجزيرة على متن سفينة خشبية “لنج” ونزلوا في فرضة الميناء القريبة من قصر السيف وانتقلوا بالسيارات إلى مقر اللجنة الأصلية في “الدسمة”… وبالتأكيد لم تكن اللنج شبيهة بالسلحفاة، التي حثت المسير، ولا كانت طائرة الهيلوكوبتر ذلك الأرنب المتباطئ في قصة الأطفال الشهيرة!

ولعلّه لم يسلم من التزوير سوى صندوق الفيحاء في الدائرة السادسة، بسبب إصرار المرشحين على اصطحاب الصندوق.

وكرد فعل على التزوير استقال سبعة من المرشحين الفائزين في الانتخابات، ورفضوا حضور جلسات المجلس المزوّر، وهم: خالد المسعود الفهيد – الفائز عن الدائرة الخامسة “كيفان”، الذي كان وزيراً للتربية في الحكومة المشرفة على الانتخابات المزوّرة، وكذلك عبدالعزيز حمد الصقر، ومحمد عبدالمحسن الخرافي، ومحمد يوسف العدساني، وعبدالرزاق الزيد الخالد، وعلي عبدالرحمن العمر، وراشد الفرحان.

وأصدر المرشحون الوطنيون بياناً فضحوا فيه التزوير… وفي اليوم التالي شهدت منطقة الفيحاء تجمعاً شعبياً حاشداً أمام ديوان المخيزيم الواقع على الدائري الثالث وذلك احتجاجاً على التزوير، وكان المحتشدون متأهبين للسير في مظاهرة، ولكن الدكتور أحمد الخطيب طلب من الجموع التفرق، وذلك ضمن اتفاق عام بين مرشحي قائمة “نواب الشعب”.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

أساليب مبتكرة للمقاومة الفلسطينية في مرحلة الهرولة للتطبيع

كان خروج مصر من معادلة الصراع العربي – الصهيوني بشكل كامل عام 1978، بتوقيع الرئيس السادات معاهدة الصلح المنفرد مع “إسرائيل”، واندفاعه إلى حظيرة التبعية لأميركا، عاملاً رئيسياً في تغير الظروف الإقليمية لصالح العدو الصهيوني. وشهدت نهايات السبعينات وما تلاها تغيرات دولية في اتجاه هيمنة القطب الواحد الأميركي.

الثورة الجزائرية الخالدة ” نبراساً لمقاومة الاستعمار والظلم”

كان صدى الثورة الجزائرية في الفاتح من نوفمبر عام 1954 يدوي في كل مكان من هذا العالم ضد الظلم والاستبداد الاستعماري، لاسيما أن هناك العديد من الشعوب ما زالت تحت نير الاستعمار الغربي، الذي كان يعم مناطق كثيرة في العالم، خاصة المستعمرات الفرنسية على وجه التحديد في إفريقيا، حيث أن الثورة الجزائرية أشعلت لهيب العنف الثوري ضد المستعمر كخيار مبدئي واستراتيجي للحصول على الاستقلال الكامل والحرية