الرفيق فهد:”… أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق”

الرفيق فهد، بهذا اللقب الحزبي اشتهر مؤسس الحزب الشيوعي العراقي: يوسف سلمان يوسف، الذي ولد في العام 1901 واستشهد بعد تنفيذ حكم الإعدام به شنقاً حتى الموت في ليلة 14/15 فبراير “شباط” من العام 1949 قبل ستة وسبعين عاماً، حيث هتف قبيل إعدامه: “الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق”.

شارك في بداية ثلاثينات القرن العشرين في تأسيس “لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار”، وهي نواة الحزب الشيوعي العراقي إلى جانب رفاقه من المؤسسين الأوائل، وسافر بعدها إلى الاتحاد السوفياتي للدراسة في “مدرسة كادحي الشرق”، وتولى بعد عودته إلى العراق في يناير “كانون الثاني” من العام 1938 عملية استكمال تأسيس الحزب وقيادته سياسياً وتنظيمياً، وقد أصدر الحزب الوليد جريدته “كفاح الشعب”، وجمع بين شكلي النضال العلني والسري وذلك في مواجهة الهيمنة الاستعمارية البريطانية على العراق وسطوة نظام الحكم الملكي التابع.

وواجه بحيوية وثباب المصاعب الموضوعية والذاتية التي جابهت عملية تأسيس حزب شيوعي في بلد متخلف واستبدادي وشبه مستعمر، ناهيك عن التقلبات الشديدة التي مرّ بها العراق حينذاك، والانقسامات التي شهدها الحزب في بدايات عمله، حيث أعاد الشهيد يوسف سلمان يوسف بناء الحزب الشيوعي العراقي ووطّد وحدته على أسس سياسية وتنظيمية جديدة، فأصدر جريدته “الشرارة” في فبراير “شباط” من العام 1941، وبعدها “القاعدة”، ثم تولى الإشراف على عقد الكونفرنس الأول للحزب في مارس “آذار” من العام 1944، ثم المؤتمر الوطني الأول للحزب في مارس “آذار” من العام 1945، الذي أقرّ ميثاقه الوطني ونظامه الداخلي وانتخب قيادة جديدة له، تولى فيها منصب سكرتير عام الحزب، وشاركه في القيادة عدد من المناضلين بينهم رفيقاه الشهيدان زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي.

 وتحت قيادته توسع نشاط الحزب الشيوعي العراقي وتنظيمه وزاد عدد أعضائه وكوادره وتحوّل إلى قوة سياسية رئيسية قائدة للنضالات الوطنية والديمقراطية والاجتماعية، فيما التفت حوله جماهير شعبية واسعة من العمال والفلاحين.

صورة من كتاب صادر عن مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد عام ١٩٤٩

واستفاد الحزب الشيوعي العراقي تحت قيادته من ظروف الانفراج السياسي النسبي، التي تشكلت في العراق عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ووجّه الشهيد رفاقه في الحزب بالتعاون مع العناصر الديمقراطية والتقدمية إلى تأسيس “حزب التحرر الوطني” كحزب علني، ولكن السلطات رفضت إشهاره.

كما كان للحزب الشيوعي العراقي بقيادة الشهيد دور مشهود في التصدي للحركة الصهيونية ومؤامراتها على فلسطين، وبادر الحزب بتوجيه من الشهيد إلى تشكيل “عصبة مكافحة الصهيونية” وتسيير المظاهرات الشعبية المناهضة للصهيونية.

وأصدر عدداً ليس قليلاً من الكراسات المتصلة ببناء الحزب وبالنضال الوطني والديمقراطي والاجتماعي من أشهرها “حزب شيوعي…لا اشتراكية ديمقراطية”، وكراس “مستلزمات كفاحنا الوطني”، وكراس “البطالة، أسبابها وعلاجها”، وكراس “قضيتنا الوطنية”، وغيرها من الوثائق والكتابات، التي تم جمعها في كتاب صدر في العام 1976 عن دار الفارابي في لبنان ودار الطريق الجديد في بغداد.

صورة عن حكم الإعدام

وفي غمرة نضاله المتشعب تم اعتقاله ليلة 18 يناير “كانون الثاني” من العام 1947، وتمت محاكمته هو ورفاقه وصدر ضده الحكم بالإعدام أول مرة في صيف ذلك العام، ثم استبدل بالسجن المؤبد، ثم جرت محاكمته مرة أخرى في 10 فبراير “شباط” من العام 1949 بتهمة قيادة الحزب الشيوعي العراقي من داخل السجن، وصدر الحكم عليه بالإعدام من المجلس العرفي العسكري الأولي الذي كان يرأسه عبدالله رفعت النعساني، وتم تنفيذ الحكم الجائر ليلة 14/15 فبراير “شباط” من العام 1949 ليختم حياته القصيرة في ساحات النضال من أجل تحقيق شعاره الأثير، الذي صاغه في حياته: “وطن حر وشعب سعيد”.

Author

اقرأ المزيد من المقالات ذات الصلة

هذه تحيتي الثانية إليكِ..

رسالة لأهالي غزة من أرشيف المفكر الشهيد حسين مروة في عام 1957 بعنوان:” تحية إلى أهل غزة”

لينين وجانب من نتاجه الفلسفي

خاضَ لينين معركة فلسفية ضد المثالية ومحاولات استخدامها للاكتشافات العلميَّة، وفق تأويلها المثالي لها، لدحض الفلسفة الماركسية. في معركته الفلسفية أظهرَ لينين الارتباط المادي الديالكتيكي بين الفلسفة والسياسة، والخلفية السياسية للهجوم على الفلسفة الماركسية – اللينينية، والأبرز في ذلك يكمن في عمق اطلاعه على النتاج الفلسفي في تلك الحقبة التاريخية وردِّه الفلسفي العميق عليها.

انتخابات ٢٥ يناير ١٩٦٧ المزوّرة

عندما اتضح أنّ قائمة “نواب الشعب” ستحرز نجاحاً مرجحاً في المعركة الانتخابية، استعدت السلطة لتزوير الانتخابات، بهدف ضمان غالبية المجلس إلى جانبها…